رئيس التحرير
عصام كامل

فائزة رفسنجاني والإفك الإيراني

أتابع بإعجاب كبير البرلمانية الإيرانية السابقة والناشطة السياسية فائزة رفسنجاني، ابنة الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وصاحبة مجلة "المرأة" النسائية الأولى من نوعها في الجمهورية الإسلامية. لم تأبه فائزة بالحُكم عليها بالسجن 6 أشهر في العام 2011، وحرمانها 5 سنوات من مزاولة الأنشطة السياسية والثقافية والصحافية، بتهمة "الدعاية ضد النظام ومهاجمته"، وظلت على قناعتها منحازة للعامة ضد النظام بمن فيه شقيقها محسن رفسنجاني رئيس مجلس بلدية طهران والمرشح الإصلاحي المحتمل للانتخابات الرئاسية المقبلة.


في وقت تبدي فيه إيران يوميا الشماتة في الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، وترحب بانتخاب جو بايدن، لعمق علاقة الملالي مع الديمقراطيين، غردت فائزة خارج السرب، في مقابلة مع موقع "إنصاف نيوز" الإصلاحي، بمناسبة الذكرى السنوية لوفاة والدها ومرور سنة على مقتل قاسم سليماني، هاجمت خلالها قائد "فيلق القدس" الذي اغتالته أميركا، وسياسة المقاومة الإيرانية، وتمنت لو فاز ترامب في الانتخابات، ما وضعها في مرمى الانتقادات!.

عودة مؤامرات ثنائي الخراب

تقول فائزة، إن "تدخل إيران في الحرب السورية خلّف 500 ألف قتيل، وان والدها عارض مشاركة إيران في تلك الحرب، فبعد انتهاء ولايته الرئاسية، شغل منصب رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، وجاءه قائد فيلق القدس قاسم سليماني، يستشيره في الذهاب إلى سورية لدعم بشار الأسد العام 2011، لكن الوالد عارض دخول إيران في الحرب، ونصحه بعدم الذهاب وكان على حق لأنه يتمتع بذكاء وبعد نظر".

وتساءلت فائزة منتقدة في الوقت ذاته سياسة الملالي: "ماذا استفدنا من تصرفات سليماني وسياستنا المقاومة؟.. ماذا جنينا منها في الاقتصاد والحريات والسياسة الخارجية؟، الحقيقة أن سياسة المقاومة لم تترك لنا شيئا لنفخر به، بل أدت إلى فقداننا أصدقاءنا، وأصبحت سياستنا الخارجية تشبه السياسة الداخلية، حيث تحول المؤيدون إلى منتقدين، ثم تبدل المنتقدون إلى معارضين".

وتمنت فائزة "لو كان الرئيس ترامب ربح الانتخابات الأميركية الأخيرة، لكي يستمر في الضغط على النظام لتغيير سياسته تجاه الشعب الإيراني".

أثارت تصريحات فائزة صدمة في إيران، لاسيما في أوساط المحافظين الذين جندوا وسائل إعلامهم، للرد عليها ومهاجمتها فيما يخص الانتخابات الأميركية، وتجاهلوا انتقادها قاسم سليماني وسياسة المقاومة المزعومة، حتى ان أحدهم ويدعى إبراهيم سلطانيان، دعا إلى "بيع فائزة رفسنجاني إلى داعش، كي تدرك الإنجاز الذي حققه سليماني". بينما طالبت فاطمة موسوي بمحاكمة لأنها "تجاوزت المسموح وأهانت حبيب قلوبنا الشهيد قاسم سليماني".

واعتبر جابر خرمنيا أن "فائزة أظهرت أن الإصلاحيين قلقون من هزيمة ترامب أكثر من غيرهم، كانوا يأملون استمرار الضغط والعقوبات حتى تستسلم إيران". ورأى جواد آغائي أن "ما فعله الحاج قاسم سليماني لإيران، يشكل مصدر ازعاج لكارهي الثورة الإسلامية ومحبي الغرب وهي بتصريحاتها تلك لا تختلف عن معارضي النظام الإيراني في الخارج".

وقال سعيد نوروزي أن "تصريحات فائزة لم تصدمني، فهي شقيقة مهدي هاشمي، الذي تحالف ذات يوم مع المعارضة والغرب لمهاجمة إيران الإسلامية وانها بهذه التصريحات تعيد إلى الأذهان فكر والدها".

أما محسن هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس بلدية طهران، شقيق فائزة فلم يتطرق إلى انتقادها النظام وقاسم سليماني، وطالبها بالاعتذار، لان "ترامب لم يفعل شيئاً سوى فرض العقوبات والاغتيالات والإهانات ضد إيران، صححي كلامك واعتذري، ولا تشوهي سمعة أبيك ولا تكوني كالأجانب والمتطرفين المحليين".

