رئيس التحرير
عصام كامل

د. أحمد عبد الرحمن يكتب: معتصمون ولكن.. !! ( 3 )

د. أحمد عبد الرحمن
د. أحمد عبد الرحمن


استكمالا لما سبق من عرض بعض الملاحظات والأخطاء التى وقعت فيها جماعات الاعتصام فى رابعة والنهضة..
السادسة:
الانخداع بالإعلام:
حيث حصلت سيولة فى التصريحات، خاصة وقد توافرت لهم قناة الجزيرة، واستولوا على بعض سيارات البث التابعة للدولة، وعادوا ينقلون مباشرة وقائع الاعتصام، وشجعهم توفر الآلة الاعلامية التى اجتهدوا فى توظيفها على أعلى درجة ممكنة لديهم، وجعل الجميع يستعرض نفسه بالتصريحات النارية، والخطب العنترية ، فهذا يقول: "أؤكد لكم عودة الرئيس اليوم أو غدا"، وذاك يقول: "يوم السبت هتحصل حاجة.. يوم الاحد الرئيس فى قصره"، وثالث يقول: "احذروا غضبتنا"، وغيره يتوعد بالأحزمة الناسفة.


 وتوالى على المنصة الإرهابيون القدامى يهاجمون فى هيستريا غير مسبوقة، مما صورهم أمام المجتمع والعالم كالوحش الكاسر الذى يخشى هجومه وانقضاضه على فريسته، وخاصة بعد ظهور مشاهد تعذيب وسحل لبعض الناس بحجة انهم مندسون عليهم، ووقف الجميع متخوفين خروج الاسد من عرينه، حتى أننى وقتها استشعرت تخوف الدولة من نتائج الفض بالقوة، ورأيتها تعمل لهؤلاء ساعتها ألف حساب، فلما احتدم الامر، وجد الجد، تبين للعالم أنها مجرد تصريحات حنجورية غير مسؤلة وغير قادرة، ولكن.. كان الجميع متهيئا لتقبل كل ماينزل بهم حيث أرعبوا الناس وخوفوهم وأرهبوهم، ولازالت هتافات حجازي: "اضرب رجلك طلع نار"، "رجالة مرسى فى الميدان"، "يامرسى اعط الاشارة واحنا نجبهملك ف شيكارة"، الى غير ذلك من الشعارات العنترية الجوفاء التى أطلقوها اثناء الثورة وقبل واثناء الاعتصام..
السابعة:
تشددهم فى المطالب:
ورفض كل الاقتراحات، وتمسكهم بمطلب واحد هو عودة مرسى، ومحاكمة العسكر، وهذا بمثابة الهدف المستحيل، كيف سيعود مرسى ؟
وهل عزل ليعود؟ وهل خرج الناس والجيش معهم حتى يرجعوه الى الكرسى، ويدخلون هم السجون؟ وهل هذا مطلب معقول؟
ألم يكن هناك مساحات يمكن الالتقاء عندها قبل عزل مرسى وبعده ؟ ألم تطرح فكرة الانتخابات المبكرة ؟ ألم يوجد مخرج كريم من الازمة قبل وبعد استحكامها ؟
لاشك كانت هناك الفرص التى تسمح على الاقل بتقليل الخسائر وتفويت أو تخفيف الضربة التى توجهت اليهم، لكنه جمود التفكير، وغرور القيادة، والانخداع بالجماهير الذى صور لهم أنهم قادرون على كل مايريدون حتى الليلة الاخيرة وصلتهم الاخبار عن عزم الدولة لفض الاعتصام اليوم لكنهم أصروا وكابروا، وقالوا: "لوحدث ذلك سيكون أسوأ يوم تمر به مصر".
وقد كتبتُ يومها مقالا بعنوان "الحرب فى العوامات" حيث كان هذا الحوار اثناء اجتماعهم ليلة الفض بإحدى العوامات النيلية خارج القاهرة..
الثامنة:
المراهنات الخاسرة:
سواء على الغرب، أو على انقسام وانشقاق الجيش، فتارة يتوجهون للاتحاد الاوربى، وثانية يناشدون أمريكا، وثالثة يراهنون على تركيا وقطر، وخامسة يتوقعون انشقاق الجيش على قيادته، وهذا يدل على جهل واضح بتاريخ الغرب وأمريكا مع المنطقة، وكذلك جهل مطبق بأوضاع الجيش المصرى، وعقيدته وتمسكه بقيادته، مهما كانت التحديات.
