رئيس التحرير
عصام كامل

نزار قباني يدافع عن "هوامش على دفتر النكسة"

نزار قبانى
نزار قبانى

عندما أصدر قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" تعرض مؤلفها الشاعر نزار قبانى "رحل عام 1998" لهجوم شديد ووجهت إليه الاتهامات بتهمة مهاجمته مصر.

كتب نزار قبانى في روز اليوسف عام 1968 يرد على مهاجميه فقال:

إن إحساسي بعد 5 يونيو 1967 كان إحساس المذبوح تحت السكين، ومن المؤلم أن يساء فهم قصيدتى إلى حد الطعن في وطنيتى وعروبتى، وأن الذي يحب شعبه لا يخفى عنه شيء، وأنا أعتبر قصيدتى هذه الوطنية المفرطة في الوطنية لأن الذي يحب بلاده حقيقة يكشفها ويصارحها في كل شيء.

تعودت منذ بدأت كتابة الشعر أن أواجه الحقائق بدون أقنعة وبدون مساحيق وبدون رقص على الحبال، وأن الأدب الذي لا يواجه الحياة بأبيضها وأسودها هو أدب منافق ووصولى، ولقد شبعنا خلال عصور الانحطاط من طبقة الكتاب المنتفعين من أدبهم، والذين يستعملون كلماتهم كالجوارى في سوق النخاسة.

إن ما كتبته بعد كارثة يونيو 67 كان إحساس المذبوح تحت السكين، وفى مثل هذا الموقف كان لى أن أصرخ بأعلى صوتى، ولم تكن قصيدتى هوامش على دفتر النكسة نوع من الصراخ الحاد والنزيف الرهيب.

إنهم لم يفهموا قصيدتى هكذا كما هي لأن التكوين العقلى لغالبيتنا لا يسمح له باحتمال الحقيقة، نحن مغرمون بأنفسنا إلى درجة العبادة ومعجبون بجمالنا لدرجة النرجسية، ومخدرون بالمدائح وبأقاصيص البطولة، لذلك لم تستطع هذه الفئة المغرمة في عبادة المبادئ أن تحتمل وضع النقاط على الحروف في القصيدة الأزمة.

وأنا عاشق لمصر وقد أذاني جدا أن يدعى أحد المهرجين أننى كنت أعنى في قصيدتى الشعب المصرى، فقصيدتى بدأتها بالهجوم على الكتاب والكلمات وعلى نفسى.

إن مصر ستبقى في عين كل عربى وفى قلبه وفى وجدانه، وأنا الذي غنيت مصر في معركتها ببورسعيد العظيمة، وسأكون دائما مغنيا لها ولكل الوطن العربى.

إن فنى هو من الوطن العربى وله، ولا أتصور بيت شعر أكتبه لا يحمل رائحة بلادى في أيام السلم وأيام الحرب جميعا.

إن قصيدتى هوامش على دفتر النكسة هي بالنسبة للقارئين الشرفاء والمتجردين.. قصيدة حب من طراز أول، والذين قرأوها من زاوية الحب وجدوا فيها التعبير الصادق والعفوى عن نزيفنا الداخلى.
الجريدة الرسمية