استفادة إيران من اغتيال سليماني

تركت فائزة، مهاجميها من العامة ومؤيدي نظام الملالي، وردت أمس في بيان على انتقادات النظام الإيراني وتصريحات التيارين الأصولي والإصلاحي، مؤكدة "استعدادها للتضحية ودفع الثمن مثلما دفعته من قبل".

تقول فائزة هاشمي، رداً على مطالبتها بالاعتذار، "إن من يجب عليهم أن يعتذروا هم من انضموا إلى الحركة التي لعبت دورا في وصول المطالب العامة إلى مأزق، فأنا في هذا الطريق أكثر تعاطفا وجدية، لقد دفعت ثمنا كبيرا، ولا أتردد في دفع المزيد، والتضحية من أجله حتى النهاية.. تمنيت إعادة انتخاب ترامب لأن هناك مؤسسات وأفراد في بلدنا أكثر خطورة من ترامب في التنمر وعدم الالتزام بالمبادئ والقواعد واللوائح، يدفعون بالبلد إلى حافة الهاوية، من خلال الإجراءات والسياسات غير الصحيحة وعدم الكفاءة وسوء الإدارة والتزمّت...".

كما ردت فائزة، بقسوة على شقيقها محسن هاشمي، الطامح إلى رئاسة إيران: "أعطيه الحق لأنه رسم لنفسه مستقبلاً ويسعى لإزالة العقبات من طريقه، لكني ألوم من ينضمون بطريقة أو بأخرى، بشكل مباشر أو غير مباشر، من أجل مصالح أو من دونها، بفهم أو بجهل، إلى تسويات تعرقل المطالب والإصلاحات العامة، وتدمّر المصالح القومية، وتنتهك حقوق الناس، وتشكل انحرافا خطيرا عن أهداف الثورة، وتسعى للابتعاد عن الإسلام الحقيقي من أجل الحفاظ على الذات بدلاً من الحفاظ على النظام".

وفي إطلالة موازية، أعادت فائزة التذكير بما قالته الأسابيع الماضية، عن أملها في توحيد النظام الإيراني بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، "إذا كانوا حكماء، يمكنهم سماع صوت المجتمع وإحداث تغيير، فالشعب محبط من الإصلاحيين بالإضافة إلى عقبات الأصوليين، ما يمنع التغيير والإصلاح، ويكفي أنه في أحداث 2017 و2019 على وجه الخصوص، أصدر بعض الإصلاحيين المناصرين للنظام بيانات لا تتوافق مع حقائق المجتمع".

طوفان لبنان يجرف عهد إيران

وأعلنت فائزة، رفضها الحجاب الإجباري: "مثلما أخطأ رضا شاه بفرض خلع الحجاب، أخطأنا نحن أيضا بفرض الحجاب الإجباري، ومع الضغوط التي تمارس على النساء والوضع السياسي المتأزم في إيران، لم يعد نظاماً دينياً.. ولا نظاماً ثورياً".

أحرجت فائزة بشفافية تصريحاتها نظام الملالي، الغارق في الإفك والمؤامرات والمترقب دخول بايدن "البيت الأبيض"، لإعادة إتفاق أوباما النووي، الذي يمنح إيران كل شئ ويبسط هيمنتها في المنطقة، وحرمها منه الرئيس ترامب بالانسحاب في 2018، لكن تلقت إيران صدمة جديدة بعدما حذَّر وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، قبل يومين، في مؤتمر لمعهد سياسة الشعب اليهودي، من العودة إلى الاتفاق النووي.

وانتقد كيسنجر اتفاق إيران لعام 2015، الذي انسحب منه الرئيس ترامب، ويسعى الرئيس المنتخب جو بايدن للعودة إليه.
وقال كيسنجر: "ينبغي ألا نخدع أنفسنا، لا أعتقد أن روح صفقة إيران، مع وجود حد زمني للصفقة وغيرها من البنود ستفعل أي شيء بخلاف جلب الأسلحة النووية إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط وبالتالي خلق حالة من التوتر الكامن الذي سينفجر عاجلاً أم آجلاً".

ورأى كيسنجر، أن على بايدن وإدارته الاستفادة من اتفاقيات التطبيع العربية مع إسرائيل، التي نجح في عقدها الرئيس ترامب، وقال: "يجب ألا نتنازل عما تم تحقيقه في هذه الاتفاقيات بين العالم العربي وإسرائيل، وعلى الإدارة الجديدة أن تستثمر المسار الجيد الذي نحن عليه الآن".
الجريدة الرسمية