إنه بن لادن.. الثقة في الزعيم
«الثقة» تلك الكلمة قليلة الأحرف هي الإجابة عن سؤال كيف عاشت "نجوى غانم" مع "أسامة بن لادن" زوجها، وكيف قبلت بكل شيء، انتقلت معه من بلد لبلد، تقبلت أوامره، طريقة تربيته، حتى إقامتها في جبل حيث لا ماء، والأخطار من كل جانب قبلته من أجل ثقتها فيه.
وخلال أحاديثها مع "جين ساسين" مؤلفة كتاب «إنه بن لادن» فإن تلك الثقة بدأت قبل الزواج حين وجدت فيه شابا رزينا وهادئا، وحتى بعد زواجها حين طلب منها الجلوس في البيت وترك التعليم على أن يُعلمها هو دروسها، وتقول هي عن تلك الفترة إن زوجها كان واسع الاطلاع وهو أمر أشك فيه كثيرًا.
والثقة بدأت منذ تغيير حياة "نجوى غانم" ربيبة سوريا وجدة المدينة الساحلية، لتتحول لبيت ليس فيه من الأثاث الكثير، مُحرم عليها استخدام التكييف، حتى بدأت رحلة الترحال للسودان وتقول عن هذه الرحلة الأولى لها «أؤمن بأن الله يقرر كل شيء وقد ساندني إيماني حتى وأنا أصعد إلى الطائرة التي تغادر السعودية وارتبط انقطاعي الراسخ إلى الله بثقتي بزوجى..
كنا 18 شخصا وخصص لكل زوجة وأولادها مقاعد مختلفة في الطائرة وعرفت أن "أسامة" سيكون في الانتظار لاستقبالنا عندما نبلغ وجهتنا، وصليت إلى الله ليسخر الحلول لجميع مشكلات زوجي، وسبق وعرفت بعض الوقائع عن السودان، فهو البلد الأكبر مساحة في أفريقيا وحكومته إسلامية وتجاوره مصر، وحين وصلت وخرجت من الطائرة تعرفت على قامة زوجي الطويلة وهو يقف إلى جانب سيارة سوداء طويلة، وأحاطه حراس أمنيون مدججون بالسلاح».
ورغم العيشة الهنيئة في السودان، لكن الأمور لم تسر على هذا النحو، فقد بدأ "أسامة بن لادن" في إخضاع أولاده وزوجاته لبرامج شاقة ليجعلهم مؤهلين للكثير من الأمور، ومثال ذلك ما تقوله "نجوى بن لادن" « في أحد الأيام أبلغنا "أسامة" أن حالة العالم دفعته إلى الاستنتاج بأنه يجب أيضًا تدريب زوجاته وبناته ليصبحن صبورات وشجاعات، وأخذنا لمنطقة خارج الخرطوم ولا مؤن كافية وما إن بلغنا المكان المعزول في الصحراء حتى قيل إننا سنمضى الليل تحت النجوم»
وتكمل هذا المشهد «قال "أسامة" على الجميع الحد من تناول السوائل والمغذيات الأخرى ولن تتوفر لنا بعض الأغراض الضرورية مثل الأسّرة، ووقفت الزوجات والبنات مراقبات بينما طلب "أسامة" من أكبر أبنائه استخدام أدوات حفر لنبش فجوات كبيرة كفاية ليتمدد فيها إنسان على طوله وهو نائم، وخلال ذلك كان يعظنا، "عليكم أن تكونوا بواسل لا تفكروا في الثعالب أو الأفاعي تذكروا أنكم تخضعون لتدريب"»
السودان لم يكن فيه إلا النذر اليسير، فوجودك في جبل من جبال تورا بورا، وأطفال يلعبون على حواف الصخور، ولا ماء، والمراحيض والحجر من الطوف والأرض من السجاد السيئ الصنع وأنت في الأصل «ابن عز» هو العذاب بعينه الذي رأته "نجوى بن لادن" في أفغانستان.
وكعادتها لا تعرف أين تذهب حين تسافر فقد استقلت الطائرة بعد انتظار في الخرطوم 4 أشهر من الترقب والقلق، وتقول «كنت حامل للمرة العاشرة وزوجي لا يعرف، وفي أحد الأيام أبلغنا موظفو زوجي المخلصون أننا سنغادر جميعنا للخرطوم في الصباح التالي وفوجئت أكثر لما علمت بأن زوجي أمر بترك جميع أغراضنا الشخصية، ولا نعرف أين نذهب، وتم استئجار طائرة خاصة حتى وصلت أفغانستان، وفي اليوم التالي جاءنا "عمر" وكانت رؤيته مبعث فرح.
وأخبرني أنه سيأخذني لجبال تورا بورا، وتذكرت الاسم فقد سبق لزوجي أن وصفه بضع مرات، وهو يخبر أبناءه عن المعارك التي سبق وخاضها، لقد وثقت بزوجي منذ لحظة زواجنا الأولى، لقد اعتنى على الدوام بعائلته ولا سبب يدفعني إلى الاعتقاد أن هذه المرة ستكون مختلفة»
وتكمل «برغم ذلك فلم أستطع تخيل الحياة في مكان مرتفع جدًا إلى درجة إنه يمكنني لمس الغيوم، حافظت على ما بقى من هدوئي، رحب "أسامة" بنا حتى شاهدت الأكواخ الحجرية وبنيت كيفما اتفق بحجارة من مختلف القياسات وبدأت معرفة الوضع الحالي، لكن تلك الأزمنة كانت صعبة لم يمض وقت طويل حتى سئمنا من أنظمة غذائنا المحدودة، أخذنا نأكل البيض أو البطاطا أو الأرز فقط، ونادرًا ما تناولنا اللحوم، وما كنت في العادة اهتم بشأني، لكنني حامل وقلقة على طفلي الذي لم يولد بعد، وشكل أولادي الآخذون في النمو مصدر آخر للقلق الكبير، ولم أشتك أبدا حتى وأنا أكبت صراخي عندما يركض صغاري بلا مبالاة على حافة الجبل»