رئيس التحرير
عصام كامل

خطأ استدعاء العسكر


هذا المقال ليس للتعليق على من يتصورون أن الجيش هو الحل بعد ما شاهدناه من الإخوان. 

هذا الموضوع الذى شغل الكثيرين جدا حتى جاءت الإجابة من وزير الدفاع أنه لا تدخل للجيش فى السياسة بعد الآن، هذا المقال سببه ما جرى فى ميدان التحرير الجمعة الماضية. 
لقد ذهبت إلى الميدان فى نحو الساعة الثانية بعد الظهر، كنت أعرف أننى لن استطيع البقاء طويلا بسبب الشمس. 

فى هذه الحالات أجعل دخولى إلى الميدان متعددا، بين كل مرة وأخرى أجلس قليلا فى إحدى المقاهى القريبة، وأنا فى طريقى أوقفنى أكثر من شخص، كانوا تقريبا كلهم قد تجاوزوا الخمسين. 

وكلهم سألونى سؤالا واحدا، ما فائدة الهتاف اليوم بسقوط العسكر، هل جئنا هنا اليوم لنقف ضد العسكر أم ضد الإخوان، كان السؤال مفاجئا لى أيضا، لم يكن فى ذهنى أن هذا شعار اليوم، وقفت حائرا للحظات ولم أجد ما أقوله غير أن الميدان مكان للحرية ويمكن لك أن تختار المكان الذى تقف فيه ومن تسمع منه، المهم أن نتواجد بالميدان.

لم يبد أن أحدا اقتنع بما أقول، وبدا كل من يكلمنى يأخذ طريقه مبتعدا فى شارع طلعت حرب، وكنت أنا اقترب من الميدان حتى دخلته، لم تكن المسيرات قد وصلت بعد، وكان العدد قليلا، ليس ذلك مهما، لقد هجر الجميع الميدان من وقت بعيد وسيعودون للتعود عليه. 

إلا أنى وجدت المنصة الوحيدة وعليها من يهتف بسقوط العسكر أكثر مما يهتف بشى آخر، ووجدت احتجاجا من الشباب هذه المرة، ووجدت صمتا وحيرة، تغير الهتاف ليكون ضد الرئيس والإخوان لكن بين حين وحين يخرج من يهتف ضد العسكر، تركت الميدان وذهبت إلى مقهى البستان فوجدت نقاشا بعيدا بين مجموعتين من الشباب. 

كان الاحتجاج عاليا من كل ناحية والنقاش لماذا تهتفون ضد العسكر اليوم، العسكر ليسوا مشكلتنا الآن، وعلى الناحية الأخرى يرفضون، إذن تمددت الحكاية فى المقاهى، بعد ذلك وصلت المسيرات وكانت قليلة ليست كما تعودنا، أقلهم عددا كانت مسيرة المحاربين والضباط القدامى، لكنها كانت ترفع أعلاما عالية جدا وكبيرة.

من جديد ارتفع الهتاف ضد العسكر، شيء ما فى نفسى جعلنى أفكر أن هذا غير طبيعى، وتركت الميدان من جديد وعرفت أن عددا من الشباب أنزل الفنان محمود قابيل من المنصة باعتباره عسكرى سابق، وبالطبع جاء مع قدامى الضباط وعرفت أيضا أن عددا آخر اعتذر له وعاد إلى المنصة.

لم أجد الفنان محمود قابيل لأساله بنفسى عن صحة ذلك، ولما عدت إلى المقهى وجدت أن الحوار الأول قد ازداد وارتفعت الصيحات من الجانبين وكادت تحدث مشادة بينهما لولا أن شخصا راح يهتف بين الفريقين: "الاتنين مالهومش أمان العسكر ويا الإخوان"، كنت أدرك أنه يحاول حسم النقاش الذى احتد وكاد يتحول إلى عراك. 

قريبا منى على الناحية الأخرى من المقهى حدث نفس النقاش بين مجموعة من السيدات الفاضلات اللاتى لم يتركن الميدان أبدا منذ يوم 25 يناير عام 2011، ولم يكنّ أبدا مع ما فعله المجلس العسكرى السابق، كاتبات وفنانات وإعلاميات، وبين عدد من الشباب الصغير، وضح لى أن هؤلاء الشباب من الذين يهتفون ضد العسكر.

ولم تفلح محاولة السيدات الفاضلات المثقفات والمناضلات فى إقناعهم بأن هذا ليس موضوعنا اليوم، وارتفعت الأصوات جدا، ولولا أن الجنسين مختلفين ربما حدث تشابك ما، كانت الساعة تدخل فى التاسعة مساء. 

تركت المكان كله وعدت إلى البيت وفى ذهنى سؤال، لماذا استدعاء العسكر اليوم إلى فضاء الذاكرة؟ هل هذا طبيعى؟ لم أكن مع ما فعله المجلس العسكرى السابق أبدا بالثورة والثوار ومقالاتى تشهد بذلك، وكتابى "من الذى يصنع الأزمات فى مصر" يشهد بذلك وفيه أكثر هذه المقالات. 

لكن استدعاء العسكر إلى الذاكرة هذا اليوم أمر لا يخلو من هواجس أكبرها لماذا يحدث ذلك وحركة تمرد الموجهة ضد الإخوان والرئيس تكبر بقوة وتنتشر فى كل مكان وأقلها محاولة إفساد اليوم.
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com 
الجريدة الرسمية