رئيس التحرير
عصام كامل

فتحي رضوان يكتب: مظاهر رمضانية لا أنساها

المحامى السياسى فتحى
المحامى السياسى فتحى رضوان

فى مجلة الهلال عام 1979 كتب المحامى السياسى فتحى رضوان “رحل 1988“ مقالًا عن شهر رمضان قال فيه: لقد نجح المصريون منذ عهد الفاطميين فى جعل شهر رمضان شهرًا لا مثيل له ولا نظير له وهو كذلك فى كل بقاع الدنيا.

وتابع: ”لقد كان حظي أن أشاهد فى بعض أقطار العالم أعيادًا دينية وقومية فى الشرق والغرب ، فكانت بعضها عبارة عن معارض فنية يتألق فيها الذوق والبهجة والدعاية والفكاهة والخروج نوعا ما عن رتابة الوقار والتقاليد الراسخة“.

وأضاف: ”لكن كل هذا إذا قورن بما استقر عند المسلمين المصريين فى شهر رمضان من طقوس التفريح والتماس السرور والبحث عن مجالات تسامى فيها الروح تفوق شهر رمضان على ما عداه من الشهور ، ولعل مرد ذلك أن الشعب المصرى شعب طبع منذ طفولته وتاريخه بتدينه وحبه العميق للفن والحياة ، وقد سجلت نقوش المعابد ذلك منذ آلاف السنين“.

واستطرد: ”كل هذه الطاقات وجدت طريقها إلى التعبير فى أسلوب احتفال المصريين بحلول شهر رمضان المعظم حتى آخر أيامه يظهر في رمضان الكريم علامات الفرح والسرور حتى السحور وإعداد الأطعمة الشهية والمشروبات الباردة والساخنة وتبادل الزيارات وأكل "النقل" أى المكسرات والياميش التى تستورد من تركيا وأوروبا والتنافس على إقامة المآدب“.

وأردف “رضوان”: ”المصريون سواء فى القاهرة أو الريف أو الصعيد يُبعثون شعبًا آخر فى رمضان أى أنهم كأنهم يرتدون حلة غير حلتهم وقد كنت أحب كل ما فى رمضان حتى المدفع الذى يعلن لحظة الإفطار ، والذى كان جديرا أن يبعث الفزع أو الخوف.. لكنه كان عندنا فرحة مضاعفة والواحد منا يرى أمامه من الأطعمة الكنافة والقطايف وكأنما صنعا لرمضان وحده ، أما مشروبات رمضان مثل قمر الدين والخشاف فتزدحم بها الموائد حتى عند أفقر القوم باللحوم بأنواعها والدواجن والمشهيات”.

خواطر رمضانية | أبواب الرحمة لم تغلق.. وزير الأوقاف يتحدث عن جوانب الخير في رمضان

وأضاف: ”إذا فرغ القوم من الطعام امتلأت الشوارع والحارات بجيوش من الأطفال يحملون فى أيديهم الفوانيس المصنوعة من الصفيح المزخرف والزجاج الملون والشمع الذى تتراقص شعلته مع الهواء“.

وواصل في مقاله: ”أما مسحراتى العهد القديم فقد كان له صوت رخيم ويؤدى أغانى قصيرة جميلة عذبة يسمعها الكبار والصغار وكان المسحراتى فنانا شعبيا يرتجل الأغانى حسبما يطلب أصحاب الدار الذى يمر به ولست أنسى جلستى فى شرفة منزلى بشارع سلامة بالسيدة زينب وهو الشارع الذى شهد أحداث رواية "عودة الروح" لتوفيق الحكيم فكنت أرى الفتيان قبل الإفطار يحملون سلاطين الطرشى ومعها أعواد الجرجير وسلاطين أخرى مليئة بالفول المدمس الذى يسوى على نار المستوقد لزوم السحور“.

واختتم قائلًا: ”كل هذه أشياء انتهت ولكن من شاهدها فى صباه لا ينساها فما زالت فى مخيلتى وكأنى أعيش معها.

الجريدة الرسمية