رئيس التحرير
عصام كامل

ما حدود القوامة بالأسرة المسلمة في ظل مستجدات العصر؟

الدكتور أحمد الطيب
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
تُثار هذه الأيام فى ظل مناقشات قانون الأحوال الشخصية الجديد كلمة القوامة وهى لمن وهل تتغير مع تغير الأوضاع فى الأسرة والسؤال ما حدود القوامة فى نظر الشرع فى ظل التطورات فى الأحوال المعيشية فى العصر الحديث؟


وأجاب الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر قائلا: قوامة الرجل على المرأة حقّ أعطاه الله للرجل بمقتضى قوله تعالى فى سورة البقرة 228: (ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) وقوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) النساء.

الحماية والرعاية بالمعروف 

وأضاف الطيب أن المراد بالقوامة: هو القيام على أمر النساء بالحماية والرعاية وتلبية مطالب الحياة، وليس معناها القهر والاستبداد بالرأي، فهي لا تزيد عن أن للرجل بحكم أعبائه الأساسية ومسؤولياته وبحكم تفرغه للسعي على أسرته والدفاع عنها والإنفاق عليها أن تكون له الكلمة الأخيرة بعد مشورة أهل بيته فيما يحقق المصلحة له ولأسرته، 
فهي بذلك تكليف لا تشريف، وضابطها التعامل في نطاق الأسرة بما يحقق السعادة لها في حدود شرع الله؛ وفقا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم" رواه أبو داود، والترمذي من طريق عبدة بن سليمان، عن محمد بن عمرو، واللفظ له.. والله سبحانه وتعالى.

القيم الأخلاقية الإسلامية 
وأكد الدكتور علي جمعة، مفتي مصر السابق، أن القوامة لا تعني بأي حال من الأحوال أن يتحكم الرجل بها في الزوجة والأسرة، ويفرط في بقية القيم الأخلاقية الإسلامية، فيكون الرأي في الأسرة استبدادا وتسلطا، أو يتدخل في الأمور الخاصة بزوجته كأن يتدخل في عقيدتها، فيكرهها على تغييرها أو يفتنها في دينها، أو يتدخل في تصرفاتها المالية الخاصة، مشيرا إلى أن الزوجة المسلمة لا تطيع زوجها طاعة عمياء بل تطيعه في المعروف، فإن خالف وأمر بمعصية فلا طاعة له عليها.

البعد عن المعصية  
وأضاف جمعة: إن الإسلام الحنيف قرر المساواة كمبدأ عام بين الناس جميعا‏، ‏وجعله مهيمنا تسري روحه كدعامة لجميع ما سنه وقضى به كنظام وأحكام تضبط علاقات الأفراد رجالا ونساء‏، ‏ وكان من تقديره لقيمة الإنسانية المشتركة بين الجميع تكريم الجنس البشري بنوعيه دون تمييز بين رجل وامرأة‏ إلا على أساس التقوى والعمل الصالح، فالرجل والمرأة من العنصر نفسه، خلقهما الله زوجين متجاذبين حتى يخلق من اجتماعهما نسلاً جديداً، وكرم الله عز وجل الرجل والمرأة بالتكليف دون تمييز، وترتيب الثواب والعقاب على الطاعة والمعصية، فهما متساويان في الجزاء والمؤاخذة، وساوى سبحانه بين الرجل والمرأة على مستوى الحقوق، وأما على مستوى التكريم والإحسان، فقد أوصى الشرع الشريف الرجل برعاية المرأة زوجة كانت أو أما أو أختا، ونهى عن ظلم المرأة أو الجور على حقوقها المادية أو المعنوية. رحمة ومودة.

وأوضحت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن القوامة في الإسلام هي قوامة رحمة ومودة، ولو كان في الأمر استبداد وتسلط من الرجل على المرأة لكان يحق للرجل أن يمد يده إلى مال زوجته أو يمنعها من أن تتاجر بمالها، أو أن يجبرها على تغيير دينها، والمعروف أن الإسلام أباح للمسلم أن يتزوج النصرانية واليهودية، مع احتفاظ كل منهما بدينه.

المكلف 
بالإنفاق 

 
وأكدت الدكتورة سعاد أن هذه القوامة مبنية على ضرورة وجود رأس مدبر لكل مجموعة من الأفراد، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم"، وإلا سادت الفوضى وحل الخراب في هذه المجموعة، والرجل هو الأقدر على تحمل هذه المسؤولية بسبب تكوينه النفسي والبيولوجي الذي يجعله أكثر قدرة على تحمل المصاعب، بينما المرأة المفطورة على الرقة والحنان تكون، في الغالب، أضعف في مواجهة الصعوبات التي تتعرض لها الأسرة، إضافة إلى ذلك، فإن هذه القوامة مبنية على أن الرجل هو المكلف بالإنفاق على الأسرة.

مسئولية وتكليف 
 

وتابعت: القوامة مسؤولية وتكليف، ويجب ألا ينظر أحدنا أبدا إلى جانب التشريف ويترك جانب التكليف، لأن هذا فيه خروج عن حدود الله سبحانه وتعالى، فالقوامة معناها أنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأسرته، فإذا امتنع عن النفقة، فَقَد شرطا مهما من شروط الطاعة، طاعة الزوجة لزوجها التي حث الله عليها، وحث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، جعلها من موجبات الجنة للمرأة.
الجريدة الرسمية