رئيس التحرير
عصام كامل

عن خرافة التحصين الدستوري لمجلس الشورى (2)


نكمل التذكير ببعض الحقائق العلمية التى يجب ألا تغرب عن البال إذا كان لكلمة "علم القانون" فى مصر أى معنى.

الحقيقة القانونية الثانية:

الدستور الجديد وهو القاعدة القانونية الجديدة ليس له أثر رجعي على المراكز القانونية والدعاوى القضائية المرفوعة قبل نفاذه ولم يصدر فيها حكم بعد وفقا لنظرية الأثر الكاشف فى دعاوى الإلغاء وفى دعاوى الدستورية، هذا إذا كانت تلك المراكز صحيحة قانونا فما بال لو كانت هذه المراكز باطلة وقائمة على نصوص يعتورها البطلان القانوني لمخالفتها للقواعد الدستورية التى نشأت فى ظلها.

فقانون انتخاب مجلس الشورى يقضى فيه بحالته التى كان عليها وقت رفع الدعوى أو وقت الإحالة إلى المحكمة الدستورية والعبرة بلحظة اتصال علم المحكمة به. وإلا زال الأثر الكاشف للأحكام فى الدعاوى الدستورية. وهو أمر لصيق بالدعاوى العينية كالإلغاء والدستورية.

الحقيقة القانونية الثالثة:
حتى لو نحينا الحقائق القانونية والعلمية جانبا وأخذنا بالنصوص الدستورية الحالية وحسب،  فقانون انتخاب مجلس الشورى يجب أن يقضى ببطلانه أيضا لأنه يعتمد قاعدة الثلث والثلثين بدون النص على إمكانية الثلث (المستقلين) من منافسة الثلثين ( قوائم الأحزاب) على المقاعد.

وهذا النص التشريعي المطعون عليه حاليا أمام المحكمة الدستورية العليا مخالف فى ذاته لنص المادة ٢٣١ من الدستور الحالى التى تكفل للأحزاب وللمستقلين على حد سواء إمكانية المنافسة والترشح على جميع المقاعد بينما يقصرها النص الطعين على الأحزاب فقط دون المستقلين. وهذا يعني أنه حتى بمعيار الدستور الحالى قانون انتخاب الشورى غير دستورى.


الحقيقة القانونية الرابعة:
من الأقوال الشائعة والمغلوطة التى تتردد بجهل، أنه يكفى أن نحيل للاستفتاء أى عمل قانونى باطل فيطهره الاستفتاء من البطلان. وهذا لا يعدو أن يكون بلها لا علاقة له البتة بعلم القانون، لأن سلامة الإجراء ودستورية التشريع أو صحة القرار هم شروط سابقة على الإحالة للاستفتاء. فلا يجوز عرض عمل باطل قانونا على الاستفتاء ولا يجوز أيضا إحالة قانون غير دستورى على الاستفتاء. وإذا تم الاستفتاء فى هذه الحالة فهو غش نحو الدستور لذا لا يطهر الاستفتاء العمل القانونى الباطل من أوجه بطلانه ومن عيوب تكوينه.

إن الآراء التى نادى بها البعض لترقيع بطلان أو إحياء معدوم هى من الشذوذ إلى درجة أنه يمكن أن نقارنها بالزعم القائل بعرض أى عمل إجرامى: سرقة، قتل، اغتصاب، نصب، احتيال، على الاستفتاء لتحليلها أو لإضفاء الشرعية عليها. الإجراء غير الدستورى لا يصححه الاستفتاء كما أن الجريمة لا تستحيل عملا مشروعا بالاستفتاء.

لأن أوجه المخالفة الجنائية والإدارية ليست أعلى ولا أسمى من أوجه المخالفة الدستورية. وتبعا فإذا كان الحظر القانونى والتشريعى أو الجنائى لا يطهره استفتاء فإن الحظر الدستورى والقضائى لا يطهره استفتاء أيضا.

فى النهاية: تساؤلات !
لماذا لم يفكر أولا من يريدون تحصين العمل القانونى غير المشروع فى الالتزام بقواعد المشروعية بدلا من محاولات الالتفاف عليها وبذل كل هذا المال والجهد لإنقاذ عمل فاسد ومعدوم قانونا؟

كيف يقبل ترزية القانون الجدد ترديد خزعبلات التحصين المصابة بالهوى السياسى البين أو بالهوى الشخصى الجامح؟
الجريدة الرسمية