رئيس التحرير
عصام كامل

سياسة ضرب الرقاب


إقصاءٌ وبغضٌ وكراهية واستعلاء وكذب وتهديد وتخوين ووعيد وتحقير وتجهيل وتكفير ثم قتل مع سبق الإصرار والترصد، عدوانية مقيتة تسود مجتمعاتنا ولا يمكن أن يتمثل خلق المسلم الحق بخصلة منها لأن تعاليم دينه تأباها وصحيح إيمانه يرفضها، إن شيوع تلك المفاهيم العدوانية بين الناس وعلى يد من يدَّعِون إقامة الدين هو نتيجة لتاريخ كارثي طويل مسكوت عنه من فساد السلاطين المستبدين الذين ارتدُّوا عن حقيقة الإسلام لجاهليةٍ صرفة تهتم بالاستحواذ على السلطة والحكم في المقام الأول، وتتخذ من التدليس والاستخفاف بعقول الناس ومعتقداتهم بجانب إعمال السيف في الرقاب أداةً لها.


ولذلك غلَّف هؤلاء المستبدون هدفهم الدنيوي ومطمعهم في الملك بفكرة الخلافة الإسلامية ليستطيعوا تعبيد الجماهير واستلاب السلطة تحت راية الدين، حتى أنهم استخدموا طائفة من الأحاديث المنحولة لابتزاز الناس وتبرير ظلمهم وسلب حقوقهم وإيهامهم أن الدين يتمثل في ذاتهم هم كحكام، وبينما ادّعى الخليفة المقدس امتلاك الإسلام والذود عنه لم يتوانَ عن ضرب الكعبة بالمنجنيق وحرقها وهدمها في سبيل حماية سطوته وسلطته الدنيوية.

هو ذات المنهج الذي ضرب به رقاب من خالفه وقاوم سطوته بسيفه البتار، فأراق هؤلاء الجبابرة الدماء وأشاعوا القهر والذل، وعاونهم على ظلمهم واستكبارهم طابور خامس من فقهاء السلطة ومشايخ الترهيب، ودعوا الناس ليكونوا عُبَّاد السلاطين والأمراء، وبرروا ظلمهم وفسادهم وطغيانهم باسم الدين، فدمروا البنية الأخلاقية والعقلية للمجتمعات الإسلامية، التي أخذت عن المتجبرين منهج الفتك بالمعارضين بدورها، فلم تعترف للمخالفين في الرأى والسياسة والعقيدة بوجود، ولم تتعامل معهم إلا بما عاينته من حكامها من سوط وسيف، ولم تر دينها إلا من خلال الأداة التي حكم بها هؤلاء الجبابرة باسم الدين، وهو السيف الذي أطاح بالرقاب واستعلى به الحكام، فاتخذته شعارًا للإسلام، وعندما استحلت فئةٌ ضرب الرقاب في بلادنا كما فعل أسلافهم من قبل توهموا أنهم يعيشون في ذلك الماضى المظلم، ولكن فاتهم أن اليوم ليس كالأمس، وأن تاريخًا جديدًا يكتب الآن.
الجريدة الرسمية