رئيس التحرير
عصام كامل

عبدالله الصاوى يكتب: كتالوج الكاريكاتير المصري وأزمة عالم الكتاب

عبد الله الصاوى مؤسس
عبد الله الصاوى مؤسس مشروع ذاكرة الكاريكاتير

لفت انتباهي صور صاروخان ورخا وطوغان وصلاح جاهين وحجازي. على غلاف عدد فبراير من مجلة عالم الكتاب . على الفور حصلت على نسختي وبدأت أتصفح بلهفة ملف" كتالوج الكاريكاتير المصري "، باحثاً عن إضافة جديدة لي قد تكون معلومة أو رسمة أو صورة جديدة.

 

لكنني فوجئت عندما وقعت عيني على عنوان مقال الأستاذ: إيهاب مصطفى والذي حمل عنوان: رخا .. أنشأ أول جمعية لرسامي الكاريكاتير. ووجدت نفسي دون تفكير أتصل على أستاذي وصديقي العزيز الدكتور: زين عبدالهادي، رئيس تحرير السلسلة لأعاتبه على هذا الخطأ الفادح، ووجدته بذكاء بعد أن هدأت يطلب مني أن أكتب مقالاً أفند فيه الأخطاء الواردة بالملف، على أن ينشر بالعدد القادم من المجلة.


وهدفي الأساسي من هذا المقال هو تصويب ما رأيته خطأ حتى لا يلتصق بذاكرة القراء ويصبح ثوابت راسخة. وذلك دون التقليل من مجهود القائمين على العمل، ومع كامل احترامي لشخصهم الكريم، فهو فى النهاية عمل إنساني . وهنا أوجز للقارئ العزيز عددًا من الأخطاء التي وردت في ملف" كتالوج رسامي الكاريكاتير، بإيجاز في السطور التالية.


أولاً: جانب المخرج الفني الصواب فى وضعه تصميم صورة الغلاف. فكان يجب أن يبدأ بصاروخان ثم رخا، وليس رخا إلى جواره طوغان أعلى التصميم، ويضع صاروخان أسفل التصميم، فرخا تأثر في بداياته بصاروخان وكذلك طوغان وعبدالسميع، ومن ناحية أخرى يوجد صور لصاروخان ورخا وطوغان و صلاح جاهين وحجازي، أفضل من تلك بكثير كانت ستضيف بعًدا جماليًا أفضل لو تم توظيفها بشكل فني أفضل على غلاف المجلة.

 

ثانيًا: من غير المبرر والمقبول أن يتم إعداد ملف عن رسامي الكاريكاتير دون الرجوع والاستعانة بالفنان: جمعة فرحات رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للكاريكاتير الحالي؛ للاستفادة من خبراته وذكرياته مع جيل الرواد، وكذلك للاستفادة من الأرشيف المصور الذي تملكه الجمعية الكائنة بــ 47 شارع المراغي بالعجوزة، وخاصة وأن الجمعية فاعلة، وقدمت خلال العام الماضي العديد من الأنشطة والفعاليات المهمة، وتم تغطيتها من كافة وسائل الإعلام.

 

ثالثًا: كنت أتمنى أن يتم الإستعانة ببعض رسامي الكاريكاتير الأحياء - وما أكثرهم - أو حتى أسر المتوفيين منهم، للمشاركة في الملف، فمن غير المنطقي أن يتم تقديم ملف عن رسامي الكاريكاتير، غالبيته من واقع الكتابات الأرشيفية ومذكرات بعض الرسامين فقط . وفيما يتعلق بالحوار الذى تم إجراءه مع الكاتب الصحفي: وليد طوغان، فكان ينقصه أن يقرأ المحاور حياة طوغان بشكل أعمق، لكي يقدم للقارئ قراءة جديدة لمسيرة طوغان.

 

رابعًا: أغفل الملف العديد من رسامي الكاريكاتير ، الذي أرسوا دعائم هذا الفن ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الفنانين الإسباني المُتمصر: جوان سنتيس ، و الجركسي: على رفقي، وزهدي العدوي ، وعبدالسميع عبدالله وصلاح الليثي وبهجت عثمان؛ في حين نجد في الملف أكثر من مقال لفنان واحد، فهناك مقالين لكل من: رخا وحجازي وطوغان وصلاح جاهين؟!

 

خامسًا: جانب المخرج الفني الصواب أيضا  في توظيف الرسوم الكاريكاتيرية مع الكلام بشكل جيد، فمعظم الرسوم لا علاقة لها بالموضوع. فعلى سبيل المثال لا الحصر: كل الرسوم التي وردت بمقال الأستاذ: عبدالهادي شعلان، لا علاقة لها بكتاب "من أيام زمان"، الذي قدم قراءة له. ناهيك عن سوء جودة العديد من الصور، علمًا بأن في مثل هذا النوع من الملفات تشكل الصورة؛ عصب الموضوع، وتختزل مئات الكلمات.