 جيش مصر لم ينشق على محمد على وهو يحارب العثمانيين الذين كانوا يمثلون الخلافة وقتها، ولم ينشق أثناء حربه للوهابيين ممثلى السلفية يومها، بل لم ينشق وفرعون يطارد موسى الكليم ويخرجه الحاكم يومها من البلاد فهل ينشق الجيش على نفسه من أجل جماعة أو شخص مثل مرسى ؟
هذا هو الغباء والجهل بطبيعة المواقف، كما راهنوا على جماعات العنف القديمة والجديدة وظنوا أنهم مانعوهم لكن خاب ظنهم والحمد لله.. وهذا كله أوقعهم فى ورطة أقبح وهى..
التاسعة:
الاستقواء بالخارج:
وكانت هذه اقبح المناكر حيث سمعنا على المنصة من يهلل ويكبر بسبب اشاعة تقول: "الاسطول الامريكى يقترب من السواحل المصرية لاعادة الشرعية"، "واخراج مرسى من السجن"، وسمعنا نداءات صريحة بالتدخل الخارجى والدولى ضد مصر وجيشها وشجعهم فى التمادى على ذلك بعض التصريحات والمواقف الغربية والاقليمية، حيت ظنوها ماءً حتى اذا جاؤوها رأوها سرابا بقيعة، وتبخرت تصريحات امريكا ومواقف اوربا واحتجاجات المجالس الافريقية ووعود الكونجرس، كل ذلك ذاب وتلاشى، وبقيت جماعات الاعتصام ملطخة بأوزار الاستقواء بالاجنبى ضد البلد، وبرغم هذا الشنار نراهم يزاولونه حتى الوقت تارة فى الكونجرس، واخرى فى مجلس العموم البريطانى، وثالثة فى هيئات ومؤسسات دولية، ورابعة بتركيا وميليشيات الارهاب فى سوريا وغيرها .
العاشرة:
الاستعانة بجماعات العنف القديمة:
حيث تجمعت حول المنصة كل رموز الارهاب من جماعات الجهاد والقاعدة وبيت المقدس والجماعة الاسلامية ، وظهر علم داعش فى الاعتصامات والتظاهرات ، وعاد أمثال مجدى سالم "فنية عسكرية"، ومحمد الظواهرى "قاعدة"، وعاصم عبدالماجد –"جماعة اسلامية"، ومصطفى حمزة "جناح عسكرى جماعة اسلامية"، وغيرهم من رموز الارهاب، وتكاتف الجدميع، ونسى صراعاته وخلافاته القديمة، واستقوى الاخوان بهذه الجماعات، واستثمرت هذه الجماعات أزمة مرسى والاخوان لصالحها، وسمعنا من سيناء من يطالب الجيش والامن المصرى بالخروج من سيناء، ويعلن عن قرب تشكيل مجلس حرب، وانتهاء زمن السلمية، وبان للكافة ان الخلافات المتوهمة بين هذه الجماعات غير حقيقية وان جميعهم يعمل بنفس الفكرة وان تغايرت المواقع، وانهم كلما اقتربوا من السلطة ذابت أو اختفت خلافاتهم، وتذكر الناس حديث الدم فى الاربيعينيات والسبعينات والتسعينات ورأوا شبح القتل والاغتيالات يقترب من المجتمع والدولة فازدادت الحكومة تماسكا، وازداد الشعب ثباتا خلفها، وتكاتف الجميع ضد هذا الخطر المتمثل فى عودة جماعات العنف الى الساحة ، خاصة وقد صرحت بعض القيادات أنها "قادرة على وقف العنف فى سيناء بمجرد عودة الرئيس الى كرسيه"، مما أظهر تواصلا عميقا مع هذة الجماعات الارهابية، ولايفوتنا حوادث قتل واختطاف الجنود، كل ذلك رسخ الصورة الكريهة لهذة الجماعات فى نفوس الدولة والمجتمع، بل والعالم، وللمرة العاشرة يظهر فشل هذا الرهان أيضا، إذ سرعان ماتنافر بعضهم عن بعض ، بل وصدرت التصريحات من كافة الاطراف ، كل يحمل الاخر مشؤولية العنف الذى وقع، بل وطالبت بعض قيادات العنف بعزل الاخوان تماما من المشهد، بل ومحاكمة قياداتهم، وانتهى تحالف الإرهاب.. "وألقينا بينهم العداوة والبغضاء"، وماكان فى الخفاء أصبح علنا، على طريقة "يااللى رايح كتر الفضايح"..... وللحديث بقية.

الجريدة الرسمية