رئيس التحرير
عصام كامل

سوريا تنزف ببطء حتى الموت بطلقات نارية ذاتية


خلال زيارتي لشمال شرق سوريا رأيت كل سوريا تنزف ببطء حتى الموت بطلقات نارية ذاتية. فلا يمكنك أن تساعد بل تسأل ما إذا كانت ستصبح دولة موحدة مرة أخرى وأي نوع من الكوارث البشرية سوف تظهر هناك إذا تربى جيل كامل دون مدارس.

لقد قضيت يوما فى بلدة تل عبيد بشمال شرق سوريا حيث كان المشهد مرعبا اكثر مما نتخيله ، وأن حالة الخوف ليست بسبب أنهم كانوا مهددين بأي شكل من الأشكال من قبل جنود الجيش السوري الحر أو من قبل مقاتلى جماعة جبهة النصرة الذين يختبؤن في الظلال بل من المدرسة المحلية التي هزت وجدانه .
وفي طريقي للعودة الى الحدود التركية ، لاحظت وجود مدرسة فطلبت من السائق ان يقترب منها لاستكشافها فوجدها خالية من التلاميذ لكن لاجئى الحرب مكثوا فى فصولها ويمارسون حياتهم الطبيعية .
وكان هناك مرشد سوري يدعي زكريا زكريا كان يرافقني وقال لي " سوريا باتت الصومال حيث فقد الطلاب عامين كاملين من الدراسة وليس هناك ضوء واحد فى النفق المظلم وفى حال استمرار الوضع كما هو عليه لمدة عامين اخرين ، ستصبح سوريا بالتأكيد مثل الصومال، دولة فاشلة".
ولكن عذاب سوريا اليوم، لا يمكن أن نتخيله، في ظل استمرار الحرب هناك لمدة عام آخر. لكن عندما تشعر بعمق الغضب ضد حكومة الأسد وهمجية العنف الطائفى ، لا يمكنك تخيل ابرام أي اتفاق سلام لا يخلو من قوات حفظ سلام دولية على الأرض لفرض تطبيقه. وفي نهاية المطاف، علينا بذل المزيد فى هذا الموضوع لأن هذه ليست حرب عادية.
الكارثة السورية مثل العاصفة التى تحدث عندما يكون الطقس متقلبا حيث تشهد سوريا أسوأ موجة جفاف في تاريخها الحديث يتزامن مع النمو السكاني السريع ونظام قمعي وفاسد وطلق العنان للمشاعر الطائفية والدينية المتطرفة، يغذيها المال المتدفق من القوى الخارجية المتنافسة مثل إيران وحزب الله من جهة ، والمملكة العربية السعودية وتركيا وقطر من جهة أخرى، كل منها لها مصلحة في هزيمة حلفائها السوريين حلفاء الآخر، كل هذا في الوقت الذى تبدى فيه الولايات المتحدة قلقها البالغ من التدخل نتيجة ما حدث فى افغانستان والعراق.
لقد جئت إلى سوريا لكتابة مقالي والعمل على فيلم لسلسلة الشوتايم بعنوان "سنوات من العيش تحت الخطر" عن حالة الجفاف، واحدة من العوامل الرئيسية الدافعة للحرب السورية. وفي عصر تغير المناخ، من المحتمل أن نرى المزيد من مثل هذه الصراعات ".
نقلاً عن نيويورك تايمز
الجريدة الرسمية