رئيس التحرير
عصام كامل

هيلين كيلر.. الإنسان أقوى من كل المحن


كتب عمر بن عبدالعزيز العلقمي عن هيلين كيلر قائلا: "نجت تلك الطفلة الرضيعة - التي أصيبت بالعمى - من الموت، لكنها فقدت 3 حواس أساسية: السمع والبصر.. ومن ثم القدرة على الكلام.. عاشت هيلين طفولة مليئة بالشفقة والحزن والألم والرعاية العاجزة، فنشأت على نمط منهجي في الاهتمامات.. تأكل، تنام، تشرب، تحصل على ما تشتهيه، وتفعل ما يلوج في خاطر عقلها، وحينما لا تحصل على شيء ما، أو لم تفهم ما تريد ممن حولها فإنها تصاب بنوبات غضب جنونية، فتضرب، تكسر، تصرخ وتبكي".


وعن علاقتها بمعلمتها آن سوليفان.. قال: "رفضت آن الانهزام أمام صعوبة حالة تلميذتها وبدأت البداية الصحيحة، فأحبت هيلين بصدق وبعمق وإخلاص غريب.. لقد كانت تنظر إليها بعينين يملؤهما الأمل والعزم والحنان.. كانت آن تردد في أعماقها: «هيلين يا حبيبتي.. يجب أن تعيشى حياة أفضل، يجب أن تخرجي من قوقعتك، أعلم أنك تملكين القدرة والذكاء، وأنني أملك الرغبة والعزم".

أضاف: "تمكنت آن من تغيير سلوكيات هيلين إلى نحو إيجابي، وتغلبت على عناء تلميذتها، ولكن بعد معاناة مريرة.. ورويدا رويدا تخلصت الطفلة المسكينة من كل تصرفاتها السيئة".

واستطرد: "حاولت هيلين أن تربط بين الكلمة ومعناها الحسي الملموس، وأثناء ما كانت تلعب بالماء كأي طفلة مرحة.. جاءت العناية الربانية الرائعة، لتفتح أبواب الحياة على هيلين، كأن رقة الماء ببرودته وملمسه، دفعتها إلى إزالة الستار عن عقلها، فقفز المعنى إلى واجهة وعيها، فكتبته بلا وعي وعلى كف معلمتها، ولم تصدق آن ما فهمته من أصابع تلميذتها، وتأكدت منها، فإذا بها تكتب: ماء".

وتابع: "غدت هيلين كاتبة شهيرة، وذاع صيتها في القارات الست، حين نالت جائزة نوبل في الآداب.. كما أحيت الأمل في قلوب من حولها من المعاقين واليائسين، سواء ذوي الإعاقة الجسدية أو النفسية، وأنشأت المدارس المتخصصة والمنتديات الرائدة، وصالت وجالت، وتحدث الناس بلغتها المتواضعة التي تعلمتها من وضع أصابعها على شفتي وحلق معلمتها ثم تقليد الاهتزاز، تحدثت بتلك اللغة المقبولة من معاني التفاؤل والحياة الكريمة والجمال وكسر قيود الروح".

أدهشت هيلين كيلر الجميع.. حتى إن الأديب الأمريكي الساخر مارك توين اعتبرها أحد أهم شخصيتين في القرن الـ 20 مع القائد الفرنسي نابليون بونابرت.

حصلت هيلين على أوسمة ونياشين والتقت كل رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية في عصرها، والعديد من الشخصيات البارزة المشهورة في جميع المجالات، وأبصرت العالم بمشاكل العميان.

تقول هيلين: "عندما يوصد في وجهنا أحد أبواب السعادة، تنفتح لنا أبواب أخرى.. لكن مشكلتنا أننا نضيع وقتنا ونحن ننظر بحسرة إلى الباب المغلق، ولا نلتفت لما فتح لنا من أبواب"..

وأخيرا.. فإن كتابها "قصة حياتي"، جدير بالقراءة لأنه يرسم قصة رحلة الإنسان من عالم الظلام إلى عالم النور.. ومن عالم المجهول إلى عالم الإدراك، كما يتضمن دروسا في العزيمة والإرادة والصمود والقوة.

في عام 1968.. وعن عمر يناهز 88عاما.. ودعت "هيلين كيلر" الحياة بعدما قدمت للإنسانية دروسا في كيفية التغلب على أقوى العقبات وتجاوزها، وأكدت أن إرادة الإنسان أقوى من كل المحن وظروف الحياة.. "انتهى".. وإلى اللقاء مع حالة جديدة من "عميان قهروا الظلام".

الجريدة الرسمية