رئيس التحرير
عصام كامل

به سعدت السموات والأرض


ما أطيب الحديث عن سيدنا ومولانا وعظيمنا وأكرمنا على الله تعالى ومصطفانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله، فبذكره تنشرح الصدور، وتسعد القلوب، وتطمئن النفوس، وتدب الحياة، وتتنزل الرحمات، وندرك قيمة الإنسانية وقيمها، وخاصة عندما نتحدث عن إنسانيته الكاملة التي لم تفارقه طيلة حياته والتي hمتدت إلى الخصوم والأعداء.


تلك الإنسانية التي حوت كل المكارم والفضائل والمحاسن والقيم النبيلة، والتي لم يلحق بها شيء من التكلف، فقد كان مبعثها تلك الفطرة الطاهرة النقية السليمة التي فطره الله تعالى عليها، بالإضافة إلى أن الذي أدبه ورباه وحفظه ورعاه هو الله تعالى، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال: "أدبني ربي فأحسن تأديبي"..

فرسول الله هو المتأدب بالآداب الربانية، والمتخلق بالأخلاق القرانية. هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله هو رحمة رب العالمين للعالمين.. أي لعالم الإنس والجن ولعالم أهل السموات والأرضين وعالم الدنيا والآخرة، بل هو رحمة الله تعالى لجميع خلقه سبحانه، وبه سعدت السموات والأرض..

فما أطيب الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله.. وأتذكر أني كنت جالسا يوما في حضرة شيخي رحمه الله وكان حديثه عن سيدنا رسول الله وكان ضمن ما قاله: "أن قدر رسول الله ومنزلته ومكانته عند ربه تعالى لا يعلمه أحد من الخلق، ولا يعرف قدره إلا خالقه عز وجل، فبه سعدت السموات والأرض".. فقلت له: "كيف ذلك يا شيخي"..

قال: "جاء في الأثر أن السماء والأرض تحاورتا وأخذت كل منهما في التباهي والتفاخر على الأخرى، فقالت السماء للأرض بلسان الفخر والتعالي: يا أرض أنت الوضيعة وأنا العلياء الرفيعة.. أنت المظلمة وأنا المنيرة المقمرة.. وهل عندك الشمس والقمر.. فوجل قلب الأرض وانكسر. فأطلع عليه الحق سبحانه وتعالى.. وظلت الأرض مكسورة حزينة إلى أن ولد النبي..

فلما ولد سيد الخلق والبشر صلى الله عليه وسلم أشرقت الأفلاك من نور طلعته وتباشرت.. أي سعدت واستبشرت بمولده العوالم بنور غرته.. عند ذلك قالت الأرض للسماء وهي مفتخرة عليها.. يا سماء أتذكرين يوم افتخارك على واليوم وصلت مراحم الرحمن إلى واليوم لي الفخر عليك.. هل عندك يا سماء مثل هذا المولود حبيب الله ومصطفاه..

هل عندك من خلق الله من أجله الوجود.. وإن كان عندك الشمس والقمر فعندي وزيراه أبا بكر الصديق وعمر الفاروق. وإن كان وجهك بلأنوار ممتلأ فعندي صهراه ذو النورين عثمان وعلي بن أبي طالب الكرار زوج الزهراء فاطمة البتول شبيهة أبيها الرسول في خلقه وخلقه سيدة نساء العالمين..

هنا استغاثت السماء بربها عز وجل فقالت: إلهي.. يامن عوائده جميلة شرفني بلثم وتقبيل أقدامه الشريفة ولو ساعة واحدة.. فأوحى الله تعالى إليها.. يا سماء سنجعل قدومه عليك ليلة المعراج لتشرفي به وتبتهجي كمال الابتهاج".

هنا توقف شيخي عن الحديث وزرفت عيناه بالدمع ثم قال: يابني.. اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله هو مراد الله تعالى من بين جميع خلقه، فهو الحبيب الأعظم والخليل الأكرم، ولولاه ما خلق الله تعالى هذا الكون..

صلاة وسلاما دائمين متلازمين عليك ياسيدي يارسول الله، ياسيد الأنام ونور الظلام ومسك الختام وشمس الأكوان وعلى آل بيتك الأطهار وصحابتك الكرام..
الجريدة الرسمية