رئيس التحرير
عصام كامل

د. أميرة حسيني تكتب: التقنيون وكليات العلوم.. أزمة بدأتها «التعليم العالي» وأشعلتها «الصحة»

د. أميرة حسيني
د. أميرة حسيني


تأججت الأزمة، حينما استصدر الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بطاقات وصف وظيفي لخريجي كليات العلوم الصحية، بالمخالفة لخمسة قوانين من قوانين الدولة المصرية، وهي: قانون المعامل 367 لسنة 54 وقانون الإشعاعات المؤينة 59 لسنة 60 وقانون المهن العلمية 80 لسنة 69، وقانون مهنة الطب 415 لسنة 54، وقانون العقوبات المصري 58 لسنة 37، ثم تفاقمت حينما أنشأت الصحة سجل "أخصائيي العلوم الطبية"؛ إذ جمع فيه الخريجون بين مزاولة مهن العلوم ومزاولة مهنة الطب من جهة أخرى؛ الأمر الذي أدى لاشتعال أزمات مهنية امتدت لنقابتي المهن العلمية والأطباء؛ مما دعا النقابتين لرفع ست دعاوى قضائية للحيلولة دون التعدي على مهن العلوم أو مهنة الطب.


أول ما يلفت النظر في بطاقة الوصف الوظيفي لأخصائي المختبرات الطبية، هو مخالفته لقانون المعامل 367 لسنة 54 في 16 نص قانوني !!

 فلقد حظر المشرع غير المقيدين بالسجلات الثلاثة الأول، بوزارة الصحة وهي: (سجل الكيميائيين – سجل الميكروبيولوجيين – سجل الباثولوجيين) من إجراء التحاليل الطبية أو القيام بإجراء الأبحاث العلمية أو تصنيع المستحضرات الحيوية، فكيف يخرج توصيف وظيفي لخريجي هذه المعاهد بالقيام بأعمال الكيميائيين والميكروبيولوجيين والباثولوجيين وانتحال صفاتهم بالمعامل (طبقًا لأحكام المادة 1)؟!.

ثم حدد المشرع الفئات التي من حقها مزاولة مهن التحاليل الطبية، وطبعًا ليس من بينها خريجو هذه المعاهد، كما اشترط القانون للقيد بالسجل الحصول على دراسات عليا بالتخصص، وهنا نسأل كيف سمحت الصحة لهؤلاء الخريجين بمزاولة مهن الكيميائيين والميكروبيولجيين والباثولوجيين دون الحصول على دراسات عليا من الأساس؟! (المادة 3). 

ثم اشترط المشرع عرض الطلبات على لجنة فنية لتقدير قيمة شهادات التخصص وتحديد ما إذا كان طالب القيد مؤهلًا لمزاولة المهنة من عدمه، وهنا نسأل كيف يزاول التقنيون هذه المهن دون عرض طلباتهم على هذه اللجنة؟! (مخالفة للمادة 4). 

ثم حدد المشرع 4 سجلات قانونية لقيد المتخصصين في إجراء التحاليل الطبية ليس من بينها سجل (أخصائي مختبرات طبية)، كما اشترط الحصول على شهادة قيد من النقابة المهنية الخاصة بالطالب وهي نقابة المهن العلمية، فكيف يُسمح لهؤلاء بمزاولة مهن العلوم دون الحصول على شهادة قيد من النقابة ؟! الأمر الذي يعد قفزًا وسلبًا لحقوق النقابة في تنظيم مهنها (بالمخالفة للمادة 77 من الدستور والمادة 6 من قانون المعامل والمادة 2 من قانون 80 لسنة 69). 

ثم عاد المشرع وصرح بأنه لا يجوز لأحد أن يعمل في مهنة إلا المرخص له بمزاولتها، وهنا نتساءل كيف تسمح الصحة للتقنيين بمزاولة مهن الكيمياء الطبية والبكتيريولوجي والباثولوجي دون الحصول على رخصة في كل مهنة على حدة ؟! (بالمخالفة لأحكام المواد 18 و22). 

وكيف تسمح الصحة لهؤلاء بإمضاء وتوقيع التقرير المعملي أو حتى إبداء آراء وتفسير النتيجة المعملية (بالمخالفة للمواد 1 و27 من قانون المعامل)؟!. 

وما فائدة العقوبات التي وضعها المشرع في المواد 77 و78 و79 لمن يزاول مهن التحاليل الطبية على نحو يخالف أحكام هذا القانون والتي جاء أهمها الحبس، وهي عين العقوبة الواردة بقانون العقوبات 58 لسنة 37 المادة 155 ؟!

والنقابة ليست ضد التقنيين إطلاقًا، بل ترحب بكل من يعمل بمهن العلوم، لكن بما لا يخالف القانون والدستور؛ فنقابة المهن العلمية هي المخول إليها تنظيم مهن العلوم ولابد ألا يعمل أحد في مهن العلوم إلا تحت إشراف النقابة.

وأخيرًا فإن الدولة المصرية، بكل مؤسساتها العميقة، أكبر وأعرق من الانزلاق لهذه الفتن المهنية، ولن تسمح بالافتئات أو القفز على مقدرات المهن العلمية.


----------------------------------------------------
( * ) ممثل شعبة العلوم الطبية، وعضو مجلس نقابة المهن العلمية





الجريدة الرسمية