رئيس التحرير
عصام كامل

وباء التطرف الإسلامي يعبر حدود الدول!


ظننا أن الدول العربية قد نجحت منذ سنوات في استئصال شأفة الإرهاب الذي مارسته الجماعات الإسلامية المتطرفة أيًا كانت التسميات التي تسترت وراءها، غير أن الأحداث المتلاحقة في السنوات الأخيرة أثبتت أن الإرهاب قد عاد من جديد، وأخطر منه نزعات التطرف الإسلامى التي أخذت تسود في البلاد التي قامت فيها ثورات الربيع العربى، وفى مقدمتها تونس ومصر وليبيا.


في تونس الذي حصل فيها حزب النهضة الإسلامى الذي يرأسه "راشد الغنوشى" على الأغلبية ظهر على يمينه تيار سلفى متشدد أخذ يعبر عن تطرفه في اعتدائه على مؤسسات تونسية وفى هجوم على ممثلى التيار الليبرالى، وفى محاولة منعه بالقوة العروض المسرحية والفنية.

ولم يتورع هذا التيار عن الدخول في مصادمات دموية مع قوات الأمن، وتراخت قيادات حزب النهضة وعلى رأسها "الغنوشى" في مجال اتخاذ قرارات حاسمة لردع هذه العصابات السلفية الشاردة، التي باتت تهدد مصير المرحلة الانتقالية في تونس وتؤثر على الاستقرار الاجتماعى والأمنى.

وقد لفت نظرى – في مجال متابعة الأحوال التونسية- ما نشر في جريدة "الوطن" من أخبار المصادمات الدامية بين السلفيين والأمن التونسى.

يقول التقرير الذي كتبه "محمد حسن عامر" في (عدد 287 من الوطن): إن "أبو عياض" زعيم تنظيم أنصار الشريعة في تونس وجه كلمة صوتية إلى أنصاره أكد فيها انتصاره على قوى الأمن واصفًا إياهم بالطواغيت وأن أنصاره لم يهزموا!

جاءت هذه الكلمة بعد معركة قامت بين السلفيين من جماعة "أنصار الشريعة" والأمن انتهت بإصابة 11 فرد أمن ومقتل أحد أفراد أنصار الشريعة.
وكانت هذه المعركة بمثابة اختبار قوة خطط له هؤلاء السلفيون المهووسون لحسم مشكلة من الأقوى هم أم قوات الأمن؟

غير أن المواجهة أثبتت أن قوات الأمن التونسية متماسكة، وقامت بردع هذه العصابات.

وقد بلغت حماقة زعيم جماعة «أنصار الشريعة» أن صرح قائلًا "إنهم لم يهزموا وأكد أن هناك – إن شاء الله- مواجهات قادمة بإذن الله".
ما هذا التطرف وما هذا الجنون الذي يدفع هذه العصابات السلفية الشاردة أن تفتعل معارك مع قوات الأمن يسقط فيها ضحايا من الطرفين؟

وألا يذكرنا ذلك بالفوضى الذي سادت الشارع المصرى بعد أن ظهر "حازم أبو إسماعيل" على المسرح ونشأت جماعة "حازمون" التي مارست عيانًا بيانًا إرهاب الإعلام وذلك في مظاهراتهم المتكررة أمام مدينة الإنتاج الإعلامى؟

ومعنى ذلك أن البلاد العربية التي قامت فيها ثورات الربيع العربى وهى تونس ومصر وليبيا، معرضة لأن تجتاحها في الأجل القصير والمتوسط موجات وباء التطرف الإسلامى الذي أصبح يتخذ أشكالًا متعددة.

ولعل ما يحدث في سيناء اليوم بعد اختطاف الجنود السبعة وعرض صورهم بطريقة مهينة يشير إلى خطورة استفحال هذه الحركات الإسلامية الجهادية المتطرفة والتي تحاول في الواقع هدم أسس الدول من خلال ما تمارسه من ابتزاز للإفراج عن الإرهابيين من أتباعها الذين صدرت عليهم أحكام بالإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة.

ويعكس تردد الرئيس "محمد مرسى" في إصدار الأمر للقوات المسلحة والأمنية بالحسم العسكري للموضوع خطورة حكم الإخوان المسلمين على الأمن القومى المصرى.

فهذه الجماعة بحكم اتجاهاتها الإسلامية وروابطها الوثيقة مع حماس وغيرها من الجمعيات الجهادية، تبدو عاجزة عن اتخاذ مواقف حاسمة للدفاع عن هيبة الدولة المصرية بحكم علاقاتها المشبوهة مع هذه الجماعات.

وليس أدل على ذلك من قرارات العفو التي أصدرها الرئيس "محمد مرسى" عن عدد كبير من الإرهابيين السلفيين الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية نهائية بدون مسوغ قانونى وبغير مبرر سياسي.

وتقول بعض التقارير إن عددًا من هؤلاء عادوا مرة أخرى لممارسة الإرهاب، سواء في سيناء أو في أماكن مصرية أخرى يعدون العدة لارتكاب حوادث إرهابية فيها.

ومن هنا يمكن القول إن وباء التطرف الإسلامى يحتاج إلى وقفة جادة من كل القوى السياسية المصرية للاتفاق على سياسة ثقافية تقتلع التطرف من جذوره، بالإضافة إلى إجراءات أمنية وقانونية صارمة لا تسمح لهؤلاء بأن يعبثوا بأمن الوطن تحت شعار "تطبيق شرع اللهّ"!
ومتى كان شرع الله يعنى قتل الأبرياء والاعتداء على الأرواح والممتلكات؟
eyassin@ahram.org.eg
الجريدة الرسمية