رئيس التحرير
عصام كامل

بعض المَرَارَة هي الحل


لحظة الصدام الدامى باتت وشيكة، هكذا يشعر كل المصريين الآن دون مبالغة، كل الأطراف تعلن بكل الصراحة والوضوح إنه يوم الفصل، أصوات العقل طاشت وسط صخب وعنف طبول الحرب.
المرعب فى المشهد، أن الجميع قد غابت عنهم حقيقة لا تقبل الشك، وهى أن النيران لن تترك أخضرًا ولا يابسًا، وسوف تحرقنا جميعًا.
الآن كل فصيل يلقى بالمسئولية على الآخر، واختلط الحق بالباطل، والباطل بالحق، والضحية أنا وأنت والوطن بأكمله.
السؤال: وما الحل؟
الجواب: أن نتجرَّع مرارة العلقم لبعض الوقت، بدلًا من الانهيار التام، أعنى أن تعلن حالة الطوارئ فورًا قبل إراقة نقطة دم واحدة، ذلك أن العنف لو اندلع، ومهما تناهى فى الصِّغَر، لن يولِّد سوى العنف، والحرائق تفضى إلى مزيد من الحرائق، والدماء تفتح الشهية المجنونة لدماء أكثر.

أكرر.. إن تجرُّع المرارة، والقبول بالطوارئ والأحكام العرفية، هو الحل القاطع لإجهاض الشر المستطير الكامن فى رحم الساعات القليلة التى نعيشها قبل الثلاثين من يونيو.

دعونى أضع المشهد الآنى فى بؤرة العدسة، عسى أن تتفق معى فى رؤية تجرُّع مرارة الطوارئ والأحكام العرفية.
هناك الآن فصيلان؛ الأول معارض لاستمرار الرئيس ونظامه، والثانى مؤيد لاستمراره، وقد وصل الفصيلان إلى أعلى درجات التعبئة والشحن بصورة لم تحدث فى أشد الحروب شراسة.

المعارضة تدعو علنًا، لا تراجع ولا استسلام قبل رحيل النظام، وبلغ الأمر عند بعض الرموز، إلى حد الدعوة لاجتثاث الإخوان والتيارات الإسلامية من الحياة السياسية، بل وصل الشطط بالبعض إلى حد الدعوة لاجتثاثهم من الحياة برمتها، وفى المقابل أيضًا كانت تهديدات التيارات الإسلامية أشد عنفًا وضراوة، أكتفى بما أعلنه د/ صفوت حجازى على قناة العربية الحدث: "اللى هيرُش مرسى بالمية هارشه بالدم"، لكنى أقف قليلًا عند تصريح سلطت عليه العواصم الغربية الضوء وتناقلته الصحف والمواقع الإخبارية هناك، وهو ما نسب إلى يحيى الشربينى منسق حركة "ثوار مسلمون" الذى قال: "إذا استطاعوا إسقاط مرسى سنقوم بثورة إسلامية شاملة، ولن يصمد أى رئيس مقبل ولن نجعلهم يهنئون ساعة".

من محصلة الرصد، استطيع القول أن الشحن الرهيب قد اختطف المشهد من حلبة الخلاف السياسى، إلى حلبة الخلاف العقائدى، وتلك هى الكارثة الكبرى.
لتُعْلَن إذن حالة الطوارئ بمنتهى القوة والصرامة، ولتكشر الدولة عن أنيابها، إذا أرادت مؤسساتها "الصلبة" أن تكون هناك دولة.
الجريدة الرسمية
عاجل