مذكرات الفاجومي.. طفولة الشيخ إمام
في تلك الحلقة يكشف "أحمد فؤاد نجم" عن بداية علاقته بـ"بليغ حمدي"، ويقول: «في يوم كان "مرسي سعد الدين" في مكتب سكرتير المنظمة وده يبقى الشقيق الأكبر لـ"بليغ حمدي"، واتهرى يا ولداه من كل من هب ودب، يقول لواحد صباح الخير يروح ظارفه نص كيلو ورق مليان أغاني ويقوله للأستاذ "بليغ".
وذات صباح دخل عليا لقاني باكتب أغنية بص في الورق وقال الله دي حلوة قوي أنا قلبي وقع في رجلي ودماغي لفت لكن تماسكت وقلت بمنتهى الألاطة دي حاجة خفيفة كده، قال لي بالعكس دي دسمة جدا اكتب منها صورة أديها ل"بليغ" وبصراحة كنت عاوز أسوق في الألاطة وأقول "عبد الوهاب" عاوزها لكن لقيت إن الموضوع حيبقى فيه استهبال وممكن الفرصة تطير من إيدي، رحت مادد له الورقة وقايله خدها أنا حافظها، وعلى فكرة النص كان تافه جدا وكان آخر علاقتي بالشعر التافه».
«الطريق لـ"بليغ حمدي" بدأ من معهد الموسيقى العربية، في الفترة دي بدأت رجلي تعرف سكة معهد الموسيقى العربية كل عصرية أروح البوفيه وذات عصرية حصل هرج شديد في الطرقة اللي جنب باب البوفيه، وقامت الناس تجري وبيقولوا "بليغ حمدي"، ومين اللي متشعلق في دراعه ده، دا واد شاعر لسه جاي من الصعيد بشحمه، وماله متأبد في دراع بليغ كده، فرصته، يبقى حيوصل، عقبالنا»
«ولقيت نفسي بجرأة غريبة باقتحم الموكب، أهلًا بلبل، أنا الشاعر "أحمد فؤاد نجم"، حاول يتجاهل فمدتلوش فرصة انا زميل الدكتور "مرسي" قالي آه، أهلًا أنا خلاص حلحن البتاعة دي، أنا بعديها مسمعتش حاجة واتلم نحوي الناس يباركولي وياخدوا فكرة عن الموضوع فبدأت أتعامل معاهم بألاطة وزعمت إن "أم كلثوم" اتجننت لما سمعت الكلام».
في أحد لقاءاته قبل الوفاة اعترف "أحمد فؤاد نجم" إنه أغضب الشيخ "إمام" حين حكى عن طفولة الصغير، الفاجومي لم يدرك الفرف بينه وبين صديقه فتحدث بتلقائيته، ولكن ماذا قال ليتسبب في غضب رفيق العمر.
«في هذه الأثناء كان إنتاجنا أنا والشيخ "إمام" بدأ في التتابع والتحسن لكن الأهم من العلاقة الفنية، العلاقة الإنسانية، وعرفت عن الشيخ تعلقه الشديد بأمه ونفوره المصحوب بالخوف من أبوه اللي كان حازم في تربية إمام بيصل للقسوة، وعلى الجانب التاني كان فيض من الحنان والحب بيتدفق عليه من قلب الأم اللي كان إحساسها بالذنب بيتحكم في تصرفاتها حيال الشيخ لأنه أصيب بالرمد الحبيبي وهو لسه رضيع، ولجأت أمه للداية اللي عالجته بحشو عينه بروث البهايم عدة مرات حتى فقد البصر تماما، وكانت تفضل تبكي بالساعات بسبب إحساسها بالذنب».
«أما الواقعة اللي سابت في أثر ولما حكاها لي كان جسمه بيرتجف بعد ما ختم كتّاب قريته أبو النمرس انتزعه أبوه من حضن أمه وخده على مصر وسابه في الجمعية الشرعية، وقعد الشيخ ياكل ويشرب ويبات إلى أن ضبط متلبسًا مع سبق الإصرار بجريمة الاستماع إلى صوت الشيخ "محمد رفعت" وهو بيقرأ سورة مريم في راديو القهوة فطردوه شر طردة، ولم يجد له مأوى غير رحاب سيد الشهداء الحسين فأقام في المسجد إقامة دائمة إلى أن كانت ليلة بعد صلاة العشا سمع اللي بيقوله مساء الخير إنت حافظ القرآن فرد إن شاء الله.
وانتهى الحوار بأن الراجل ظرف "إمام" مبلغ جسيم الشأن كعربون وسحبه من إيده علشان يحيي ليلة قرآنية على وعد تأبيج باقي المبلغ آخر الليل».
المأساة تبدأ من هنا، يقول "نجم": «بعد شوية مشي سخنين فوجئ المقرئ الطفل بصاحب الليلة المزعومة بيصفعه تلات أربع مرات أفقدوه الوعي وخد منه العربون والكام قرش اللي جمعهم طول النهار من أهل الخير زوار ضريح الحسين، وقلّعه الجبة والعمة والملابس الداخلية وخدهم وسابه ملط بعد ما اعتدى عليه بوحشية وبعد مرور ليلة رهيبة اكتشف الطفل إنه في قرافة المجاورين، الحادثة البشعة دي تركت آثار جارحة في مشاعر الشيخ "إمام" فيما بعد وكانت هي السبب في فشل زواجه الوحيد لأنها كانت بتطارده في كل وقت ومكان حتى في فراش الزوجية اللي مستمرش أكتر من أسبوع ثبت فيهم عجز الزوج عن ممارسة وظيفته».
الحلقة المقبلة.. إمبراطورية حوش آدم