رئيس التحرير
عصام كامل

سيناء بين تنمية الحجر وهدم البشر


كان السماح بعودة أكثر ثلاثة آلاف من يطلقون على أنفسهم مجاهدين فى أفغانستان وباكستان وغيرهما من بؤر الإرهاب فى العالم بالإضافة إلى من خرجوا من السجون هروبا أو عفوا وتسليح كل هؤلاء من ترسانات الدول الفاشلة حولنا أحد أهم أخطاء المجلس العسكري الذي ظلم أو طن كثيرا بقراراته المتخبطة وهو السماح بتمركز هؤلاء في سيناء ضاعف الخطر الإرهابى على البلد.


وكان من المتصور أن ارتباط الحكم بحركة الإخوان المسلمين يمكنه أن يشكل حاجزا فكريا وعقائديا ضد الإرهاب والإرهابيين بشكل عام بل إنه يمكنه أن يقيم جسرا مع القلوب والعقول الضالة ويقودها إلى هداية الاعتدال والوسطية والمدنية والعصرية التي يبشر بها المصريون والعالم بأنها جوهر الدين والملة. لكن حدث العكس تماما مهددا ليس فقط الأمن القومى المصرى بمعناه الضيق الذي يتم الترويج له وإنما لسلم القيم المصرية الوطنية بمعناها الواسع القائم على السماحة والتسامح والتعددية الفكرية والسياسية والدينية.

قد باتت سيناء تعاني بين سطوة العنف الذي بلغ ذروته وتنوع فاعليه ما بين عصابات إجرامية وتنظيمات جهادية وتكفيرية وإهمال الدولة التي أرجأت مشروعات تنمية سيناء إلى أجل غير مسمى وساندت مشروعات استثمارية لم يجن أهل سيناء ثمارها.

فهذه المشاريع قامت فقط لأصحاب الحظوة من المقربين لسلطة الحكم السابق وهؤلاء ذهبوا لتنمية الحجر وجيوبهم الشخصية فقط وأغفلوا تنمية البشر كما أن الخريطة الاستثمارية لتوزيع هذه المشاريع غير صحيحة طبقا لجغرافية سيناء ولا يمكن أن نقيم دفاعا عن الوطن عن طريق مناطق عازلة شرقا فى سيناء وغربا في الساحل الشمالي والصحراء الغربية فى ظل التطور الهائل في أساليب القتال والحرب ورغم ذلك جرى احتلال سيناء بينما الحدود الغربية منفذ آمن للسلاح والإرهابيين من كل نوع.

إن حل معضلة سيناء وفراغها يمكن حلهما من خلال ثلاثة أساليب فورية:

1- أن تطبق كل القوانين السارية في وادي النيل على أهل سيناء وفي المقدمة منها قوانين الملكية والاستثمار، التي دونها لن نتحرك خطوة واحدة إلى الأمام لأن أهل سيناء سوف يشعرون دائما بالظلم ونقص المساواة ومن ثم الغضب والسخط والإحباط.

2- استكمال مشروع ترعة السلام لضمان دخول المياه العذبة لسيناء لمشاريع الري وتوفير ري دائم.

3- تحقيق التكامل ما بين مشروع تعمير سيناء مع مشروع تنمية إقليم قناة السويس وفي كلتا الحالتين سوف يحتاج الأمر إنتاج الثروة أولا ثم عمل الترتيبات اللازمة للدفاع والحماية ثانيا اعتمادا على الموارد التي ستصير هائلة من تنمية الإقليمين.

فالأوضاع الراهنة فى سيناء لم تكن لتظهر لو أن لدينا سعيا جادا لبناء الوطن بشرا وحجرا فمثل هذا البناء لا يمكن أن يقام اعتمادا على مشروع للتنمية هنا أو هناك.
الجريدة الرسمية