رئيس التحرير
عصام كامل

القمح في بورصة السوق السوداء.. متاعب استلام المحصول تجبر المزارعين على التعامل معها.. الحكومة تساوي في الأسعار بين القمح المصري عالي البروتين والمستورد الأقل منه.. والتّجار أبرز المستفيدين

قمح - ارشيفية
قمح - ارشيفية

تظل معاناة الفلاح مع ترك الدولة الساحة خالية أمام التجار للسيطرة على سوق الحاصلات الزراعية من أكثر النقاط التي تزيد الفلاحين خسائر وترفع الأسعار في الأسواق دون رقابة، ومع بدء موسم توريد القمح في محافظات الصعيد ينشط التجار لاستلام المحصول من المزارعين بأسعار أقل من التي حددتها الدولة بواقع 685 جنيها للإردب الواحد، وهو ما يمثل خسارة كبيرة للفلاحين الذين يعترضون في الأصل على الأسعار التي طرحتها الدولة منذ البداية.


سرعة السداد

وقال رفيق طلعت أحد المزارعين: إن موسم حصاد القمح يشهد نزول التجار إلى الحقول لشراء المحصول من المزارعين بمبالغ أقل نسبيا عن السعر الرسمي، ويعتمد التجار على سمعتهم في سرعة سداد ثمن القمح في إقناع المزارعين للبيع لهم، حيث تعتبر تلك النقطة هي السبب الوحيد الذي يجعل المزارع يبيع للتاجر.

وأضاف أن المزارعين يلجئون للبيع إلى التجار رغم الخسارة النسبية في السعر تجنبا لأمور أخرى، أبرزها تكلفة نقل المحصول إلى شون وصوامع الحكومة، حيث تشهد فترة التوريد زحاما كبيرا وتكدسا للسيارات أمام أماكن التخزين لمدة تصل من يومين إلى ثلاثة أيام، وهو ما يكلف المزارع مبالغ إضافية لتأجير السيارة ليوم كامل للنقل، إلى جانب نصف أجرة عن كل يوم انتظار أمام الشونة، وهي عملية ترهق الفلاح، وتجعله يوافق على البيع للتاجر بسعر يقل عن السعر الرسمي بنحو 20 جنيها.

وقال محمد فرج رئيس اتحاد الفلاحين: "في بعض الأحيان يشتري التجار القمح بسعر أعلى من السعر الرسمي المعلن من الحكومة، بمعنى أن يكون سعر الإردب 700 جنيه مقابل أن يقل وزن الإردب 2 كيلو عن الوزن الصحيح، وهو ما يشكل في النهاية كمية كبيرة بسعر كبير يخسرها الفلاح لصالح التاجر، غير أن شراء التجار للقمح بسعر أعلى من السعر الرسمي يدلل على تخزينهم للقمح وبيعه للدولة بسعر أعلى في وقت غير وقت التوريد، أو بيعه للمطاحن الخاصة أو امتلاك هؤلاء التجار لمطاحن خاصة بهم.

وأكد فرج أن السعر الحالي للقمح غير عادل، ولا يصح أن تعامل الحكومة القمح المصري معاملة القمح المستورد، لأن القمح المصري نسبة البروتين فيه تصل إلى 18% وهى من الأعلى في العالم، بينما الأقماح التي تستوردها الدولة تصل نسبة البروتين فيها إلى 12% على الأكثر.

قمح الواحات
تعتبر محافظة الوادي الجديد من أكبر محافظات الجمهورية إنتاجا لمحصول القمح، وعلى الرغم من المساحات الشاسعة التي يتم زراعتها كل عام إلا أن ما تستقبله الحكومة سنويا من المحصول داخل صوامعها وشونها قليل للغاية مقارنة بما يتم زراعته، وذلك بسبب الأزمات المتكررة التي تضرب المزارعين كل عام عقب القيام بعمليات الحصاد.

وتبلغ المساحة المزروعة بمحصول القمح بالواحات 206 آلاف فدان، موزعة على مراكز الخارجة والداخلة والفرافرة وباريس وبلاط والمنطقة الاستثمارية الزراعية بشرق العوينات جنوب المحافظة، كما تمتلك المحافظة 8 شون وصومعتي غلال تابعة للبنك الزراعي المصري.

وتنحصر المشكلة الرئيسية الخاصة بمحصول القمح في أزمة نقل المحصول من حقول المزارعين إلى الصوامع والشون الزراعية، حيث يضطر عدد كبير من المزارعين إلى نقل عشرات الأطنان من القمح إلى مسافة تزيد على 50 كم لتوريدها إلى أقرب نقطة استلام، الأمر الذي يكلفهم مشقة كبيرة وتكلفة مالية عالية.

الفرافرة
وتعتبر الفرافرة من أكبر المناطق التي تزرع وتنتج محصول القمح، إلا أن المزارعين يجدون صعوبة كبيرة في نقله إلى الشون التابعة للبنك الزراعي نظرا لبعد المسافات، وتبلغ قيمة الاستعانة بسيارة واحدة لنقل 2 طن قمح 700 جنيه بخلاف تكلفة العمالة التي ستتولى عملية تحميل المحصول وتفريغه، علاوة على أن كل هذه الأمور تعتبر مشقة على المزارع البسيط الذي ينتظر بفارغ الصبر بيع محصوله ليعوض ما أنفقه طوال العام.

ويلجأ المزارعون إلى بيع المحصول إلى التجار والوسطاء والسماسرة الذين يأتون إليهم بسياراتهم وعمالهم في المزارع، ويشترون منهم ويسهلون عليهم عملية نقل المحصول، ويستغل السماسرة ظروف المزارعين وعدم مقدرتهم على التصرف في المحصول ويقومون بشرائه منهم بأبخس الأثمان والتي لا تتناسب مع الأسعار التي أعلنتها الحكومة، ويتسببون في ضياع مجهود المزارعين، بالإضافة إلى حجب توريد كميات كبيرة من القمح إلى صوامع وشون الحكومة.

الصوامع
بالإضافة إلى أزمة النقل هناك أزمة أخرى يعاني منها المزارعون في الوادي الجديد، وهى التزام الصوامع والشون بمواعيد محددة على مستوى الجمهورية لاستلام محصول القمح من المزارعين بناء على قرار وزير التموين، فيقوم مزارعو الوادي الجديد بحصاد المحصول مبكرا قبل باقي المحافظات الأخرى بداية من منتصف مارس، ونظرا لطبيعة الواحات ومناخها الجاف وارتفاع درجات الحرارة، وعقب القيام بعملية الحصاد بنحو 10 أيام تتم عملية درس المحصول، وذلك لعدة أسباب أولها النشاط الكبير لحركة الرياح والعواصف الترابية، بالإضافة لمنع الآفات والطيور من إتلاف المحصول والتعرض له، ويستغل تجار السوق السوداء عدم فتح باب التوريد أمام المزارعين وعدم قدرتهم على التخزين أو الانتظار ويقومون بشرائه منهم.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية