رئيس التحرير
عصام كامل

عضو لجنة الصحة في البرلمان": أدوية التخسيس والمبيدات المغشوشة سبب انتشار "المرض البطال"

الدكتور مكرم رضوان،
الدكتور مكرم رضوان، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب


  • "الفاميلي دكتور" بالوحدات الصحية بالقرى هو الحل الأمثل للمواجهة
  • المبيدات المغشوشة تزيد نسبة تخزين المواد المسرطنة داخل الزراعات الغذائية
  • سوق الدواء والمبيدات بمصر يخضع لرقابة شديدة
  • "مافيا الأدوية" تحقق أرباحا باهظة من وراء أدوية التخسيس ومستحضرات التجميل
  • نحتاج رقابة مشددة لإنقاذ صحة المصريين


قررت وزارة الصحة والسكان، اليوم الخميس سحب عقار "زانتاك" بكل أشكاله الصيدلية وتركيزاته لحين الانتهاء من الإجراءات التي تؤكد خلو المستحضر من شائبة بها مواد مُسرطنة بمستويات منخفضة.

وكانت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، كشفت النقاب الجمعة الماضية، عن أن بعض أدوية "الرانتيدين" تحتوي على نسب قليلة من شوائب نيتروزامين المسرطنة، وعلى رأسها الدواء المعروف باسم "زانتاك".

لا أحد ينكر أن هناك جهودًا مكثفة حكومية وغير حكومية في مصر، يتم بذلها من أجل توفير العلاج اللازم لمرضى السرطان. ولكن في المقابل لا تُبذل هذه الجهود في الوقاية من المرض الخبيث. لا يزال الحديث مستمرًا حتى يومنا هذا عن انتشار مبيدات وأدوية وأغذية مسرطنة عبر منافذ شرعية وغير شرعية، دون أن تجد من يتصدى لها ولأصحابها. الغريب أنها لا تُباع سرًا أو في الخفاء، ولكن يتم الترويج لها عبر منصات التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات، وأحيانًا من خلال أطباء وصيادلة يبحثون عن الربح السريع والثراء الحرام. الإحصائيات قد لا تضع مصر في صدارة الدول الأكثر إصابة بالمرض اللعين، ولكن الواقع يؤكد أن نسب الإصابة فيها كبيرة وقابلة للزيادة. 

والأرقام المرصودة للعلاج أيضًا في ارتفاع، ويكفى أن تعرف أن مصر تنفق نحو 2.5 مليار جنيه سنويًا لعلاج مرضى السرطان

وفى هذا الصدد حمل الدكتور مكرم رضوان، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، المبيدات المغشوشة التي يتم تصنيعها في مصانع "بير السلم" مسئولية انتشار الأمراض السرطانية في مصر، مشيرا إلى أن سرطنة المواد الغذائية من أهم أسباب الإصابة بالمرض اللعين، خاصة وأن أغلب المصريين يفتقدون إلى ما يعرف بثقافة الغذاء، وحذر رضوان من خطورة الاعتماد على طرق بدائية في الزراعة على صحة الشعب، كاشفا أن بعض المزارعين، يستخدمون مياه الصرف الصحى في ري أراضيهم، وكذلك يستخدمون المبيدات الزراعية بكثرة، بهدف سرعة الإنتاج.
 
وشدد عضو صحة البرلمان في حوار لـ"فيتو" على أن الاعتماد على "الفاميلي دكتور" أو طبيب العائلة هو الحل الأمثل لمواجهة المرض اللعين، مطالبا في الوقت نفسه بتشديد الرقابة على مصانع بير السلم التي تصنع مبيدات وأدوية مغشوشة تحت أسماء مقلدة لأسماء منتجات مرخصة.. وإلى نص الحوار

= بعد انتشار مرض السرطان بين مختلف الفئات العمرية حاصدا العديد من الأرواح في ظل عدم وجود علاج يقضى عليه، ما أبرز الأسباب التي تؤدى إلى الإصابة بالمرض؟
هناك عدد من الأسباب التي تؤدى للإصابة بمرض السرطان، يأتى في مقدمتها استخدام المبيدات المغشوشة في المنتجات الغذائية، بالإضافة إلى التدخين.

