رئيس التحرير
عصام كامل

«المكافح الضاحك».. حكاية عم محمد من موظف بالكهرباء لبائع متجول

فيتو

جسد هزيل، ووجه مجعد حفرت تجاعيده سنين عمره، عم محمد يوسف الرجل السبعيني، لم يمنعه التقدم في العمر، من السعي وراء رزقه دون أن ينتظر الإحسان من أحد.


على كورنيش الإسكندرية، وتحديدًا في نطاق منطقة العصافرة 45، يتواجد عم محمد، الرجل السبعيني، يتجول ما بين المقاهي وفي الشوارع حاملًا بين يديه ماكينة شحن رصيد الهواتف المحمولة.

حالة من الجدل والانتشار أحدثها الرجل السبعيني بين نشطاء صفحات السوشيال ميديا، واصفينه بـ «المكافح الضاحك»، يتجول عم محمد حاملًا بين يديه ماكينة شحن الرصيد وكأنها أحد أبنائه، فهي مصدر رزقه، مداعبًا زبائنه لإقناعهم بـ«شراء الرصيد».

التقت «فيتو» بعم محمد، ليحكي حكايته والظروف التي واجهته ولازالت تواجهه، من أجل توفير مصدر رزق كريم له ولأسرته.

وبدأ حديثه قائلا: «أعمل في شحن رصيد التليفون المحمول منذ 10 أعوام، على كورنيش البحر، وذلك بعد بلوغي سن المعاش»، كاشفًا أنه كان موظفا بشركة الكهرباء، ولم يعرف الراحة بعد ذلك وبدأ البحث عن عمل لتلبية احتياجات أبنائه، حيث إن ما يتقاضاه من معاش غير كاف لتلبية احتياجات أسرته ورعاية أبنائه.

وأضاف: «لدى 4 من الأبناء، منهم بنتان أقوم بتجهيزهما للزواج، وشاب يعمل سائقا على إحدى السيارات من أجل مساعدتي والإنفاق على نفسه، والأخير ما زال في مرحلة الدراسة، وأنا أعيش في شقة متواضعة بالإيجار وليس لدى حلم أكثر من زواج بنتي وسترهما وكذلك شقيقيهما».

وأكد، أنه خلال رحلته الشاقة التي يعيشها يوميا منذ خروجه من منزله للعمل على كورنيش البحر، واجه الكثير من الصعوبات في بداية مهنته، منها مسح بعض الزبائن لأرقام كروت الشحن، مما يضطر للعودة مرة أخرى لاسترجاعها، ومواصلة عمله، إلا أن صاحب المحل معه اقترح عليه، منحة ماكينة للشحن بديلة للكروت، للعمل بها، ثم تعليمه كيفية استخدامها في إرسال الرصيد من الشحن للزبائن في نفس اللحظة.

وأشار إلى أنه يلجأ منذ الخروج من منزله، للسير على الأقدام دون البحث عن وسيلة لنقله من مكان إلى آخر، قائًا: «اتعب علشان أوفر كل مليم لأسرتى وأبنائي، هما غلابة ومحتاجين أكثر مني»، لافتًا إلى أنه منح لقب من أصحاب المقاهى والشباب، وهو الراجل الطيب الضاحك، لأنه يتمتع بالابتسامة والمداعبات مع رواد المقاهى.

وتابع، أنه حينما يشعر بالتعب والإرهاق، خلال التجول ما بين منطقة إلى أخرى، على كورنيش البحر، وتشتد عليه آلام القدم والظهر، يلجأ للجلوس بأحد المقاهى، للحصول على قسط قليل من الراحة لبعض الوقت ثم العودة مرة أخرى لممارسة عمله، مشيرًا إلى أنه يحرص خلال راحته على قراءة القرآن، واستثمار الوقت القليل من الراحة في تأدية الصلاة والأذكار، قائلًا: «القرآن دستوري مقدرش استغنى عنه».

ويستكمل عم محمد أنه يواصل رحلته الشاقة مرة أخرى، ويتحمل متاعب العمل والألم بالقدم والظهر، لينهي مسيرته اليومية التي تبدأ من الخامسة مساءً حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.

واختتم حدثيه قائلًا: «لا أهتم بالتقدم في السن وما أواجهه من أعباء الحياة اليومية للبحث عن الرزق الحلال وتجهيز أبنائي، فالإصرار على العمل والتضحية هو جهاد في سبيل الله، والإيمان الأكبر أن الرزق في الدنيا سيأتى ولو بعد حين، وما علينا إلا السعى والعمل والاجتهاد في الدنيا، والتقرب من الله وهو هدفى للفوز بجنة الفردوس»، مطالبا بالنظر له ولمحدودي الدخل لتوفير رعاية وحياة كريمة لهم، ومساعدته في تجهيز أولاده وعدم تعرضهم للحرمان من بعده.
الجريدة الرسمية