 

سادسًا: قدم الأستاذ السيد نجم عرضًا شيقًا وممتعًا لتاريخ الكاريكاتير المصرى، معتمدًا بشكل أساسي على كتاب: تاريخ الكاريكاتير في مصر، لعادل كامل، ولكنه نسى أن يراجع ويحقق ما ذكره عادل كامل، لذا ورد بمقاله عدد من الأخطاء منها ما أورده في صـ 10، عندما سرد أسماء عدد من رسامي الكاريكاتير ونسى أن يشير إلى أن كلاً من مصطفى حسين وأحمد طوغان رحلوا عنا عام 2014.
وتابع في صـ 11 " تعد بدايات ظهور الكاريكاتير في العصر الحديث على يد الصحفي اللبناني"يعقوب صنوع" صاحب أول جريدة هزلية مصورة بالقاهرة وهي أبو نظارة عام 1877.
والصواب أن يعقوب صنوع ولد لأم مصرية وأب إيطالي في مصر عام 1839، ولا علاقة له بلبنان على الإطلاق، وأصدر مجلته أبو نظارة زرقا في 25 مارس عام 1878 وليس 1877.

 

سابعًا: كانت المفاجأة بالنسبة لي هو مقال الكاريكاتير في مصر للدكتورة: عفاف لطفي السيد مارسو، والذي ترجمته من الإنجليزية بتصرف الأستاذة: دينا نبيل، وكنت أتمنى من دينا أن توضح للقارئ إذا كانت الكاتبة على قيد الحياة أم لا، كما أن المترجمة قد ذكرت في بداية المقال أن الدكتورة: عفاف هي ابنة أحمد لطفي السيد، وقد جانب المترجمة الصواب حيث أنها اعتمدت فيما يبدو على معلومات أرشيفية على الإنترنت غير موثقة، كما أنها لم تسعى للتأكد من المعلومة. والصواب أن الدكتورة: عفاف لا زالت على قيد الحياة وهي ابنة محمد سعيد أخو أحمد لطفي السيد، وشقيقها الأكبر المفكر الليبرالي المحامي وعالم المصريات الشهير: محسن محمد سعيد لطفى السيد،المولود عام 1926، ورحل عن عالمنا في 4 مارس 2009.
بدأت الدكتورة عفاف مقالها بقولها: يُعد تاريخ الكاريكاتير في مصر حديثًا نسبيًا، إذ يرجع تاريخ ظهوره في مصر إلى أواخر القرن التاسع عشر".
فى حين أن العديد من الكتابات والأبحاث، التي تناولت بالعرض والشرح عشرات الرسوم من الصور الهزلية على قطع الأوستراكا وأوراق البردي والتي يعود تاريخ أغلبها إلى الحضارة المصرية القديمة وبخاصة عصر الأسرة الثامنة عشرة، وهذا ليس تحيزًا بل هي حقيقة أكدها علماء المصريات الغرب أنفسهم.
هذا إلى جانب أنها قفزت من مجلة أبو نظارة زرقا عام 1878 إلى مجلة الكشكول عام 1921 وروزاليوسف عام 1925، متجاهلة محطات ثلاثة فارقة في تاريخ الكاريكاتير المصري ظهرت قبل إندلاع الحرب العالمية الأولى وأثنائها، المحطة الأولى هي مجلة "خيال الظل" التي أصدرها الكاتب الصحفي: أحمد حافظ عوض في مارس عام 1907، والمحطة الثانية مجلة "السياسة المصورة"، التي أصدرها الضابط المصري "عبدالحميد زكي ديسمبرعام 1907، ، أما المحطة الثالثة والتي جمعت الزجل والكاريكاتير فكانت مجلة "اللطائف المصورة"، لصاحبها: ألكسندر ماكريوس"، والذي أصدرها عام 1915.

 

ثامنًا: تحت عنوان: طوغان .. لوحات كاريكاتيرية؛ قدم الأستاذ: عبدالهادي شعلان عرضًا لكتاب: من أيام زمان، للفنان أحمد طوغان الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ، باللغتين العربية والإنجليزية، يناير عام 2015.
ومن الأخطاء التي وقع فيها الكاتب في صـ 35 ، قوله  أن طوغان مولود عام 1962، والصواب هو عام 1926، وقد يكون ذلك خطأ كتابي، ولكن الغريب أن الكاتب: ذكر اسمي كمعد للكتاب، وذكر اسم الراحل: علي أبو الخير كمشرف فني، ونسى أن يذكر مترجمة العمل إلى الإنجليزية الدكتورة: سُعاد فطيم، ومقدم الكتاب الفنان: عز الدين نجيب؟!

