رئيس التحرير
عصام كامل

الفراعنة على ضفاف النهر الهندي!


امتد الحديث لسنوات طوال عن إقامة مهرجان مصرى في الهند يهدف إلى تعزيز أواصر العلاقات الثقافية، وتمتين جسور التواصل بين الشعبين العريقين، وقد كانت نهاية الأسبوع الثانى من نوفمبر الجارى موعدًا لإطلاق مهرجان "مصر على ضفاف الجانجا" في العاصمة "نيودلهى" ومدينة "بومباى"..


المهرجان تضمن أنشطة وندوات ثقافية وعروض البالية ومعارض للحرف اليدوية وفن الكاركتير، و"الجانجا" أو كما يُطلق عليه نهر "الغانغ" هو نهر مقدس لدى الهندوس، يبدأ من جبال الهملايا ويصب في خليج البنغال جنوبًا، وله أهمية دينية حيث يلقوا بأنفسهم فيه ثلاث مرات لتطهير أنفسهم حسب معتقداتهم.

والمتأمل الوضع يجد أن السفارة الهندية في مصر قد سبقتنا كثيرًا في ذلك الأمر، حيث إنها تقيم سنويًا في مصر مهرجان "الهند على ضفاف النيل" للترويج لحضارتهم العريقة وأنشطتهم التي تعكس موروثاتهم العميقة، وهو المهرجان الذي يلاقى ترحيبًا وتفاعلا كبيرًا في الأوساط الثقافية المصرية، وخاصة مهرجان 2015 حيث شارك فيه الفنان الهندى "أميتاب باتشان"، صاحب الشعبية الجارفة لدى المصريين.

نعم ما زالت الهند تحتاج إلى المزيد من الجهود لتعريف شعبها بالثقافة المصرية، وتحفيزهم للسفر إلى مصر كوجهة سياحية متفردة تفوق نظائرها في العالم أجمع، كما أن حضارتنا العريقة وتاريخنا المشترك يشكل دافعًا إضافيًا لإنجاح هذه المهمة خاصة أن المواطن الهندى قارئ جيد للتاريخ المصرى، وكثير من الهنود لديهم شغف حقيقى لزيارة مصر، والأمر يتطلب تنسيقا ما بين السياحة وشركات الطيران من أجل المزيد من رحلات الطيران، بالتزامن مع إطلاق حملات بالترويج في هذا السوق الواعد بما سيكون له مردود الإيجابى على الحراك السياحى.

الهند التي تضم 140 مليون مسلم ترى أن الأزهر الشريف واجهة علمية لها قامتها وقيمتها لمسلمى الهنود، وتقدم مصر منح دراسية عديدة للجانب الهندى في هذا الإطار، ويمكن الاستفادة من ذلك بالترويج للطلاب المسلمين بالهند للدراسة في الأزهر الشريف، وما يدره ذلك من عائد جيد.

ما زالت أتذكر زيارتى وبعض أصدقائى لدكتورة هندية تلبية لدعوتها لنا في منزلها في الأطراف الشمالية لمدينة دلهى العريقة، وخلال الزيارة تبادل والدها الحديث معنا عن الأوضاع في الشرق الأوسط والمحاولات المستمرة للتدخل الامريكى في شئون الدول العربية، كان حديث والد الصديقة الهندية ناقدا لعدم الوحدة العربية، وناقدا للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، كان الرجل منصفا في نقده قارئا جيدا للأحداث في المنطقة، مهتما جدا بالشأن المصرى..

استأذننا الرجل للدخول لغرفة مكتبه وعاد بعد دقيقة في يده عدة أوراق مكتوبة بخط يده، وكان المفاجأة أن الأوراق تضمنت أهم المواقع الأثرية في مصر في القاهرة والجيزة وأسوان والأقصر، كنت أشعر بالفخر والرجل يقلب أوراقه المكتوبة بخط يده، ويحدثنى عن روعة التاريخ المصرى القديم، وعندما تركنا الرجل لبرهة توجهت بالسؤال لابنته هل والدك أستاذ في العلوم السياسية أو الحضارة أو التاريخ؟ أو له شأن سياسي، فكانت الإجابة أن والدها مهندس، فأيقنت أن الثقافة لا ترتبط بالدراسة أو طبيعة العمل!
الجريدة الرسمية