رئيس التحرير
عصام كامل

رداء المحبة


أن تفرح لفرح إنسان، وتقدمه، وتألقه، أمر طبيعي، لا يختلف عليه اثنان، أما عكس ذلك فهو غير الطبيعي، واللامنطقى، بل وغير السوي. الإخلاص في المحبة، والمقصود بها هنا "الاجتماعية"، أمر لا تصل إليه النفس إلا بعد جهد وتجارب، ومواقف تؤكد أن هذا الأمر لا ينقصها شيء، بل يزدها ويسعدها ويرويها.


مشاركة الآخرين بهجتهم، والإخلاص في هذه المشاركة بالقول والفعل، نوع من إضفاء الفرحة، على قلب المخلص ذاته قبل الغير، وإعلان تام للجميع بنقاء سريرته، وصفاء نواياه، ومنحة إلهية بخير وفير، له أولا، قبل الآخرين.

محبة لا تشوبها أحقاد أو ضغائن أو كراهية، أو تربص، أو استكثار للنعمة على الغير، الاحساس بألم في آلامهم، ومشاركة في همومهم، ودعاء سري لهم بظهر الغيب، بتفريج الكروب وزوال الهموم.

الإخلاص في المحبة، أمر قلما يتمتع به أحد، إلا من جاهد نفسه للوصول إلى تلك المرتبة العالية من الاستقامة النفسية، والاعتدال الاجتماعى، فأضحت فرحة الآخرين تنعش قلبه بلا تصنع أو رياء، وأحزانهم تطعنه بلا نفاق.

لا يدمر الحقد إلا صاحبه، فيتخلى عن إنسانيته، ويتحول إلى مرجل بخارى، معبأ بكل المكاره والشرور التي تنفث سمومها فيمن حولها، فيخسر الجميع، ويبقى فردا، بلا صديق، بعد أن اكتسب ازدراء الآخرين بامتياز.

لنُعمل فطرتنا السليمة على أن مشاركة الآخرين تفوقهم وفرحتهم بصدق، أن ننزع فتائل الأحقاد، ونخمد شعلة الكراهية، ونطفئ جذوة نار الغيرة، بماء المحبة الخالصة، لنسعى أن تكون السرائر صافية، أن تعود القلوب لردائها الطبيعى، أبيض فطرى.
الجريدة الرسمية