رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

د.آمنة نصير : أرفض توحيد الأذان ولست من رواد المساجد وإذاعة القرآن الكريم "في تراجع"

فيتو





  • لدىَّ مائدة إفطار مفتوحة في رمضان دون سابق حجز وتعلمتُ ذلك من والدى
  • لن أكرر تجربة مجلس النواب وأفكر في الترشح لـ"الشيوخ" بشروط


صاحبة موقف ورأى لا تحيد عنه، تمتلك من الجرأة والشجاعة ما لا يملكه كثير من الرجال. لا تمسك العصا من المنتصف، ولا تجيد المناورة، لأنها تحب الوضوح والصراحة. نشأتها الصعيدية أسهمت في قوة شخصيتها. لا تستسلم للسنين ولا تعترف بالزمن. فضلاَ عن كونها أستاذا للعقيدة والفلسفة الإسلامية في جامعة الأزهر الشريف، فإنها أيضًا نائبة برلمانية صاحبة كلمة وحضور وكاريزما. إنها الدكتورة آمنة نصير، التي التقتها "فيتو" في حوار مفتوح بلا شطآن، تحدثت خلاله عن البدايات والنشأة في أعماق الصعيد، ورحلة النجاح والتفوق، ودخول مجلس النواب.. وقضايا أخرى..


*متى بدأتِ صوم أول رمضان في حياتك؟
كنت طفلة صغيرة للغاية، وكان عمرى حينها 4 سنوات ونصف السنة ولكن جميع أفراد العائلة والقرية وطقوس رمضان، جعلونى بدأت الصيام مبكرا للغاية، وأتذكر وأنا أنام من كثرة العطش والجوع، وذهبت سريعا إلى مكان الماء وشربت من الكوب، وأمى رحمها الله قالت لى: "أنتِ صغيرة على الصوم حاليا، ربنا لن يحاسبك حاليا، أفطرى وبعد ذلك ستصومين". وأذكر اليوم الثانى قمت لكى أتسحر مع أمى فقالت لى أمى: " تسحرى لكن افطرى في الصباح"، وعندما وجدت أمى حالة الهبوط الرهيب التي أصابتنى، كانت حريصة ألا تتركنى أصوم في هذا المستوى من العمر، وأبرمت معى اتفاقية وقالت: " تسحرى معنا وصومى معنا وعند صلاة الظهر افطرى".. وقضيت هذا العام بهذا الاتفاق مع أمى!

*كيف اختلفت طقوسك الرمضانية من فترات الطفولة والصبا عن الآن؟
في الصبا كان لنا خصوصيات، والدى- رحمة الله عليه- من عائلة كبيرة بأسيوط، كان يأتى في أول رمضان بمشاهير المقرئين، وتبقى الموائد طوال رمضان لدرجة أنه كان هناك عامل مخصوص يخدم على المستمعين للقرآن، ويأتى لنا من القرى المجاورة مقرئون للقرآن، ولا تخلو أمسية من مجيء وفد من أي بلد من البلاد لتهنئة والدى برمضان، وكان يقولون: "سنحضر السهرة في منزل الحاج محمد نصير والدى"، والسحور كان ذبائح وموائد عامرة، فهو منظر لا يغيب عن ذاكرتى في بيت الطفولة في منزل الوالد رحمة الله عليه بقرية موشا بمحافظة أسيوط، لكن الآن الوضع اختلف كثيرا، أحاول أن أجعل بيتى مصغرا من منزل والدى، وأن أجمع أولادى، وأى شخص يأتى من الصعيد لأى سبب يعلم أن لدى مائدة إفطار مفتوحة لأى أحد دون سابق حجز.


*هل تحرصين على صلاة القيام في المسجد أم المنزل؟
أصليها في بيتى، وهى متعة ذاتية أقوم بها في رمضان، حيث إنني لست من رواد المساجد، نظرا لأن فيها ضجيجا وإشغالات أطفال كثيرة تشتت، لكن في بيتى بعد انصراف أولادى وأحفادى يكون البيت في سكون كامل، حيث أغلق تليفوناتى: الأرضى والموبايل، وأقضي أمتع ساعات العمر، وأدعو فيها ما أشاء للناس جميعا، ولأولادى ومصر وكل عامل طيب يبنى هذا الوطن أدعو بأن يبارك الله في عمره وفى أدائه وفى عمله، مصر معشوقتى لدرجة الهوس، وستشعر قيمة هذا البلد الذي اختاره الله دون أي مكان على الكوكب الأرضى يتجلى فيه، مغزى له قيمة ومكانة، عندما يختار الخالق العظيم المكان الوحيد الذي يتجلى فيه على سيدنا موسى عليه السلام طور سيناء، هذا ليس اختيارا عشوائيا بل اختيار له معنى ومغزى، وأتمنى لكل مصرى ولأهل مصر أن يدركوا قيمة هذا البلد عند خالقه، وأن نعلم أننا في وطن له خصوصيات لا يوجد نظير لها في الكوكب الأرضى بأكمله، وأيضا السيد المسيح "بورك شعب مصر"، والقرآن الكريم "ادخلوها بسلام أمنين"، خير أجناد الأرض لم يقال لأى مكان غير مصر، مصر هي البلد الراسخة الثابتة رغم كل هذا الضجيج الذي يحيط بنا، أتمنى أن يدرك الشعب المصرى أن الله أنعم عليه بوطن لا يوجد نظير له ولا يوجد ما يماثله أبدا.

