رئيس التحرير
عصام كامل

الخاسرون مع ترامب

شغلتنا كورونا وتوابعها عن متابعة مهرجان الديمقراطية في الانتخابات الأمريكية التي ستجري بعد عدة أسابيع، وهي ليست شأنا أمريكيا بل عالميا لأنها ستحدد جدول أعمال السياسة الدولية خلال السنوات الأربع المقبلة.

 

خاصة أن هناك توقعات بإحداث دراماتيكية بعد الاتهامات التي تحاصر الرئيس ترامب، ولهذا ربما تكون عوامل خسارة ترامب أكبر من فوزه إذا إستمر فى عدائه للصين واليابان وكندا اقتصادياً، ولإيران سياسياً، ولروسيا استراتيجياً. وإذا لم يستطع حصد أصوات السود والمرأة وذوى الأصول اللاتينية الذين يصوتون تقليدياً للحزب الديمقراطى.

السكان يدفعون ثمن الفساد بالمحليات
ويخسر أيضا إذا استعان منافسه بايدن ذو الخبرة كنائب رئيس سابق لأوباما بمرشح أو مرشحة شابة بما يمثل مرحلة سنية تجذب التركيبة الديموغرافية الشابة للولايات المتحدة.

 

كما أن الكساد الاقتصادي غير المسبوق بسبب جائحة كورونا سوف يكلف ترامب "خسارة تاريخية"وهي أكبر تحديات ترامب للفوز في الانتخابات، ففي حال تمكّن من تطويق فيروس «كورونا» أو أوجد لقاحاً فعّالاً له، فإنّه يكون قد تمكّن من تثبيت مقعده في البيت الأبيض فترة رئاسية جديدة، فيما من شأن فشله في إدارة هذا الملف، إحتمال تعبيد طريق منافسه الديمقراطي جو بايدن إلى كرسي الرئاسة.


ولكن هل يعني فوز بايدن بأنه سيكون استمرارا لسياسة أوباما وفريقه ومنهجه، فيما يتعلق بالتعامل مع مصر وتركيزه فقط على قضية الديمقراطية وانحيازه لقوى الإسلام السياسي؟!.

 

بغض النظر عما سيحدث إذا فاز بايدن، فإن على مصر الرسمية أن تبدأ من الآن التواصل مع بايدن وفريقه حتى لو كانت فرصة فوزه لا تتجاوز ١٪. ولا ينبغى الرهان فقط على حصان واحد طوال السباق كما يفعل. الإسرائيليون والأتراك في تواصلهم مع كل المرشحين.

والنيل أيضا خط أحمر
وبات معروفا للكافة الآن أن هناك رؤوسا ستطير في حال خسارته وقائمة أصدقاء ترامب الذين سيخسرون طويلة، ومن بينها بعض القادة العرب ولكن الخاسر الأكبر من خسارة ترامب هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قدّم له ترامب ما لم يجرؤ عليه أي رئيس أمريكي آخر بنقل سفارة واشنطن إلى القدس، وقرار ضم هضبة الجولان تمهيداً لصفقة القرن، التي تخوّل للدولة العبرية ابتلاع باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة.


وعلي العالم أن يكون مستعدا من الآن لليوم التالي لإعلان النتائج فكلا الطرفين يمهدان لهذا اليوم، ومع احتدام المنافسة بين ترامب وبايدن قبل الانتخابات يتبادل الاثنان على نحو متزايد التلميحات إلى أن الطرف الآخر عازم على الغش لتحقيق الفوز.

 

كما يفعل مرشحو دول العالم الثالث لدرجة تخوف بايدن من أن ترامب سيحاول “سرقة” الانتخابات، لكنه واثق من أن جنود الجيش سيرافقون ترامب من البيت الأبيض إذا خسر ولم يعترف بالنتيجة، وذلك ردا علي تصريحات ترامب بأن الديمقراطيين يستهدفون استخدام زيادة في التصويت عبر البريد كوسيلة لتزوير الانتخابات.

 

فيما تعهد بايدن بنشر محامين في مراكز الاقتراع على مستوى البلاد لرصد جهود الجمهوريين للتلاعب بالتصويت. لإن "الانتخابات هذه المرة ستكون مميزة، وستكون مختلفة عن السنوات السابقة، حيث ستتم عن طريق (البطاقة البريدية)، وليس إلكترونيا، وهو مايعارضه ترامب ويرى أن "الأصوات والصناديق ستسرق".
مناعة القطيع إفلاس علمي

 

وأخيرا فإن خسارة ترامب ستكون نصرا لوسائل الإعلام الأمريكية وستثبت أنها  وحش كاسر قادر على قلب النتائج، وممارسة السياسة، وتغيير المزاج والرأي العام، وليس كما تزعم مدارس الإعلام الغربية الحديثة بأنها وسيلة ديمقراطية لإيصال الرأي والخبر.

 

ينما فوزه سيضع العالم أمام أسئلة شائكة، تتعلق بالممارسات الإعلامية، وقدرة الإعلام على تغيير مسارات الأحداث والوقائع وفي كل الأحوال فإن النتائج للرئاسة، ستشكل فارقًا عميقًا في صناعة خارطة العالم السياسية للسنوات القادمة.

الجريدة الرسمية