رئيس التحرير
عصام كامل

ليلة القدر عند العامة والخاصة

في ليلة مباركة ميمونة من شهر رمضان الكريم المبارك سميت بليلة القدر عند بعثة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وبدء تكليفه بالرسالة أنزل الله تعالى أول آيات كتابه الكريم وقرآنه العظيم. يقول عز وجل (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).


وليلة القدر أعظم ليالي الدهر ففيها تتنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر وهي سلام حتى مطلع الفجر.. وعن ليلة القدر يحدثنا أحد العارفين بالله تعالى فيقول: هي ليلة وترية تلتمس في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وهي كما قال الله تعالى عنها  {خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، إعتاد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله قيامها بالصلاة وقراءة القرآن وذكر الله تعالى والدعاء وأمر بذلك.. وأفضل الدعاء فيها “اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا”..

ليلة خاصة
وهي ليلة يتجلى الله عز وجل فيها بالمغفرة والرحمة والعطاء.. وهي ليلة خاصة لمن أحياها من عامة المسلمين يخص فيها بالعطاء والفضل.. وأما خاصة أهل الإيمان والإحسان من أهل محبة الله وولايته فكل لياليهم  ليالي قدر..

فسئل من هم صفهم لنا؟ قال: هم قوم ذكروا الله عز وجل بقلوبهم تعظيما لربهم عز وجل، لمعرفتهم بجلاله، فهم حجج الله تعالى على خلقه، ألبسهم النور الساطع من محبته، ورفع لهم أعلام الهداية إلى مواصلته، وأقامهم مقام الأبطال لإرادته، وأفرغ عليهم الصبر عن مخالفته، وطهر أبدانهم بمراقبته..

وطيبهم بطيب أهل مجاملته، وكساهم حللا من نسج مودته، ووضع على رءوسهم تيجان مسرته، ثم أودع القلوب من ذخائر الغيوب فهي معلقة بمواصلته، فهمومهم إليه ثائرة، وأعينهم إليه بالغيب ناظرة.

 قد أقامهم على باب النظر من قربه، وأجلسهم على كراسي أطباء أهل معرفته، ثم قال: إن أتاكم عليل من فقري فداووه، أو مريض من فراقي فعالجوه، أو خائف مني فآمنوه، أو آمن مني فحذروه، أو راغب في مواصلتي فهنئوه، أو راحل نحوي فرودوه، أو جبان في متاجرتي فشجعوه.. أو آيس من فضلي فعدوه، أو راج لإحساني فبشروه، أو حسن الظن بي فباسطوه، أو محب لي فواظبوه، أو معظم لقدري فعظموه، أو مستوصفكم نحوي فأرشدوه، أو مسيء بعد إحسان فعاتبوه، ومن واصلكم في فواصلوه، ومن غاب عنكم فافتقدوه، ومن ألزمكم جناية فاحتملوه، ومن قصر في واجب حقي فاتركوه، ومن أخطأ خطيئة فناصحوه، ومن مرض من أوليائي فعودوه، ومن حزن فبشروه، وإن استجار بكم ملهوف.

أفضل جزاء
يا أوليائي.. لكم عاتبت، وفي إياكم رغبت، ومنكم الوفاء طلبت، ولكم اصطفيت وانتخبت، ولكم استخدمت واختصصت، لأني لا أحب استخدام الجبارين، ولا مواصلة المتكبرين، ولا مصافاة المخلطين، ولا مجاوبة المخادعين، ولا قرب المعجبين، ولا مجالسة البطالين، ولا موالاة الشرهين.

يا أوليائي.. جزائي لكم أفضل الجزاء، وعطائي لكم أجزل العطاء، وبذلي لكم أفضل البذل، وفضلي عليكم أكثر الفضل، ومعاملتي لكم أوفى المعاملة، ومطالبتي لكم أشد المطالبة، أنا مجتني القلوب، وأنا علام الغيوب، وأنا مراقب الحركات، وأنا ملاحظ اللحظات، أنا المشرف على الخواطر، أنا العالم بمجال الفكر، فكونوا دعاة إلي، لا يفزعكم ذو سلطان سوائي، فمن عاداكم عاديته، ومن والاكم واليته، ومن آذاكم أهلكته، ومن أحسن إليكم جازيته، ومن هجركم قليته.
الجريدة الرسمية