*من هم القراء الذين تحرصين على الاستماع لهم في شهر رمضان؟
أحب صوت المنشاوى وعبد الباسط، كما يقال إن القرآن نزل في مكة وقُرئ في مصر، وهذه حقيقة فلدينا قراء من أعظم قراء القرآن الكريم على مستوى العالم، ونشعر بهذا عندما نسافر للخارج في دول أفريقيا وبعض دول آسيا، حيث إنهم مفتونون بقراء القرآن المصريين والمفكر المصرى وهو أمر طيب، ونحن لا نستشعر مدى قيمة هذا الأمر لدى الشعوب الأخرى.

*ما مدى صحة الأحاديث التي تعظم من شأن شعائر وطقوس شهر رمضان وتجعل ثوابها مضاعفا وكبيرا؟
حقيقة الله سبحانه وتعالى له نفحات في بعض الأيام، الأيام كلها من خلق الله، لكن هناك أياما لها نفحات ومحبة خاصة عند الله، شهر رمضان، من الأشهر التي أكرمنا الله بها فيها المغفرة والثواب يتضاعف بلا حصر ولا عدد، فيه احتفاء الروح، وحتى المستشرقين الغربيين يقولون: إن صوم المسلم في رمضان يعلى من شأن الروح ويجعلها هي التي تسيطر على إرادة الإنسان.

*بم تنصحين الصائمين في شهر رمضان؟
أتمنى أن نستشعر عظمة رمضان عند خالقنا، وأنه هو دواء وشدة وعلاج لكل نواقص الإنسان التي بداخله، والحق سبحانه وتعالى قال "ونفس وما سواها"، رمضان أعظم مقوي للنفس التقية حتى تخبت النفس الشريرة التي بداخلنا، وأنصح الصائمين ألا يتركوا هذا الشهر بعظمته لمتابعة التليفزيون، حيث تكون هناك حالة صراع مع المسلسلات، وكأنهم يقولون نحن سنهزمك يا رمضان، سنجذب المشاهد لنا، أتمنى من كل صائم أن يتقى الله في صومه، ولا يوجد مانع من الترويح عن النفس ساعة أو نصف ساعة، لكن نهاره وليله أمام التلفاز والمسلسلات خسارة، وأقول للقارئ خسارة أن تضيع قيمة هذا الشهر ومنافعه أمام المسلسلات، ولا تترك نفسك لهواها كما تريد.


*ما رأيك في قرار وزير الأوقاف بمنع الميكروفونات الخارجية في رمضان؟
وزير الأوقاف رجل نشيط، ودائما يميل لضبط إيقاع أي أمر يزعج الناس سواء الميكروفونات أو أداء بعض المؤذنين إلى آخره، أتمنى له الصمود والحسم، لا تهاون مع الذين لا يلتزمون، وأتمنى عدم تراجعه عن مثل هذه القرارات، وتطبيقه حتى يأنس الناس، نظرا لأنه من حقى في بيتى أن أئنس برمضان بالطريقة التي تريحنى، ليس شرطا أن تصدر الميكروفونات إلى بيوتنا وتفسد علينا عبادتنا، السماعات الداخلية تكفى، في هذا العصر سواء في المساجد أو الأفراح أو أي مناسبات صار الصوت العالى مرضا.

*هل هناك بالفعل إساءة في استخدام ميكروفونات المساجد في الأذان والصلاة الجهرية؟
كثير للغاية، أنا في ظهرى مسجد وأمام منزلى أيضا مسجد، كم يزعجوننى في أثناء الفجر إلى درجة أنهم يؤلموننى، لا أريد هذا الضجيج في أذنى وعقلى، أريد أن أسكن لرب العالمين في هذه الساعة، وهناك ملايين البشر مثلى أتمنى نوفر للناس ساعة السكون سواء في صلاة الفجر أو التهجد.

*ما رأيك في خطة توحيد الأذان ولماذا يربط الوزير توحيد الأذان بتجديد الخطاب الدينى؟
لا أرى أن توحيد الأذان سيضيف شيئا، بل بالعكس من الممكن أن تحرم بعض الأحياء من الاستمتاع بالأذان، الرسول عندما اختار صوتا فيه جمال لسماع الأذان كان "بلال"، فلابد أن يكون المؤذن جميل الصوت، فكرة توحيد الأذان طرحت في عهد الدكتور محمود زقزوق وزير الأوقاف الأسبق وفشلت، ولا أرى أنها تحتاج كل هذا الجهاد، بل الذي يحتاج هذا الجهاد هو ضبط الميكروفونات وضبط الأصوات.

* ما ملاحظاتك على البرامج الدينية في رمضان من واقع السنوات الماضية؟
أقول لمشايخنا الكرام، ليتهم يختارون من النصوص المبشرة التي تعطى الأمل للإنسان في ربه سبحانه وتعالى، لابد من تهيئة النفوس بالعشم في الله، والذي يبعد القنوط، والحق سبحانه وتعالى لا يريد للإنسان أن يقنط من رحمة ربه، وبعض الأصوات تقنط المشاهد من رحمة الله، أو ترعبهم أو ترهبهم، وأتمنى أن يمتلئ الخطاب في رمضان بالبشر والتفاؤل وبتنقية الأخلاق السلبية في الكسل وعدم حب العمل وعدم الانضباط في سلوكنا وغيره.

*هل فكرت يوما في تقديم برنامج رمضانى تصححين من خلاله بعض الممارسات والأخطاء المشهورة التي يقع فيها الصائمون؟
دعيت لعدة قنوات، وقمت بهذا في صدى البلد منذ عامين، وكنت أنا المذيعة والمقدمة وكل شىء، لكنى لا أحب أن أقوم بهذا العمل وأحب فقط أن أكون ضيفة في البرنامج، أحب القلم والعام الماضى كان لى 15 مقالا في رمضان حول الرحمة ومقومات الأسرة الهادئة، وطلب منى أيضا مقالات لرمضان الحالى حول تجديد الخطاب الدينى.

*ما رأيك في أداء إذاعة القرآن الكريم وهل تأخرت بالفعل خطوتين إلى الوراء وماذا ينقصها؟
أعتبر إذاعة القرآن الكريم من حسنات عبد الناصر رحمة الله عليه، وأتمنى أن تعود للخصوبة والعطاء الذي بدأ ينقصها والأحاديث المكثفة حول السلامة في الدنيا والآخرة، والأمل في بناء الحياة الأفضل، والبعد عن اليأس للمواطن.

*هذا يدفعنا للحديث عن محنة الإعلام الدينى في مصر "مقروء ومرئى ومسموع" هل هو مبتكر ومبادر أم خامل وكسول؟
الرسالات السماوية ختمت برسالة الإسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم وترك لنا باب الاجتهاد، إذ ليس لدينا رسالات سماوية أخرى وهناك الباب الذي دعانا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، بأننا نستطيع التجديد بما ورثناه، التراث الإسلامى عميق للغاية وكثير للغاية وبه العظيم للغاية ومن جنس عصوره، نأخذ ما نجدد حياتنا ونضيف أمورا لم تكن موجودة في عهد الأئمة الأربعة.

*هناك من يقول إنه لا يجد مبررا ولا منطقا لفريضة الصيام، بماذا تردين، وكان آخرهم: "إبراهيم عيسى"؟
أنا كأستاذ فلسفة إسلامية وعقيدة أحب ما فرض على وأقول سمعت وأطعت لا أقحم عقلى، لأن العقل على قدر ما هو نعمة من الله بقدر ما هو وسيلتى في التعرف على الله، لكنى لا أتركه يشطط بى، ولا أوافق ولا اتفق مع من يقولون هذا الشطط، هناك قضايا كثيرة يجب التسليم فيها دون إقحام العقل، وما ذكره "عيسى" في هذا السياق.. "شطط".

ما رأيك في تراجع وتيرة التدين بين عموم المسلمين وارتفاع معدلات الإلحاد؟
للأسف، لأن الخطاب الدينى توارى عن خطاب العقل وخطاب الإنسان بكل تبعاته، لا يوجد العقل الذي يأخذ الإنسان في طريق النجاة من إطار العقيدة التي تصلح حاله، فغاب هذا الخطاب، وفشل من ادعوا الإسلام سواء من انقلب إلى عدو للوطن ومن حمل السلاح ومن ارتكب إزهاق النفوس، كل هذه السلبيات لأدعياء الإسلام أوجدت حالة من الزهد أو الابتعاد عن التدين الذي كان منذ ربع قرن مضى، وأتمنى لمن يأخذون مسئولية المساجد والمنابر أن يدركوا بأن الإنسان المستخلف في الأرض هو إنسان عزيز على خالقه يجب على الإمام أن يأخذ هذا الإنسان برفق ومودة ويقربه إلى الله، وليس بالشطط الذي يستخدمه بعض أئمة المساجد.

*كيف ترين محنة التنويريين المصريين؟
وقفت في البرلمان وقدمت مشروع ازدراء الأديان، وتناولت النص القرآنى والنبوى والقوانين، ولم أترك ثغرة واحدة في قضية ازدراء الأديان ودافعت عنهم، ولكن طالبتهم بأن نختلف بأدب الاختلاف ولا نجرح أحدا، هناك آداب إسلامية دعا إليها الرسول صلى الله عليه وسلم.

*هل تترشح الدكتورة آمنة نصير في انتخابات مجلس النواب المقبل؟
لن تتكرر التجربة في البرلمان مرة أخرى، قد أفكر في الترشح لمجلس الشيوخ، ففيه العلماء وأهل الخبرة ومن تقوى بهم مصر، لكن تجربتى السابقة لست سعيدة بها أبدا ولن أكررها.

Advertisements
الجريدة الرسمية