مذكرات الفاجومي.. مصالحة التليفزيون
في الحلقة الماضية توقفنا حين عرض "رجاء النقاش" على "أحمد فؤاد نجم" والشيخ "إمام" الظهور معه في برنامجه التليفزيوني «شريط تسجيل» ورغم أنه الوسيلة الأكثر انتشارًا الآن وبوابة الشهرة لأي فنان لكن ما حدث كان مفاجئًا وإن له أسبابا، يقول الفاجومي:
«فوجئنا جميعا بالشيخ "إمام" بيقول بمنتهى الجليطة لا كله إلا التليفزيون، أنا أربأ بنفسي وبفني أن يصل للناس من خلال التليفزيون، قال تليفزيون قال، وذهل "رجاء النقاش" من عنف رد فعل الرجل الفاضل المهذب، وضحك وبدأ يستفسر عن أصل العداوة بين الشيخ والتليفزيون وكان رد "إمام" طبيعي قصاد اللي عمله معانا التليفزيون»
«والقصة إن السيدة "عايدة شكري" المذيعة الأولى في إذاعة الشعب اتفقنا معاها إننا نعمل مجموعة من الشعارات الغنائية ونهديها لإذاعة الشعب، يحطوها بين الفقرات بين البرامج الرئيسية، وخدنا مهلة أسبوع وحتكون هي سايبة لنا خبر عند الأمن في التليفزيون نروج نسجلهم ونرجع، ويشاء السميع العليم إنه يكرمنا وخلصنا وفي الصباح، روحنا التليفزيون ودخلنا على الأمن و"إمام" معلق العود في دراعه..
وقلت لبتاع الأمن: إحنا عندنا معاد مع "عايدة شكري"، بص لنا بمنتهى القرف، وقال لـ"إمام": انت بتشتغل إيه؟، فرد انت شايف إيه؟، قال له: انا شايف قدامي راجل كفيف وشايل عود، إنت يا مطرب يا ملحن، واللي معاك شغال إيه، فرد "إمام" ده الشاعر "أحمد فؤاد نجم"، فضحك وقالي لي باستظراف شاعر.. شاعر بإيه؟ راحوا ضاحكين اللي معاه وقالولي متشعرلنا شوية ورديت عليه بإساءة»
«عينك ما تشوف إلا النور أربعة شداد بقوا يدألجونا على سلالم التليفزيون زي براميل الزيت، و"إمام" متأبد في العود سلمه يجي فوقه وسلمه يجي تحته، لكن ستر ربك خرج العود سليم والناس اتفرجت علينا وانا ضحكت لكن "إمام" كان حزين وحاسس بالإهانة ودموعه نزلت، فطبطبت عليه وقلتله لو مش عاوز تخش المخروب ده براحتك..
لكن نعود للأستاذ "رجاء" وقلتله متزعلش من "إمام" أصله مبيحبش التليفزيون لكن علشان خاطر عيونك يروح، وتاني يوم جت عربية خدت "إمام" العصر ورجعته 11 بالليل وكانت السعادة طافحة على وشه»
«وسألته سجلتوا إيه قالي "الغربة" و"عم السيد"، وحكى إزاي اتلموا عليه في التليفزيون ورحبوا بيه وازاي فكر يبصق على موظفي الأمن، والست شريفة فاضل قابلته بالأحضان، وطلبت منه يسمعها حاجة وسمعها عشق الصبايا، وعلى إثر إذاعة شريط تسجيل وضحت الرؤية، مجموعة من المكالمات التليفونية وبعدها الرسائل التي انهالت على مبنى التليفزيون مكالمات تسأل مين المغني الضرير، وتأكد إن المسألة أكبر من دماغ السادة كتّاب التقاير السرية اللي كان رأيهم اننا شوية حشاشين جعانين ونازلين شتيمة في الحكومة عمال على بطال»
الحياة تبتسم لهم
يقول الفاجومي: «واذا كان "هيكل" قال دي صرخة جوع هتقتلها التخمة، فـ"سليمان جميل" حامي حمى الفن قال في مقال إن الجماعة دول قاعدين يحششوا ويطلعوا الكلام الفارغ ده، وتساءل أين أجهزة الاتحاد الاشتراكي وأين ـمن الدولة، المهم انفتحت علينا شبابيك الدنيا ونجح بعض الصحفيين في الوصول إلى مجاهل "حوش آدم"، بعضهم جاء للرصد وآخر للفرجة والدهشة والبعض لكتابة التقارير..
وارتفع معدل الدعوات الخارجية بصورة مذهلة، فبقى اللي بيجي بدري يفوز بينا، واتفرج يا "ابن هانم" على الدنيا، واغرق يا شيخ "إمام" في اللحوم، وبقى كله بيتكلم عن الظاهرة الشيطانية اللي برزت فجأة من "حوش آدم"، كل رموز الثقافة جم يا يتفرجوا علينا يا سحبونا لأـرضهم في السهرات الخاصة، وبعد حفلة نقابة الصحفيين عرفني "رجاء النقاش" على "محمود حسن إسماعيل"»
لــ"نجم" بعض الأسماء التي يحبها دون سبب، يعشقها وحين قابلها كانت الطفولة هي السائدة، «قال لي الأستاذ "رجاء النقاش" ده "محمود حسن إسماعيل" معجب بيك جدا وعايز يشوفك، أنا مصدقتش وداني وقلت له "محمود حسن إسماعيل" مين، قالي الشاعر وبدأت اكلم نفسي، "محمود حسن إسماعيل" معجب بيا أنا، يا خرابي يامه شاعر النهر الخالد العظيم اللي كنت مجرد ما اسمع اسمه بدني يتلبش، أنا صحيح عمري ما شوفته ولا حتى في الصورة لأنه مكنش من نجوم الإعلام، لكن انا رسمت له صورة فارس، قلت لــ"رجاء" انت بتشوفه يا أستاذ، ضحك وقال لي أيوه، وهو عاوز يشوفك، قلت له: امتى؟، قال لي: زي ما تحب، قلت له: أحب حالا، قال لي: خلاص بكره نروح له المكتب»
«وتاني يوم كنا عنده، وسرحت وانا قدامه، وفقت لقتني في حضنه وهو بيردد جملة لسه مش فاهمها لغاية دلوقتي، كان بيقول: هذا شاعر يا أستاذ "رجاء"، ناشدتك الله هذا شاعر وكررها اكتر من مرة، وجرى ما جرى من دخولي المعتقلات ومات "محمود حسن إسماعيل"، مات في الكويت متعرفش كان بيعمل ايه في شيخوخته، بيحسن دخله ولا هربان من الجحود والتجاهل»