رئيس التحرير
عصام كامل

العبادة المنسية!

من العبادات عظيمة الفوائد التي أمرنا بها الله سبحانه وتعالى، وحثنا عليها رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) ولكن الكثيرين منا تغافلوا عنها في السنوات الأخيرة على الرغم من سهولة تأديتها، هي عبادة "صلة الرحم"..

 

ومن المهم أن تعلم أن المداومة على أدائها ستجلب لك الكثير من الخير، وبها سيبارك الله لك في رزقك، وعمرك.. وأن التكاسل عن أدائها والانقطاع عنها سيسبب لك الكثير من المتاعب التي قد تكون تعانى منها فعلًا، ولكنك لا تعرف لها سببَا..

صلابة القلب! 

وفى هذا يحدثنا الله جل وعلا في محكم آياته قائلًا: "وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ"[الرعد:21]. "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ" [محمد:22-23]. "الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" [البقرة:26-27].


كما بين لنا نبينا الأمين فضل صلة الرحم، وخطورة تجاهلها في أحاديثه الصحيحة قائلًا: عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله خلَق الخلْقَ، حتى إذا فرغ من خلقِه قالتِ الرَّحِمُ: هذا مقامُ العائذ بك من القطيعة، قال: نعَم، أمَا تَرضَيْنَ أن أصِل مَن وصلَكِ، وأقطعَ مَن قطعَكِ؟ قالت: بلى يا ربِّ، قال: فهو لكِ» وقال: «من كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليُكرِم ضيفَه، ومن كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليصِل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت».


كما قال أيضًا صلى الله عليه وسلم: «مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقه، وأن يُنسأ له في أثرِه، فليَصِل رَحِمَه» والأرحام لمن لا يعرف هم الأقارب من جهة الأمِّ ومن جهة الأب؛ فالآباء والأمَّهات والأجداد والجدات أرحام، والأولاد من ذكور وإناث وأولادهم كلهم أرحام، والإخوة والأخوات وأولادهم أرحام..

الأكاديمية الوطنية للتدريب 

وهكذا الأعمام والعمَّات والأخوال والخالات وأولادهم أرحام، وكلهم داخلون في قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75]" ومن المهم أن نلاحظ أنه يجب علينا أن نبادر بوصل أرحامنا حتى لو كانوا هم مقصرين في أداء هذا الحق تجاهنا، وذلك مصداقًا لما جاء في الحديث النبوى: «ليس الواصِلُ بالمُكافِئ، ولكن الواصل الَّذي إذا قُطِعتْ رَحِمُه وصلَها».


أرجو أن نراجع أنفسنا فيما يخص مدى قيامنا بأداء هذه العبادة على الوجه الأكمل، وأن نبدأ فورًا في معالجة أي أوجه تقصير فيها، لأنها تؤدى إلى نتائج عظيمة الفائدة سواء على المستوى الشخصى، أو على مستوى ترابط وتآلف وتراحم المجتمع كله، بل أنها تعد أحد أهم عوامل صلابة الجبهة الداخلية.

 

الجريدة الرسمية