رئيس التحرير
عصام كامل

بوتين ونتنياهو.. وصفقة الانتخابات الإسرائيلية


زيارة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى موسكو يوم الأربعاء الماضي، 27 فبراير، كانت أول زيارة له بعد إسقاط الطائرة الروسية "إيل 20" في سبتمبر الماضي، وهذا اللقاء هو الحادي عشر بين بوتين ونتنياهو منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا في نهاية عام 2015.


وبالرغم من أن الضربات الجوية والصاروخية الإسرائيلية للأراضي السورية لها تأثير سلبي واضح على العلاقات الروسية-الإسرائيلية، بالإضافة طبعا لحادثة الطائرة "إيل 20"، إلا أن بنيامين نتنياهو ما زال يستطيع استخدام العلاقات المشتركة لزيادة التنسيق الدائم المشترك. فحضر نتنياهو إلى موسكو لكي يذكر بوتين خلال المؤتمر الصحفي بأن هناك علاقات ثنائية قوية، وأن هناك أكثر من مليون روسي يحملون الجنسية الإسرائيلية.

بالإضافة إلى تذكيره وترديده الجملة المعتادة "إن إيران هي الخطر الأكبر على أمن واستقرار المنطقة"، وكل ما قاله بنيامين نتنياهو معروف للجميع، لكن الأهم أنه لا نعلم نهائيا ماذا قال فلاديمير بوتين، خصوصا وأن اللقاء المشترك كان معظمه بعيدا عن الصحافة والإعلام.

لكن بالرجوع لكلمات فلاديمير بوتين في المؤتمر الصحفي نجد أنها كانت قصيرة جدا، وكانت معظمها ردا على كلمات نتنياهو، ولم يتطرق للحديث عن إيران نهائيا في المؤتمر الصحفي، فروسيا في موقف لا تحسد عليه؛ لأنها صديق مشترك بين ثلاثة أعداء (إسرائيل، تركيا، إيران)، وعليها أن تقوم بإرضاء كل منها.

وهذه الدول الثلاث هي أهم معوقات الوصول لحل شامل في سوريا. ومن الملاحظ أن زيارة بنيامين نتنياهو هذه المرة غير المقصود منها فقط تقويض التواجد الإيراني وإنما الضغط على تركيا وأطماعها في الشمال السوري، خصوصا وأن إسرائيل نجحت في أثناء دونالد ترامب من الخروج العسكري الكامل من المسرح السوري (طبقا للرغبة التركية)، وذلك بإبقاء دونالد ترامب لـ400 فرد عسكري في منطقة "التنف" ليقطع الطريق على الإمدادات الإيرانية التي تصل سوريا عن طريق الأراضي العراقية.

نتنياهو يفهم جيدا أن تقوية التواجد الإيراني في سوريا بالإضافة للوجود الإيراني في جنوب لبنان "حزب الله" والوجود الإيراني في العراق والوجود الإيراني في اليمن "الحوثيين"، يشكل تهديد لقوام الدولة اليهودية، وهذا الأمر تفهمه جيدا روسيا، لكن روسيا ليس لديها القدرة لإخراج القوات الإيرانية بشكل كامل من سوريا، وأن مسألة خروج هذه القوات مرتبط بشكل أو بآخر مع النظام السياسي في طهران.

فإيران هي الشريك الثاني مع روسيا في التخلص من معظم الجماعات الإرهابية في سوريا، ولذلك لا تستطيع طرد الإيرانيين من سوريا. بل على العكس من ذلك، تطالب روسيا بشكل دائم من الجانب الإسرائيلي التوقف عن القيام بضربات جوية للأهداف الإيرانية في سوريا، فهذا الأمر يضعها في موقف محرج أمام القيادة الإيرانية التي تشكل مع تركيا وروسيا المثلث الضامن لأي اتفاقيات تخص الوضع في سوريا.

خصوصا وأن إيران رضخت لرغبة الروس بإبعاد القوات الإيرانية لمسافة 80 كم من الحدود السورية-الإسرائيلية في الصيف الماضي. الزيارات المتكررة من نتنياهو لموسكو يبدو وأنها لن تستطيع حث روسيا لطلب خروج القوات الإيرانية من سوريا، حيث إن روسيا بشكل عملي لا تستطيع تنفيذ ذلك، ولكن هذه الزيارات هدفها الأول هو تحييد الجيش الروسي أثناء الضربات الجوية الإسرائيلية لمواقع إيرانية في سوريا.

حيث إن هذه الضربات العسكرية في غاية الأهمية فيما يخص الوضع السياسي الداخلي في إسرائيل، خصوصا أن نتنياهو يواجه تهم فساد ستؤثر بشكل أو بآخر على الفرص الانتخابية له في أبريل المقبل.
الجريدة الرسمية