رئيس التحرير
عصام كامل

كورونا للكفار!

عبر صفحة أحد الأصدقاء على موقع "فيس بوك"، دوّن هذا الصديق منشورا عن ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد فى إحدى الدول الغربية، إلى أرقام كبيرة تفوق توقعات خبراء الصحة العالمية للبلد المتقدم علميا وتكنولوجيا وصحيا.

 

حزنت أشد الحزن بل فجعت حينما فوجئت، بتعقيب من أصدقاء صفحته، وهم يستبشرون خيرا بهذا العدد المتصاعد للإصابات، ويدعون الله بزيادته أضعافا مضاعفة، حتى يعجز الأطباء عن احتوائه ويهلك "الظالمين"، وفق رؤيتهم!.

 

أحد المعقبين على المنشور والمستبشرين بزيادة أعداد الإصابات، تم علاجه من مرض عضال على يد أحد أطباء هذه الدولة الذى كان فى زيارة إلى مصر منذ ثلاثة أعوام، ووقتها كان أمل هذا الرجل متعلقا برحمة الله عز وجل، ثم بمهارة هذا الخبير الأجنبي الزائر، الذى استقبل المريض بابتسامة مودة وأمل رغم اختلاف اللغة، مطمئنا إياه بأنه سيتعافى من مرضه سريعا ، وأنه سيبذل كل استطاعته فى سبيل إنجاح خطته العلاجية، التى أكملها فيما بعد فى هذا البلد على مدار شهرين!.

 

اقرأ أيضا: جنة كورونا الموعودة

 

معلق آخر، كان منذ سنوات يتمنى الحصول على جنسية تلك البلد، وسعى فى كل طريق واتجاه، وحينما كان أصدقاؤه يسألونه عن سر اختياره لها ولهاثه خلف جنسيتها رغم حالته المالية الجيدة وامتلاكه مشروعا تجاريا كبيرا، يجيب بأن هذا البلد، نموذج للنظافة والنظام والتقدم الصحى والعلمى، وأنه يتمنى لو ذهب إليها واستقر بها، ولو حتى أصبح مجرد عامل فى أحد المطاعم.

 

نموذج ثالث، ما ان رأى هذا المنشور، إلا ودعا بالشفاء للمسلمين فقط، مختصا إياهم بأمنيات الشفاء والرحمة من الله، متجاهلا غيرهم، علما بأن المرض لا يميز دين أو جنس أو عرق أو لون، فربما كان مسلم ناقل العدوى إلى غيره من الديانات الاخرى، وربما كان العكس، فلماذا إذا يتعامل البعض مع هذا الوباء على أنه مرسل إلى غير المسلمين كى يفتك بهم، ويترك واحة الدنيا خاوية هادئة للمسلمين ينعمون فيها وحدهم؟.

 

دفعتنى تلك التعقيبات المستفزة على المنشور إلى توجيه أسئلة إلى هؤلاء وقد لا اجد لها اجابات إلا احمرار وجوههم خجلا: ماذا لو لم يأت الله بالشفاء على يد هذا الخبير الطبي الزائر؟، وماذا لو ذهب الثانى إلى تلك الدولة وحصل على جنسيتها وأقام بها، ثم ضربه المرض أو ضرب أبناؤه، هل سيدعو أيضا عليهم بالويلات؟، أما الثالث، ماذا لو شفى الله المسلمبن وفق رؤيتك وبقى غيرهم مرضي، هل تعتقد أن الأمر انتهى أم أن الوباء سيتفشي ويزيد حتى يطالك أنت وأسرتك وكل احبابك؟.

 

اقرأ أيضا: حديث القلوب

 

رؤي قاصرة مختلة فكريا وإنسانيا بل وعقائديا، تتحزب فى تحد يواجه العالم أجمع، وقد يحصد الأخضر واليابس، فهذا الوباء لا يدخل الجسد ببطاقة تعريف غير المسلم من المسلم، وإذا لم نتوحد تحت لواء الانسانية والتشارك فى البشرية، فى مواجهة هذا القاتل، فسيحدث ما لايحمد عقباه ويومها سيتمنى المرء لو كان شفاؤه على يد أحد الملاحدة.

 

يكفى فقط أن أشير إلى أن أحدهم قال لى فى بدايات تفشي الفيروس:" ياعم يخترعوا لنا الدوا وبعدين يغوروا فى ستين داهية"،، فاللهم لطفك بالبشرية جمعاء وبكل بنى الانسان وأزح هذا الوباء عن كل روح ونفس ولا ترى أحد أبدا مكروها فى أى عزيز أو غال.

الجريدة الرسمية