= وكيف يمكن أن نواجه السرطان من المنبع بدلا من الاكتفاء بالعلاج في المراحل الأخيرة له؟
يمكن مواجهة ذلك المرض والحد منه، من خلال القضاء على الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة به، فعلى سبيل المثال، يتم الإقلاع عن التدخين، وعدم استخدام مبيدات مغشوشة في الزراعة، وكذلك تقنين استخدام المبيدات الأصلية في الزراعة، بالإضافة إلى منع رى الزراعات الغذائية بمياه صرف صحى، وغيرها من الأمور المهمة التي يمكن أن تحد من انتشار المرض.

= يبدو من حديثكم أن هناك مبيدات صالحة غير مسببة للسرطان وأخرى مسببة، هل يمكن توضيح ذلك الأمر؟
بالفعل لابد من التوضيح هنا، خاصة اننى أرى أن سرطنة المواد الغذائية من أهم أسباب الإصابة بالسرطان، خاصة وأننا نفتقد ما يعرف بثقافة الغذاء، حيث تبدأ الإصابة بالسرطان منذ رش النبات الغذائي بالمواد المسرطنة خلال مراحل زراعته، وذلك من خلال قيام بعض المزارعين برى زراعاتهم الغذائية، بمياه الصرف الصحى غير المعالج، وهو الأمر المحظور بالخارج، حيث يمكن استخدام مياه الصرف الصحى في زراعات معينة ليس من بينها الزراعات الغذائية، وأيضا هناك بعض المزارعين، يستخدمون المبيدات الزراعية بكثرة، بهدف سرعة الإنتاج، وهو أمر غير علمى وغير منطقى، فالمبيدات الزراعية المخصصة للنبات هي مثل الدواء المخصص للإنسان، لابد أن يتم تداوله وتحديد كمياته تحت إشراف متخصص، وهو المرشد الزراعى "طبيب النبات"، فهو المنوط به تشخيص المرض، وتحديد العلاج المناسب، فالنبات كائن حى، وبالتالي أرى أهمية كبيرة جدا للمرشد الزراعى في مواجهة ذلك المرض، الذي سيحدد كمية المبيدات المطلوبة للنبات، نظرا لأنه حال زيادة الكمية عن احتياج النبات، فإن ذلك يؤدى إلى تكوين مواد مسرطنة بداخله، تتسبب في إصابة الإنسان بالسرطان مع تناوله له بكثرة، وكذلك هناك بعض المزارعين، يستخدمون مبيدات مغشوشة، يتم تداولها في الأسواق، في ظل عدم الرقابة الكافية على أسواق المبيدات، ما يؤدى إلى زيادة نسبة تخزين مواد مسرطنة داخل الزراعات الغذائية، نظرا لأن تلك المبيدات مجهولة المصدر ويتم إنتاجها بمصانع بير السلم تحت أسماء مقلدة لأسماء منتجات مرخصة، وبالتالي تصيب النبات بالمواد المسرطنة، وبالتالي تنتقل إلى الإنسان عند تناوله تلك المنتجات.

= وما روشتتكم للحد من الإصابة بالسرطان عبر تلك الأسباب وغيرها؟
لابد من عودة المرشد الزراعى، ليمارس دوره الهام في الإشراف على الزراعة، بحيث يكون هناك مرشدون زراعيون متخصصون في زراعة نباتات أو محاصيل معينة، وكل منهم يصف الدواء المناسب لكل نبات متخصص فيه، والكمية المناسبة منه، وهو الأمر الذي سيعمل في النهاية على تحسين المنتج الغذائي وخلوه من أي مواد مسرطنة، كما يجب زيادة الرقابة على المواد والمزروعات الغذائية، خلال دائرة وصولها للمواطن، حتى تصل إليه صالحة تماما وخالية من أو مواد مسرطنة، بالإضافة إلى الاهتمام بثقافة الغذاء، فهناك علم يسمى علم التغذية، لابد من ضمه للمناهج الدراسية بالمدارس، بحيث يتعلم الطلاب منذ الصغر، ثقافة الغذاء، التي تتضمن كيفية أن نفرق بين الغذاء الذي يحتوى على مواد مسرطنة والذي لا يحتوى بناء على تاريخ وكيفية زراعته، وكذلك نوعية الأكلات التي نأكلها كل يوم، فلا يجب الإكثار مثلا من المواد المصنعة، وتتضمن مواد حافظة ومكسبات طعم، مرات متعددة يوميا، حيث إن ذلك خطر كبير يسبب الإصابة بالسرطان، على العكس لابد من تناول الخضراوات والفواكه الطازجة الآمنة يوميا.

