رئيس التحرير
عصام كامل

مديرة جمعية قرية الأمل لتأهيل المغتصبات ": أطفال الشوارع أصبحوا أكثر عنفا بعد الثورة

فيتو

هناك "ثأر بايت" بين أطفال الشوارع والداخلية ولا يمكن تحقيق التصالح بينهما
لدينا 16 مركزا تستوعب 300 طفل موجود بهم الآن 186 فقط
الحدائق والجراجات المهجورة ومحلات الوجبات السريعة المكان المفضل لأطفال الشوارع

محافظ القاهرة السابق أحضر لنا أتوبيس به 50 طفلا من أطفال ميدان التحرير لإعادة تأهيلهم
مجتمعنا جاهل لا يقبل الأطفال بعد التأهيل ونظرته لهم "زى الزفت"

تشير إليهم أصابع الاتهام بعد كل أحداث شغب وعنف في الشارع المصرى، دائما ما يكونوا داخل قفص الاتهام بتهم التخريب وحرق المنشآت، إنهم أطفال الشوارع الذين تتوه براءتهم في قانون الشارع الذي يعلى البقاء للأقوى، البعض يراهم ضحية والآخر يراهم بلطجية.
 
"فيتو" حاورت الدكتورة عبلة البدرى مديرة جمعية قرية الأمل لأطفال الشوارع وتأهيل المغتصبات للاقتراب من هذه الفئة أكثر: 

- بداية هل اختلف طفل الشارع قبل الثورة عن بعدها؟
طبعا اختلف كثيرا وأصبح أكثر عنفا وجرأة لأنه أصبح فاقدا لذرة الأمل الذي كان يمتلكها قبل الثورة، حيث كان هناك من يعطف عليه ويقدم له الخدمات وكان يشعر أن وضعه من الممكن أن يتغير، أما بعد الثورة انتظر تطبيق العدالة الاجتماعية فلم يجدها، لذلك أصبح هو من يحرق مصر دون أن يتقاضى أموالا مقابل ذلك، لأن الطفل أصبح بداخله غل وحقد تجاه المجتمع فيدمر ويثير الشغب بدافع ما يعتقد أنه جدعنة، وإذا عرض عليه شخص أموالا، فلا مانع، بالإضافة إلى أن هناك ثأرا بين أطفال الشوارع ورجال الداخلية لا يمكن حله أو التصالح بينهم، فضلا عن أن الطفل يجد نفسه في قفص الاتهام دائما وكبش فداء العجز السياسي.

- لماذا يصعب التصالح بين أطفال الشوارع والداخلية؟ 
لأنهم يلقون القبض عليهم ويجبرونهم على مسح وتنظيف دورات المياه وتلميع سيارة "الباشا"، فضلا عن اغتصابهم وانتهاكهم حقوقهم الإنسانية داخل الأقسام، لذلك يشعر أنه شخصية ضعيفة والدليل على ذلك أن أطفال الشوارع هم الذين حرقوا قسم السيدة زينب أثناء اندلاع الثورة وقاموا بهدم حائط لإخراج زملائهم من الحبس.
 
- يقال إن أطفال الشوارع بلطجية المستقبل ما تعليقك؟
كنا نقول قبل الثورة إن أطفال الشوارع قنبلة موقوتة وبلطجية المستقبل لكن بعد الثورة القنبلة انفجرت وأصبح الطفل بلطجى الحاضر، طفل الشارع أصبح يصنع قنبلة المولوتوف، لديه رغبة في الانتقام من المجتمع بأكمله الذي فقد الإحساس بالأمان فيه، أصبح لديه الاستعداد أنه يضحى بنفسه انطلاقا من أنه ميت وهو يتنفس وميت أيضا من غير نفس.

- ما رأيك في نظرة المجتمع لأطفال الشوارع؟
نظرة المجتمع لهم "زى الزفت" المجتمع لا يراعى الظروف القهرية التي كانت السبب في لجوء هؤلاء الأطفال للشارع، كل الظروف المحيطة بالطفل بدءا من ظروف تفكك أسرته أو معيشته الصعبة وصولا إلى جلوسه في الشارع ودخوله مراكز الشرطة كل هذا يجعل منه مجرما رغم أنفه، ويكون مجرما من أجل البقاء في هذا الشارع. 

