رئيس التحرير
عصام كامل

مستقبل الاقتصاد المصري أمام السياسات العالمية نحو الاستدامة


في الآونة الأخيرة اتخذت المنظمات والقوى الدولية نهجًا نحو صياغة سياسات خضراء قادرة على حل أزمة البشرية ٢٠٥٠، لأن عدد السكان في العالم سيصل إلى ٩.٦ مليار نسمة، وسنحتاج إلى ما يعادل ثلاثة أمثال كوكب الأرض لتوفير الموارد الطبيعية لاستمرار أنماط الحياة الحالية..


رغم أنه حاليا ٨٠٥ ملايين شخص في العالم ليس لديهم غذاء كافي وبالتالي سيصبح الجوع والعطش ثم التلوث المدمر إخطارا تواجه السلام العالمي، ففي بداية ٢٠١٦ أصدرت منظمة الأمم المتحدة أهداف التنمية المستدامة ال١٧ SDG، وعبرت مصر عن التزامها نحو المجتمع الدولي باصدارها خطة التنمية المستدامة ٢٠٣٠، ولكن ما زالت التحديات قائمة. 

لذا يشرع الخبراء والعلماء على إيجاد حلول علمية وتكنولوجية لمواجهة الأزمة، ويعلق عالم البيئة "جيسي جينكينز" في جامعة هارفارد قائلا: "لا يجب أن تواجه أزمة بأدوات محدودة"، تعليقا على ضعف السياسات البيئية، وأمام هذا الجدال فمن المتوقع أن تفرض المنظمات الدولية برامج وتوجيهات صارمة للدول المختلفة خلال سنوات.

"صفقة خضراء جديدة" هي المصطلح الذي أطلق على الرؤية التي طرحتها عضوة الكونجرس الأمريكي "ألكسندرينا أوكامبو" والسيناتور "اد ماركي" من ماساتشوستس، ولعل الصفقة التي قد تصبح قانونا أثارت جدلا واسعا ضد بعض الإشكاليات التي ناقشها المهتمون بالبيئة والعلماء وأهمها:

أولا: طاقة نظيفة وليست متجددة.. أشارت الدعوة إلى أن الاعتماد كليا على الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية والرياح والكهرومائية) بنسبة ١٠٠٪؜ مكلفا، وصعبا حسب البيئة المحيطة بالموقع المراد توليد الطاقة فيه، لذا فقد يكون تحديا، والبديل المطروح هو أن هناك مصادر منعدمة انبعاثات الكربون مثل التوليد بالوقود الأحفوري والطاقة النووية، وبما يفتح مجالا للأبحاث العلمية في ذات المجال.

ثانيا: لا محطات نووية خلال عشر سنوات.. رغم أنها أحد مصادر الطاقة منعدمة انبعاثات الكربون التي سبق الإشارة لها، وأيضا منخفضة التكلفة للطاقة ولكنها تمثل خطرا على البشرية حال حدوث أي خطأ أو تسريب.. ولكن هذا الهدف أمامه تحديات كبيرة لأن دولا كبرى تعتمد عليها.

ثالثا: إزالة الكربون.. وأهم الطرق هو الغابات المساحات الخضراء ولكنها ليست سهلة، لأن الأراضي الزراعية محدودة وموجهة للغذاء، لأن التكلفة التكنولوجية ما زالت باهظة، ولكن العلماء يعكفون على ابتكار أجهزة قادرة على التقاط الكربون.

هناك خبراء يعتقدون أن تسعير الكربون للأنشطة الاقتصادية يلزم أن يكون حلا عالميا لمواجهة التكاليف المتوقعة. وقد يصدر قانون من الكونجرس بالصفقة الخضراء، ولكن هناك معارضة ضد الصفقة، وقد علقت أستاذة العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا "ليا ستوكس" أن الصفقة تتميز أنها أعادت تعريف المشكلة وشرحتها وطلبت آليات وحلولا.

أن الحوار العالمي حول قضايا الكربون والطاقة ينبأ بظهور محاذير ومعايير جديدة لتكون واقعا ملزما للدول خلال سنوات، بما قد يؤثر على الاقتصاد العالمي، ومع احتياج متزايد للطاقة النظيفة فإن مصر تقع في الحزام الشمسي، أيضا مع سرعة الرياح بما قد يشكل مستقبلا مصدر الطاقة النظيفة المصدرة لقارة أوروبا، مع تحقيق مصر استقرار أمن للاستثمار في منطقة جنوب المتوسط.

ومصر شريك في مشروع الاتحاد الأوروبي «إي إم باور» مع بنك التنمية الألماني لنشر التكنولوجيات للطاقة المتجددة.. فمصر قد تشكل مورد مثالي للطاقة النظيفة للقارة الأوروبية.

تعتمد مصر حاليا على مصادرٍ غير متجددةٍ للطاقة بنسبة 90%، ويزيد استهلاك الطاقة بنسبة 5-7% سنويًا ليمثل تحديا على البيئة وميزانية الدولة، وقد صرحت «هيئة مصر للطاقة الجديدة والمتجددة» أن الدولة تهدف إلى 20% من احتياجاتها من «الطاقة النظيفة» عام 2020، 12% طاقة رياح و6% طاقة مائية و2% طاقة شمسية بما يمثل فرصة للاستثمار الأجنبي، خاصة في ظل إصدار قانون الاستثمار الجديد.

يتم حاليا إنشاء محطة الزعفرانة في خليج السويس، ويصل متوسط سرعة الرياح 10.5متر/ثانية على ارتفاع 50 متر، أما عن الطاقة الشمسية فمشروع "شموس النوبة" في أسوان واحدا من أكبر المشاريع في العالم، حيث سيوفر ٩٠٪؜ مما يوفره السد العالي ولكن ما زال هناك احتياجا لاستثمارات أكبر. 

إن خطة مصر ٢٠٣٠ بالتوازي مع مشروعات المدن المستدامة (العاصمة والعلمين إلخ..) تخلق فرصا فريدة للاستثمار الأجنبي تحت مسمي الاقتصاد الأخضر أو الاستثمار المؤثر في قطاع الطاقة النظيفة في مصر.
الجريدة الرسمية