= وهل نحتاج إلى تشريعات أو إجراءات شديدة وصارمة لمنع استيراد مبيدات مغشوشة من الخارج؟
أؤكد هنا، أن لدينا منظومة قوية محكمة فيما يتعلق باستيراد الأدوية والمبيدات، حيث يوجد ضوابط ومعايير صارمة يخضع لها الدواء داخل مصر، وحال عدم توافر تلك الضوابط والمعايير، لا يتم التصريح بدخوله أو تداوله، وبالتالي أرى أن سوق الدواء والمبيدات بمصر يخضع لرقابة شديدة.

= إذن.. كيف توجد أدوية ومبيدات مغشوشة، في ظل الرقابة المحكمة القوية الشديدة؟
للأسف، يتم إنتاجها في مصانع بير السلم، حيث يتم تقليد أسماء المنتجات المعروفة والمرخص بتداولها، على منتجات مغشوشة داخل تلك المصانع، ويتم تداول تلك المنتجات في الأسواق من جانب بعض معدومى الضمير، لتصل إلى المواطن في النهاية ويستخدمها، وهنا أشير إلى خطورة ذلك الأمر، حيث يحقق هؤلاء المتورطون في تلك الجريمة، مكاسب مادية باهظة، ويتسببون في إصابة ملايين المواطنين بالسرطانات، والأمر لا يتوقف عند غش المبيدات الزراعية، بل يصل إلى الأدوية ومستحضرات التجميل وأدوية التخسيس، بالإضافة لأدوية تحسين العضلات، التي يتم تداولها داخل مراكز اللياقة البدنية، "الجيم"، حيث تمثل تلك الأدوية المغشوشة خطرا كبيرا على صحة المواطنين، وبلغ الأمر لتصبح منظومة ضخمة تحقق مكاسب مالية باهظة من وراء مثل هذه الأوضاع.

= وهل ترى أن هناك مافيا خارجية تستفيد من تصدير السرطان إلينا حتى تستفيد من اقتصاديات العلاج؟
لا أعتقد ذلك، فالعدو عندما يرانا حريصين على أنفسنا، لن يكون قادرا على إلحاق الضرر بنا بشكل كبير أو ممنهج، وبالتالي أرى أن أخطاءنا وعدم وعينا سبب رئيسى في زيادة انتشار الإصابة بالمرض، وبالتالي لابد أن ندافع عن أنفسنا.

= وهل ترى خطوات أخرى يجب أن تقوم بها الدولة للحد من السرطان؟
أرى أن الكشف المبكر عن المرض مهم جدا، حيث يزيد من فرص العلاج بشكل كبير، وهو الأمر الذي يتطلب من الدولة تعيين أطباء ذي خبرة بالوحدات الصحية بالقرى، بما يعرف، بـ "فاميلى دكتور" والذي يمكنه تشخيص أي مرض، وتوجيه العلاج الصحيح له من البداية، حيث تعانى حاليا الوحدات الصحية بالقرى، من عدم وجود أطباء خبرة، والاكتفاء بالأطباء حديثى التخرج الذين لم يمارسوا أو يطلعوا على مثل تلك الأعراض، وبالتالي لا يتم اكتشاف ذلك المرض مبكرا.

= ولماذا من وجهة نظركم، لم يتم اكتشاف علاج يقضى نهائيا على ذلك المرض؟
هناك تقدم كبير في اكتشاف علاج لذلك المرض، كما يوجد حاليا علاج له، ولكنه مكلف جدا، وفى النهاية أرى أن الله له حكمة في ذلك.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..

الجريدة الرسمية