-ما هي خريطة تجمع أطفال الشوارع؟
المركز مهتم بقضية أطفال الشوارع منذ 25 عاما، وتمكنا من رسم خريطة تجمعهم ويتم تحديثها كل 5 سنوات، وفى الغالب هم يختارون الحدائق والجراجات المهجورة أو بجانب محلات الوجبات السريعة حتى يتمكنوا من تناول بواقى الأكل من الزبالة، يختارون دائما الأماكن التي بها خدمات، الشوارع التي بها إشارات مرور ويكونون مجموعات حتى يستطيعوا إنقاذ أحدهم إذا أصابه مكروه.

- كيف تجذبون الطفل إلى المركز؟
نحن المركز الوحيد الذي ينزل ليجمع الأطفال من الشوارع ونجذبهم إلينا، وطبعا هذا دور الإخصائيين المدربين على التعامل مع طفل الشارع لأنه أكثر خبرة وذكى جدا حيث إنه يستطيع التفرقة بين الذي يستغله والذي سوف يقدم له يد العون والمساعدة، لذلك يقوم الإخصائيون بفتح حوار معهم ويشعرونهم بالأمان.

- كيف تتم عملية تأهيل طفل الشارع؟
الطفل عندما يصل المركز يتم دراسة الأسباب التي كانت السبب في لجوئه إلى الشارع وعمل اختبارات له لقياس درجة العنف وذكائه وعوامل كثيرة، وكل طفل له خطة علاج خاصة به وفقا للظروف القهرية الذي مر بها، ومدة التأهيل للطفل ليست ثابتة، هناك من يستغرق شهورا وهناك من يحتاج سنين، ويختلف التأهيل من طفل إلى طفل آخر، فالطفل الذي ظل فترة طويلة في الشارع يصبح من الصعب تأهيله ولكن ليس مستحيلا أيضا، أما الطفل الذي جلس في الشارع شهرا فمن السهل انتشاله وتأهيله ونقوم بتعليمه حتى تخرجه من الجامعة أو نؤهله لمهنة ونمنحه شقة حتى يبدأ بها حياته، بمعنى أننى لا آخذه طفل شارع وأعيده شاب شارع، لكن نؤهله بحيث لا يكون نقمة على المجتمع.

- هل يستمر كل الأطفال في المركز أم يعودون للشارع مرة أخرى؟
ليس كلهم.. هناك من يستمر وهناك من يعود للشارع مرة أخرى، حيث إن الطفل يصبح له احتياجات أخرى بعد جلوسه في الشارع فضلا عن عدم ثقته في الآخرين ولكن نسبتهم قليلة، وأتذكر أن محافظ القاهرة السابق الدكتور عبد القوى خليفة أحضر لى أتوبيس به 50 طفلا من أطفال ميدان التحرير لإعادة تأهيلهم، هناك من تم تسليمه إلى أهله وهناك من استمر في المركز، إلا أن هناك ما يقرب من 15 طفلا عادوا للشارع مرة أخرى، ونحن لدينا 16 مركزا تستوعب 300 طفل موجود بها الآن 186 طفلا فقط.

- لماذا يلفظ المجتمع أطفال الشوارع بعد تأهيلهم؟
لأننا مجتمع جاهل بالرغم من أنه يتم تأهيلهم نفسيا ومجتمعيا وتعليميا إلا أن المجتمع لن ينسى لهم أنهم كانوا في يوم من الأيام في الشارع. 
-بنات الشارع كيف يتم التعامل معهن؟
التعامل معهن صعب جدا لأنهن منتهكات ويتعرضن للاغتصاب في الشارع، لذلك التعامل معهن وتأهيلهن يستغرق وقتا، على سبيل المثال كانت هناك فتاة تعرضت للاغتصاب من قبل والدها وهى في السابعة من عمرها ظلت فاقدة للنطق سبع سنوات وتم علاجها طوال هذه الفترة إلى أن تحدثت وأصبحت مستقرة نفسيا إلى أن تزوجت وأنجبت.

- ظاهرة أطفال الشوارع من السبب فيها؟
الأسرة أولا وأخيرا، وأحمل الآباء والأمهات المسئولية لأنهم أصبحوا أكثر قسوة، في الماضى كانت الأم ترفض أن تنام شبعانة وأولادها جوعى، أما الآن فالآباء يجلسون في البيوت بدون عمل ويصبح الطفل هو العائل للأسرة وبالتالى وسط هذه الضغوط يلجأ الطفل إلى الشارع.

- متى يمكن أن تصبح شوارع مصر خالية من أطفال الشوارع؟
عندما يسود العدل في المجتمع وتكون هناك سياسة اجتماعية سليمة، أيضا عندما يتوفر تعليم جيد وثقافة مجتمعية حقيقية وعندما يتقبل المجتمع هذه الفئات بعد تأهيلهم.
الجريدة الرسمية