رئيس التحرير
عصام كامل

مدرسة الإذاعة

تربينا منذ الصغر على الإذاعة وبرامجها الجميلة.. حب الخير.. كراهية الشر.. قبول الآخر.. التسامح.. التدين الوسطي.. الأغاني الهادفة.. القيم الشرقية.. العادات والتقاليد.. احترام الكبير.. العطف على الصغير وذي الحاجة.. الحمد والثناء وشكر النعم.


كان هناك برنامج "غنوة وحدوتة"، للمبدعة فضيلة توفيق.. و"على الناصية" للمثقفة آمال فهمي.. و"الغلط فين" للقدير علي فايق زغلول.. و"ربات البيوت" للأستاذة صفية المهندس، و"كلمتين وبس"، للرائع فؤاد المهندس. واكتسبنا ثقافة لغوية هائلة عبر "لغتنا الجميلة"، لأستاذ الأجيال فاروق شوشة.

لا يمكن أن ننسى أصوات: صبري سلامة.. حسن عبد الوهاب.. سعد الغزاوي.. وغيرهم كثيرون من أجيال العظماء الخالدين. جيلنا كان محظوظا بالاستمتاع بجمال "ألف ليلة وليلة" للعظيم طاهر أبو فاشا، ثم عباس الأسواني.. و"غنوة وحدوتة".. و"عمو حسن" في الشرق الأوسط..
بالطبع كان البرنامج العام مسيطرا، ولكن مع الوقت أخذت إذاعات "الشرق الأوسط"، و"الشعب"، و"صوت العرب" تستقطب ملايين المستمعين.

وجاءت حرب أكتوبر 1973، ليتصدر برنامج "صوت المعركة" للقدير حمدي الكنيسي، قائمة أولوياتنا السماعية. كنا نصحوا على جملته الشهيرة، وطريقة نطقه لكلمة "صوت المعركة"، وكلمات الرئيس أنور السادات، رحمه الله، "لكن سلاحنا وقتالنا ليس سلاح وقتال العدوان، وإنما هو سلاح وقتال الحق والحرية".

دروس من "أمير الصحافة" (5)

تمثيليات البرنامج العام في الخامسة والربع يوميا، والتي كانت تستمر لمدة شهر، كونت خيالاتنا الصغيرة، ومع مسلسل السادسة وخمس دقائق سرحت عقولنا الغضة حتى وصلت إلى أبعد الآفاق. ومع مرور الأيام، وعلى وقع السنون، تابعنا أصوات القراء العظام؛ محمود خليل الحصري.. مصطفى إسماعيل.. عبد الباسط محمد عبد الصمد.. محمد رفعت.. محمد صديق المنشاوي.. عبد العظيم زاهر.. إبراهيم الشعشاعي.. عبد الفتاح الشعشاعي.. أبو العينين شعيشع... وغيرهم.. في البرنامج العام، وصوت العرب.. أما الشرق الأوسط فكانت حكرا على الشيخ رفعت وحده. وذلك حتى تم إنشاء إذاعة القرآن الكريم فى مارس 1964.

من الإذاعة تعلمنا كيف ننطق الفصحى السليمة، وأحببنا الشعر، وتذوقنا الموسيقى، والكلمات الراقية. ثقافتنا، وأسلوبنا في التعامل، والتعاطي، استقيناها من الإذاعة.. فكانت قمة في الرقي والتحضر.. كأعلى المدارس.. بل وأعظم الجامعات.
كان من الطبيعي أن تتأثر الإذاعة بتغول التليفزيون، لا سيما بعد انطلاق الفضائيات.. لكنها ما زالت صامدة، بل وخرجت ألوان جديدة وشبابية ومتخصصة من الإذاعات، ولم تندثر أمام التحديات.

أحيانا أجد لزاما علينا أن نوجه الفضائيات للاستعانة بكفاءات وخبرات الإذاعة، العامرة بمذيعين ومذيعات يفوقون مقدمي البرامج على الفضائيات بمراحل؛ في الثقافة، والحضور، والقبول، والشياكة، واللباقة....
الجريدة الرسمية