رئيس التحرير
عصام كامل

اللامعقول السياسي للإخوان المسلمين!


استطاعت جماعة الإخوان المسلمين ببراعة منقطعة النظير نقلنا من مسرح العبث واللا معقول إلى مجال اللامعقول السياسي!
وهناك شواهد لا حصر لها- منذ احتلال جماعة الإخوان المسلمين لمجمل الفضاء السياسي في مصر وامتلاكها لكل مراكز اتخاذ القرار ابتداء برئيس الجمهورية حتى مجلس الشعب المنحل ومجلس الشورى الباطل- بأنها تفتقر افتقارًا شديدًا إلى "الرشد السياسي" في مجال اتخاذ القرارات الكبرى.


وعملية اتخاذ القرار السياسي في أي مجتمع ديمقراطى معاصر بالغة التعقيد، وتحتاج إلى حسابات بالغة الدقة عن الفعل ورد الفعل، مع معرفة دقيقة باتجاهات الرأى العام.

وعلى ذلك فإنه لا يمكن "للفهلوة" أن تكون أساسًا لاتخاذ القرار كما كان يفعل نظام "مبارك"، ولا يمكن "للجهل العميق" أن يكون مرتكزًا لاتخاذ القرار كما تفعل جماعة الإخوان المسلمين!

هل رأى أحد من قبل سلطة سياسية ما بعد أن تستقر في كراسى الحكم تعادى كل فئات المجتمع بدون استثناء واحد، وتصدر بصددها قرارات معيبة تعود عليها بالسخط الشعبى الشديد؟

لقد بادرت جماعة الإخوان المسلمين عن طريق حزبها الحرية والعدالة بمعاداة الإعلاميين والقضاة والشرطة والقوات المسلحة وأحزاب المعارضة السياسية وأخيرًا المثقفين والمبدعين!

خذ على سبيل المثال صراع مجلس الشورى الباطل مع القضاء وإصرار الجهلة من أعضائه الذين يمثلون دور المشرعين بدون أي ثقافة قانونية حقيقية على إصدار قانون بتعديل تكوين السلطة القضائية، حتى يتاح "للجماعة" عبر إلغاء نص المد للقضاة بعد سن الستين فصل ما يقرب من 3000 قاضى، واستبدالهم بعدد من المحامين الذين ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين.

وبالرغم من أن نادي القضاة الممثل لجموع القضاة أعلن رفضه لمشروع هدم السلطة القضائية، إلا أن مجلس الشورى الباطل مازال يناور ويراوغ لدرجة أن بعض أعضائه المعينين أعلنوا بصريح العبارة -بعد أن تناولوا بعض حبوب الشجاعة- أن رئيس الجمهورية نفسه لا يستطيع أن يمنع مجلس الشورى من مناقشة مشروع قانون السلطة القضائية!

يا سلام على الشجاعة الأدبية وعلى الخيبة السياسية!
وليس أدل على ذلك من أن رئيس الجمهورية في التعديل الوزارى الجديد أدخلنا قسرًا في عالم اللا معقول السياسي أنه عين لنا وزيرًا للثقافة لا هو في العير ولا في النفير! بمعنى أنه – بعيد عن هذه الحذلقة اللغوية- شخصية مغمورة لا يعرفها أحد، لأنه مجرد أستاذ فاشل في أكاديمية الفنون.

والعجيب أنه حين جوبه بكونه مغمورًا صرح قائلًا وماله مغمور مغمور بس بقيت وزير الثقافة!
وقد بدأ الوزير المغمور -الذي أطلق عليه الكاتب الساخر "على سالم" في عمود له في جريدة الشرق الأوسط "أحمد المتجهم" الذي لم يشاهد مسرحية في حياته- نشاطه الإبداعى بإنهاء انتداب مجموعة من كبار المثقفين الذين كانوا أعمدة وزارة الثقافة، بحكم تاريخهم المهنى المشرف وثقافتهم العميقة وقدراتهم الإدارية.

وقد صرح هذا الوزير العبقرى –قبل أن يحتل المثقفون الغاضبون مكتبه- أنه اكتشف أن بعض أعضاء مكتبه يسربون أخباره للأعداء!
وأخطر من ذلك أن بعضهم أصدر قرارات باسمه مع أنه لم يصدرها!
وآخر أخبار اللامعقول السياسي الإخوانى أن رئيس الجمهورية في حركة المحافظين الأخيرة عين وزيرًا ينتمى إلى "الجماعة الإسلامية" وهى الجماعة الإرهابية التي قامت في الأقصر بجريمة ذبح السياح لكى يكون محافظًا للأقصر!

ما هذه العبقرية في إصدار القرارات؟
هذا موضوع يحتاج لمعالجة خاصة بعد أن علق شعب الأقصر لافتة مكتوبًا عليها بالبنط العريض "جماهير الأقصر ترفض المحافظ الإرهابى"!
eyassin@ahram.org.eg
الجريدة الرسمية