رئيس التحرير
عصام كامل

قضيتان رئيسيتان


قضيتان رئيسيتان فشل فيهما الدكتور محمد مرسى، بالإضافة إلى قضايا أخرى كثيرة (هيكلة وزارة الداخلية، العدالة الانتقالية، العدالة الاجتماعية، الأزمة الاقتصادية.. إلخ).. القضية الرئيسية الأولى هي قضية وحدة الشعب المصرى، والثانية هي قضية ماء النيل.


من المؤكد أن الشرخ الذي أحدثته التعديلات الدستورية في ١٩ مارس ٢٠١١ كان نقطة البداية، وهى انقسام المجتمع المصرى إلى فسطاطين؛ فسطاط يرفع اللافتة الإسلامية وآخر يستظل بالراية المدنية، بغض النظر عن الوزن النسبى لكل منهما، منذ ذلك التاريخ والشرخ يتسع ويتعمق والمجتمع أخذ في الانقسام لكن ما أحدثه "الإعلان الدستورى" الذي أصدره الدكتور مرسى في ٢١ نوفمبر ٢٠١٢ من انقسام فاق أي تصور، إذ لم يقف الشرخ عند حد اختلاف الرؤى والأفكار والأيديولوجيات، وإنما تجاوزه إلى الاحتراب الأهلي، والعنف المجتمعى، وأعمال القتل والخطف، والانتهاكات البشعة لحقوق الإنسان، ناهينا عن ضياع دولة القانون.

عقب صدور "الإعلان الدستورى"، تداعت فصائل المعارضة (الليبرالية، والقومية، واليسارية) لتشكيل ما سمى بجبهة الإنقاذ، لكنها فشلت في التعامل مع السلطة الحاكمة، ووصل الأمر بينهما إلى تبادل الاتهامات الشديدة والقاسية، وبالتالى فقدان الثقة بين الطرفين، وهو ما أدى إلى وقوع المجتمع في هاوية الإحباط وضياع الأمل.

وإزاء ذلك ظهرت على السطح فكرة حملة "تمرد" التي انتشرت في وسط الجماهير على مختلف شرائحه بسرعة مذهلة، لدرجة أن عدد المتجاوبين مع الحملة تجاوز ١٥ مليونا، وهو ما أقلق السلطة الحاكمة ومؤيديها.. تلخصت أهداف الحملة في أمرين؛ سحب الثقة من الدكتور مرسى، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. وقد وضعت حدا لذلك ٣٠ يونيو.. وقد سارع المؤيدون للدكتور مرسى إلى مواجهة ذلك بالتظاهرات بدعوى الدفاع عن الشرعية، سواء في القاهرة أو في بعض المحافظات.. ولا يخفى علينا ما وقع بين الفريقين (المؤيد والمعارض) من اشتباكات واعتداءات ووقوع قتلى ومصابين، وهو ما لا يبشر بخير وينذر بعواقب وخيمة.. من المؤكد أن هناك من يصيد في الماء العكر، ويحاول اهتبال الفرصة للإيقاع بين المؤيدين لمرسى والمعارضين له.

في تصورى أنه لن يفوز أي من الفريقين على الآخر بالضربة القاضية.. وحتى لو أجريت انتخابات رئاسية مبكرة وأدت إلى فوز واحد من غير "الإسلاميين"، فسوف تبقى الحلقة الجهنمية مستمرة وقائمة، القضية الكبرى هي كيف يمكن أن يحدث التعايش بين أصحاب المرجعيات المختلفة، هذه هي مسئولية الدكتور مرسى بالدرجة الأولى، لكنه للأسف فشل في تحقيقها.

القضية الثانية هي قضية مياه النيل، والتي لم تنل حظها ولا نصيبها من الاهتمام، بل العكس هو الذي حدث، ولعل اللقاء الهزلى والعبثى الذي جرى في قصر الاتحادية مع بعض رموز المعارضة وفى حضور الدكتور مرسى كان كاشفا.

إن قضية مياه النيل ليست قضية عادية ولا فرعية ولا هامشية يمكن أن نغض الطرف عنها أو أن نؤجلها، هي قضية حياة مصر والمصريين، بالأمس واليوم وغدا، وإلى أن تقوم الساعة، وأن يتم التعامل معها على هذا النحو يؤكد على أننا سائرون إلى وضع مأساوى، ونسأل الله السلامة.
الجريدة الرسمية