 

تاسعًا: كنت متشوق لقراءة حوار الأستاذ: محمود جروين، والذي حمل عنوان: وليد أحمد طوغان يفتح خزائن والده، ولكن على غير المتوقع جاءت الخزائن فارغة ولم تقدم جديدًا عن مسيرة طوغان، ولو قرأ المحاور مذكرات طوغان قبل الحوار؛ لتفادى العديد من الأخطاء التي وردت في الحوار.
ومن تلك الأخطاء قوله أن طوغان بدأ الرسم عام 1949، والصواب أن طوغان بدأ احتراف الرسم عام 1944،ومن خلال إعدادي للأعمال الكاملة لطوغان عثرت على أقدم رسم يحمل توقيع طوغان منشوربمجلة الإخوان المسلمون عام 1946.
كما ذكر وليد طوغان في حواره أن والده انضم لمجموعة "هواري بومدين" في حرب تحرير الجزائز، وكانت له علاقة طيبة مع مانديلا الذي كان في صفوف جيش التحرير الوطني آنذاك، وجيفارا الذي كان يستضيفه في مصر... وفي ذلك قدم والدي كتاب: أيام المجد في جبال وهران، في الخمسينيات من القرن العشرين.
والصواب من خلال الطبعة الأولى لكتاب: أيام المجد في جبال وهران الصادرة بالقاهرة عام 1962، وكذلك مذكرات طوغان التي صدرت تحت عنوان: مذكرات فنان صنعته الآلام عن الدار المصرية اللبنانية في شهر أكتوبر 2014، أنه انضم لثوار جيش التحرير الجزائري في مدينة "وهران"، ولم يذكر طوغان مجموعة هواري بومدين، وكذلك مانديلا؛ الذي لم يذكر أي مصدر تاريخي أنه شارك في حرب تحرير الجزائر. والمرة الوحيدة التي قابل فيها طوغان جيفارًا وجهًا لوجه، كانت في الاحتفال الذي أقيم في الجزائز عام 1963، بمناسبة الاحتفال بالعيد الأول للثورة الجزائرية، ولطوغان صورة - أوردها بمذكراته - وهو يجلس على المنصة الرئيسة للحفل هو وجيفارا، ولم يذكر طوغان على الإطلاق أنه استضاف جيفارا بمنزله  بالقاهرة.
وفيما يتعلق بقصة كتاب أيام المجد في جبال وهران، فقد نشره طوغان في البداية على شكل حلقات بجريدة الجمهورية بعد عودته من الجزائر نهاية عام 1961، ثم جمعه في كتاب وصدر عام 1962، وقد صدرت طبعة جديدة ومنقحة من الكتاب عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2018، شرفت بإعدادها وتقديمها.

 

عاشراً: رخا .. أنشأ أول جمعية لرسامي الكاريكاتير، هذا هو العنوان الصادم لمقال الأستاذ: إيهاب مصطفى، بدأ المقال بالحديث عن محاكمة رخا الشهيرة عام 1933 وليس عام 1932 كما أورد، ثم عاد ليذكر في نهاية المقال نقلاً عن موقع هيئة الاستعلامات أن رخا أنشأ وترأس الجمعية المصرية للكاريكاتير عام 1984، ولو أن الأستاذ: إيهاب تواصل مع الجمعية المصرية للكاريكاتير، لعلم أن صاحب الفضل في إنشاء الجمعية وصاحب فكرة انشائها منذ أربعينيات القرن الماضي هو الفنان الراحل: زهدي العدوي، وتكريمًا لرخا وريادته تنازل زهدي له عن رئاسة أول مجلس إدارة للجمعية عام 1984.
وقد ذكر كلاً من الأستاذ: إيهاب، والأستاذ: ناجي العتريس في مقاله: رخا وتمصير الكاريكاتير المصري، أن رخا مواليد 1911 والصواب هو أن رخا مواليد 7 نوفمبر 1910، بقرية سنديون التابعة لمركز قليوب بمحافظة القليوبية. كما ذكر إيهاب في صــ 46 أن رخا توفى في 18 أبريل 1989، وذكر ناجي في صـ 49 أن رخا توفي في 9 أبريل 1989، وكلا التاريخين خطأ والصواب أن رخا توفي في 8 أبريل 1989.
وبعد هذا لا ينتقص من جهد من قام على هذا الملف. لكنها كانت محاولة لضبط بعض الأخطاء حتى يستقيم هذا الجهد الرائع. ويكون هذا الملف فعلا أحد المصادر المهمة التى ترسخ من الكاريكاتير فنًا للروح والوجدان المصري.

 

إعداد : عبدالله الصاوى باحث ومؤسس مشروع ذاكرة الكاريكاتير 


الجريدة الرسمية