رئيس التحرير
عصام كامل

أنصار الرشوة حلال!

فى التسعينيات سافرت إلى إحدى الدول العربية الخليجية، وهناك رفضت أن أتلقى هبة مالية من وزير الإعلام بها فأثار ذلك ضيق الزملاء الذين رافقونى فى هذه الزيارة، معتبرين أننى ارتكبت خطأ من وجهة نظرهم مرددين تبريرات عديدة لقبولهم هذه الهبة المالية، أكثرها استهبالا أن النبى قبل الهدية!.. وعندما عدت كتبت مقالا فى مجلة المصور بعنوان (الرشوة حلال!) أسخر فيه من تبريرات هؤلاء السخيفة التى تسوِّغ لهم قبول هذه الهبة المالية.


تذكرت ذلك وأنا أتابع خبر آخر أعمال هيئة الرقابة الإدارية والمتمثلة فى ضبط رئيس شركة حكومية بعد أن تلقى رشوة مقدارها ثلاثة ملايين جنيه.. فإن هناك بيننا من يبرر لنفسه تلقى وقبول الرشوة فى أشكالها المختلفة، سواء كان مقدمها فى الخارج أو الداخل.. وهذا سبب استمرار جرائم الرشوة والمتهم فيها مسئولون كبار يغامرون بسمعتهم وسمعة أسرهم وأيضاً بمناصبهم.. فهم، رغم المغالاة فى ظواهر التدين لا يعتبرون الرشوة حرام!.. لذلك لا يترددون فى قبولها..

وهذا ينطبق على المتهمين فى القضايا الكبيرة للرشوة أو القضايا الصغيرة.. بل هناك، البعض فى المجتمع يحاولون تعميم نهج الرشوة والفساد حتى بين صغار الموظفين، ويطلقون على هذه الرشاوى أسماء تدليل لها، أشهرها الشاى.. وهناك موظفون يعتبرونها حقا مكتسبا لهم ووسيلة لزيادة دخولهم.

وهنا نستنتج أن هذه الجرائم لن تقل فى مجتمعنا حتى لو نشطت أكثر هيئة الرقابة الإدارية كما كان الحال قبل سنوات مضت، وأن الأمر يحتاج لما أكثر من المواجهة القانونية، وهى ضرورية بالطبع.. يحتاج لما يتندر عليه البعض للأسف الشديد باستخفاف غريب، وهو إعادة بناء الإنسان المصرى من خلال الترويج لمنظومة قيم إيجابية المجتمع.    
الجريدة الرسمية