رئيس التحرير
عصام كامل

حكايات نائمة على الرصيف

كثير من الكتاب المبتدئين يجدون صعوبة في الحصول على أفكار لقصصهم، سواء كان ذلك لكتابة قصة قصيرة أو نواة لرواية أو حتى سيناريو لفيلم سينمائي أو مسلسل تليفزيوني.

غير أن رحلة البحث عن أفكار للكتابة لا تبدو مهمة شاقة إلى هذا الحد، فهناك طرق بسيطة يمكن أن تسلكها للوصول إلى مبتغاك..

وتأتي الأفكار الأصيلة على رأس قائمة مصادر الحصول على فكرة لكتابة أي نص، والمقصود هنا بالأفكار الأصيلة هي تلك التي تخطر على بالك وأنت تتجول في الشوارع أو تجلس على مقهى أو حتى وأنت تأخذ حمامك الصباحي.. هي تلك الومضة التي تلمع في عقلك هكذا دون تحضير، وتتميز بأنها غير مستوحاة من مصدر آخر، بعيدا عن مخيلتك وتأليفك.


الشيف الشربيني وماركيز


بالطبع لا تكون الفكرة مكتملة بمجرد تفكيرك فيها، فهناك الكثير من الطرق والخطوات لتطوير هذه الفكرة الوليدة، حتى تصبح كائنا مكتملا وجاهزا للظهور على الورق (ملف وورد بالأحرى على الكمبيوتر الخاص بك).. وربما في مقال قادم نتحدث عن استراتيجيات تطوير الأفكار، لكن دعنا نمضي قدما في الحديث عن مصادر استقاء الأفكار.

ولأننا لسنا جميعا نمتلك نفس القدرة على خلق الأفكار الأصيلة، فلابد وأن تكون هناك طرق أخرى للحصول على هذه البذور التي يمكننا غرسها ثم رعايتها حتى تصير نبتة فشجرة وارفة.

ويمكننا القول إن المتاجر ومختلف الأماكن العامة التي تقابل فيها أناسا آخرين ووسائل المواصلات العامة بالطبع تصلح لأن تكون مصدرا لأفكار الكتابة، فقد تشاهد موقفا ما أو شخصية مميزة تلفت انتباهك، فتصبح هي نواة لفكرتك القادمة التي ستكتبها في شكل قصة أو رواية أو سيناريو.

 

كيف تصنع فيلما بدون قصة


أيضا هناك مصادر للإلهام، فمثلا يمكنك أن تستوحي فكرتك من شخصية في رواية أو فيلم.. شخصية ثانوية مثلا لكنها تصلح لأن تصبح بطلا لقصة مستقلة.. ومثال على ذلك شخصية «اللمبي» في فيلم «الناظر» والتي قدمها محمد سعد من خلال عدد محدود من المشاهد، ثم سرعان ما تحولت إلى «بطل» في عدد من الأفلام ومنها «اللمبي» و«اللي بالي بالك»..

 

والأمر ذاته تكرر مع شخصية «إتش دبور» التي قدمها أحمد مكي كشخصية ثانوية في أعمال لممثلين آخرين، ثم تحولت لشخصية مستقلة قدمها مكي في أكثر من عمل مستقل.

وحتى لا نقصر الأمر على السينما والدراما التليفزيونية، فهناك العديد من القصص والروايات التي ولدت فكرتها من رحم عمل أدبي آخر، كأن تأخذ شخصية ثانوية من رواية لتخلق بها قصة جديدة، كما يمكن أن تلهمك جملة أو عبارة في عمل ما (أدبي أو سينمائي وتليفزيوني)، فتبني عليها قصتك الخاصة..

تخيل معي شخصية في عمل ما تتحدث مع شخصية أخرى وتقول «أنا لست شجرة.. حدثني لا تظل صامتا»، فتفكر أنت في الأمر بطريقة أكثر عمقا، فتبدأ تخيل حياة رجل «استيقظ من نومه فوجد نفسه شجرة؟».. وهكذا تبدأ فكرتك التي تطورها في ما بعد لتصبح قصة أو رواية أو حتى فيلما.

وأنت في طريقك للبحث عن أفكار للكتابة، يمكنك أيضا أن تعرج على صفحة الحوادث في الصحف والمواقع الإلكترونية، فالواقع ملهم بما يحدث فيه، ولدينا أمثلة كثيرة لأفلام وروايات ومسلسلات استوحاها المؤلفون من حوادث حقيقية قرأوا عنها في الصحف والمواقع.. مثل فيلم «واحد من الناس» مأخوذ عن حادثة حقيقية شهدها مول شهير.

 

 طب ينفع كده؟!


ويبقى السؤال الأكثر فاعلية في خلق فكرة جيدة للكتابة هو «ماذا لو؟».. سؤال سحري يفتح أمام عينك أبواب الخيال لتنهل منها كيفما تشاء.. وهنا يجب عليك ألا تتردد في طرح الاسئلة حتى وإن بدت حمقاء.. فمعظم الأعمال العظيمة والمدهشة بدأت باسئلة ساذجة أو غريبة وغبية في بعض الأحيان..

 

ماذا لو تمكن الإنسان من الطيران دون استخدام طائرة وامتلك بعض قدرات الحيوانات أو الطيور والمخلوقات الخارقة.. فمن هنا بدأت بذرة صغيرة أصبحت فيما بعد أشجاراً مثمرة مثل «سوبر مان» و«بات مان» وغيرهما من الأعمال التي أسرت الملايين حول العالم.


الخلاصة، الأفكار حولنا في بيوتنا والطرقات والنوادي ودور العبادة وغيرها.. في الناس الذين نقابلهم.. في الصحف والكتب والأفلام والمسلسلات.. كل ما عليك أن تلتقط البذرة فتغرسها ثم ترعاها لتنمو وتصبح نباتا مكتملا.. ولا تخشى من تكرار الأفكار، فأعظم الأعمال التي تراها ربما تكون مستوحاة من أعمال أخرى سابقة، لكنها ليست بالطبع تقليدا لها، لكن السر يمكن في «المعالجة» وهي ببساطة طريقة عرضك لفكرتك وتنفيذها في شكل عمل أو نص أدبي له خصوصيته ويحمل جيناتك الإبداعية.

الجريدة الرسمية