رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا تتظاهر الشعوب ضد الحكومات المنتخبة ديمقراطيا؟!


تساءل المحلل السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية "بول بيلار" عن سبب ثورة الشعوب ضد الحكومات التي يتم انتخابها ديمقراطيا.

والحقيقة المحلل السابق "بول بيلار" وجه تساؤله عما يحدث في تركيا والبرازيل، كما أنه فرض تساؤلا آخر يمكن تطبيقه في كل من مصر وإسرائيل وروسيا وتشيلي والولايات المتحدة.. قائلا: "إن الحكومات التي تتظاهر شعوبها ضدها تم انتخابها بشكل حر وديمقراطي، لذا لماذا تضطر الشعوب للنزول إلى الشوارع على الرغم من توافر الانتخاب عبر صناديق الاقتراع؟!".


هذا التساؤل مهم للغاية، والإجابة عليه، من وجهة نظري، هي "تقارب بين الظواهر الثلاث"، الظاهرة الأولى هي "صعود وانتشار الديمقراطيات غير الليبرالية "الأكثرية" كما هو الحال في روسيا وتركيا وحاليا في مصر"، حيث إننا شهدنا مظاهرات حاشدة للتعبير عن الاحتجاج ضد "الأغلبية" -أي الأحزاب الحاكمة التي تم انتخابها ديمقراطيا (أو نوعا ما كما هو الحال في "روسيا") ولكنهم يرون أن انتخابهم يتيح لهم أن يفعلوا ما يريدون حين يتولون المنصب، بما في ذلك تجاهل المعارضة والتضييق على وسائل الإعلام الإخبارية والتصرف بطرق مستبدة وفاسدة، فإذا ما كانت الديمقراطيات تعتمد فقط على حق التصويت، فلن يكون هناك أي حقوق بشكل عام وخاصة لن يكون هناك حقوق للأقليات في تلك الدول...

فالمحتجون في تركيا وروسيا ومصر لديهم شعور قوي مشترك "بالسرقة"، وهو شعور الشعوب بأن الجهة التي انتخبوها تسرق منهم شيئا أكثر قيمة من المال، ألا وهو صوت الشعب وحقه في المشاركة في الحكم".. ولا يوجد شيء يجعل الشعوب حديثي الديمقراطية يشعرون بالغضب أكثر من أن يسلب منهم حقهم الديمقراطي الذي اكتسبوه حديثا.

والعامل الثاني هو الطريقة التي يتم بها عصر الطبقة المتوسطة الكادحة بين الدولة التي تنخفض فيها الرفاهية وبين المتطلبات الكثيرة لسوق العمل.. لأن الحكام ظلوا لسنوات عديدة يقنعون الطبقة الكادحة في بلدانهم بأنهم إذا ما كدوا في عملهم فسوف يستطيعون أن ينتقلوا إلى الطبقة المتوسطة، ولكن هذا مناف لما يحدث في زمن العولمة، حيث إنه يجب عليهم أن يعملوا بكد وبطريقة أكثر ذكاء ويضفوا الابتكار على عملهم بالإضافة إلى الإلمام بوسائل أخرى تمكنهم من أن ينتقلوا إلى الطبقة المتوسطة.. مضيفا أن الكثير من الشبان يتساءلون "كيف نستطيع أن نتفوق على آبائنا؟".

وقليلون هم القادة الذين يستطيعون أن يساعدوا شعوبهم في التغلب على هذه المشاكل خلال هذا التحول، كما أنه يوجد العديد من الأحزاب السياسية في هذه الأيام التي تعتبر دمية لمختلف الائتلافات التي تدافع عنهم ضد التغيير بدلا من أن تقود مجتمعاتها صوبه.. وهذا هو ما يحدث عادة، ولكن الحال في تركيا والبرازيل وروسيا ومصر هو أن المعارضة الرسمية عقيمة، لذا فإن الشعوب تتدفق إلى الشوارع من أجل التعبير عن اعتراضها.

والحقيقة أن انتشار الهواتف الذكية، وأجهزة "التابلت"، وموقع المدونات الصغيرة "تويتر"، وموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بالإضافة إلى المدونات ساعدت الأفراد الذين يشعرون بالاضطهاد في الولوج إليها ومطالبة قادتهم بالولوج إليها من أجل خلق حوار بين الطرفين.. علاوة على ذلك فإن كل تلك الوسائل توفر للشعوب الفرصة لمشاركة الآخرين وجهات نظرهم من أجل تنظيم احتجاجات جديدة.

نقلا عن نيويورك تايمز.
الجريدة الرسمية