رئيس التحرير
عصام كامل

ردوا تحية الشعب بأفضل منها


يثبت الشعب المصري دائما أنه على قلب رجل واحد، ويظهر معدنه الأصيل وقت الشدة والأزمات، حتى وإن كان يتضوّر جوعًا. 

تحرك الشعب بحس وطني مسئول ونزل الشارع في مشهد ليس بغريب عليه، تأييدًا للرئيس في مواجهة "إخوان الشياطين" والمحرضين والمأجورين لإعادة مصر إلى الفوضى مرة أخرى.


يدرك الشعب أن الأمن والأمان نعمة، لا تقوم الأوطان ولا تنهض بدونهما، ولم تغب عن ذهنه أيام سوداء ورعب الفوضى وحرائق وسرقات واكبت 25 يناير وما تلاها من كوارث، ثم "وصمة عار" حكم الإخوان لمدة عام مر على الشعب كأنه دهر، لذا كان لزاما التصدي لتلك الشرذمة وفلول من يعاونهم.

يقظة الشعب جعلته يبهر العالم في 30 يونيو2013 كثورة حقيقية ضد حكم فاشي، ووعيه السياسي بالفطرة جعله يتحمل أعباء ثقيلة ويواجه مريدي الفوضى تمهيدا لإسقاط الدولة، التي تنهض عمرانيا واقتصاديا واجتماعيا وفي الوقت نفسه تواجه الإرهاب، وتحارب على جميع الجبهات.

تحرك الشعب لأنه لم ينس تحالف قوى الظلام الإخوانية والسلفيين وبقية الجماعات المتطرفة مع قطر وتركيا وإيران وكبيرتهم أمريكا، لتنفيذ هدف "باراك أوباما" الإستراتيجي المعروف بـ "عقيدة أوباما" لتقسيم الدول العربية إلى دويلات، وتمكين "الإخوان المسلمين" من حكمها، لجعل إسرائيل القوة المسيطرة والمتحكمة في مصائر وثروات العرب، وهو ما أعلنته صراحة وزيرة الخارجية "هيلاري كلينتون" في العام 2011: "لن نتخلى عن الربيع العربي، وسنعمل على تعزيز الديمقراطيات الناشئة، ولن يضيرنا وجود قلة من المتطرفين تمارس الإرهاب، وبالنسبة لفلسطيني قطاع غزة فسيكون لهم وطن بديل في سيناء".

كان هذا المشروع الذي وافق عليه "محمد مرسي" وجماعته الإرهابية وتباحثوا بشأنه مع الإسرائيليين، وكادوا يحققونه لولا أن قضت ثورة 30 يونيو، عليهم وعلى خيانتهم وأنهت "عقيدة أوباما".

تحمل الشعب أعباء وضغوط جسيمة على جميع الأصعدة، إن كان في عهد الرئيس الأسبق مبارك أو فوضى يناير وما تلاها، ثم حكم الإخوان حتى تخلص منهم، وعندما انتخب الرئيس السيسي تحمل عن طيب خاطر أعباء إعادة بناء البلد والإصلاح الاقتصادي، حتى بات لا يجد قوت يومه، وبدلا من أن تخفف الحكومة عن كاهله وترد له الجميل، وتبذل الجهد ليلمس تحسنا في معيشته وبريق أمل في مستقبل أفضل، خصوصا بعد الإعلان عن عبور مصر عنق الزجاجة وأنه حان وقت قطف ثمار الإصلاح الاقتصادي، وجدنا أن ضغوط الحكومة زادت عليه وبات كل عجز لديها تحمله الشعب، فمثلا بعد الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي وبدء التصدير، زادت الحكومة أسعار الغاز الطبيعي للمنازل!!..

وعندما أعلن الرئيس عن زيادة الرواتب والمعاشات، ضاعفت الحكومة الأسعار بشكل فاحش أتى على أضعاف الزيادة قبل صرفها رسميا، وفي الوقت ذاته غابت الرقابة الحكومية نهائيا عن الأسواق والشارع وتركت المواطن فريسة لجشع التجار واحتكار السوق، وبات كل محل وتاجر يبيع ما لديه بالسعر الذي يحلو له، لأن "من أمن العقوبة أساء الأدب"، وبات رفع أسعار المنتجات صداع يومي للمواطن مع كل خطوة حكومية لرفع الدعم أو زيادة خدماتها في ظل غيابها التام عن الرقابة والمتابعة.

الغياب الحكومي عن نبض ومعاناة الشارع إلى جانب انحياز تام من البرلمان إلى قرارات الحكومة بدلا من محاسبتها وتحقيق مصالح الشعب، جعل فئة قليلة من المواطنين تئن من صعوبة الحياة، وفقدت الأمل في تحسن معيشتها وتدبير احتياجاتها، لتستجيب لدعوات "الإخوان" الخبيثة بالتظاهر، لم يكن هدف هؤلاء إيذاء الدولة قدر إيجاد من يسمع شكواهم ويخفف عنهم أعباء الحياة بعد أن خذلتهم الحكومة والبرلمان معا.

يؤكد ما ذكرته أعلاه بيان النائب العام بإطلاق سراح كثير من الموقوفين في التظاهرات الأخيرة "لأنهم تظاهروا نتيجة ضغوط وأعباء الحياة الناتجة عن الإصلاح الاقتصادي الذي يجري في الدولة".

مع عودة الرئيس من الأمم المتحدة، طمأن المواطنين بأنه يشرف بنفسه على تنقية بطاقات التموين، وأمر بإعادة 1.8 مليون بطاقة من المستبعدين، ما يعني أن وزارة التموين كانت تحذف البطاقات جزافا دون تدقيق أو معايير صحيحة، كما أمر الرئيس بتكثيف الرقابة على الأسواق لمواجهة الغلاء وتحسين الخدمات!!.

الحقيقة أن كثيرا من وزراء الحكومة استرخى في مكانه واعتمد على المستشارين دون نتيجة ملموسة، وبات الأمر بحاجة إلى ثورة حكومية لتغير الوزراء غير الفاعلين وتدفع بأسماء تخدم الشعب والبلد، كما تحتاج مصر ثورة في الإعلام الرسمي ليواجه اعدائنا ويعيدنا للريادة عمليا لا قولا، نحتاج ثورة على الفساد الذي ينخر في مفاصل الدولة، ثورة برلمانية بانتخاب نواب ينحازون للشعب ويحاسبون الحكومة، ثورة ضمير لمحاسبة كل متقاعس في عمله، وبهذا تردون تحية الشعب بأفضل منها ولا تتركون ثغرة للمتربصين بمصر.
الجريدة الرسمية