رئيس التحرير
عصام كامل

سيد المقاومة يكسر الصمت !!


حينما يقرر الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، أن المقاومة ولدت لتبقى، وأن المقاومة هي شرف هذه الأمة، فلا بد وأن يأخذ هذا الكلام على محمل الجد، لأنه الزعيم الذي لم تصدر عنه كلمة إلا وكان لها معنى ومغزى، لأنها نابعة من خلاصة تجربة الرجل الذي عاش ومات وهو يحلم بتحقيق الوحدة لهذه الأمة، مع الحفاظ على عزة وكرامة شعوبها.. 

إن كلمات جمال عبد الناصر الذي رحل عن عالمنا منذ ما يقرب من نصف قرن من الزمان لا تزال صالحة للتطبيق حتى اليوم، فالمقاومة فعلا ولدت لتبقى، فما زالت المقاومة تشكل الهاجس الأكبر للعدو الصهيوني، وإذا كان حزب الله هو الذي يقود المقاومة العربية في مواجهة العدو الصهيوني في اللحظة الراهنة، فإن سماحة السيد حسن نصر الله هو سيد المقاومة وقائدها.

لذلك فالرجل مستهدف من هذا العدو الصهيوني طوال الوقت فهو الوحيد في أمتنا العربية الذي لقن هذا العدو دروسا قاسية حيث أجبره على الانسحاب من الجنوب اللبنانى عام 2000، بدون مفاوضات أو اتفاقيات أو جلوس على طاولة واحدة لإنهاء حالة العداء، ثم صمد في حرب تموز 2006، وحقق انتصارا مدويا عبر 34 يوما كبد فيها العدو خسائر في الأرواح تمثلت في 119 جنديا و44 مدنيا، إلى جانب ما يقرب من 450 جريحا مدنيا وعسكريا، بالإضافة إلى أسيرين حسب اعترافات جيش العدو الصهيوني نفسه، ومنذ ذلك التاريخ والعدو يعمل ألف حساب للمقاومة وسيدها.

وخلال الشهرين الأخيرين لم يطل سماحة السيد حسن نصر الله لعدم وجود مناسبة، فكانت الآلة الإعلامية الكاذبة للعدو الصهيوني جاهزة لإطلاق الشائعات عن مرض سيد المقاومة وتدهور صحته، خاصة عندما لم يجد العدو رد فعل على عملية درع الشمال المزعومة التي بدأها مطلع الشهر الماضي، حيث اكتشف مجموعة من الأنفاق ممتدة من الجنوب اللبناني إلى شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة معتقدا أنها لحزب الله، والأنفاق المكتشفة حديثا يمتد عمرها إلى ما يقرب من أربعة عشر عاما على حسب تصريحات بعض الخبراء العسكريين الصهاينة.. 

وهو ما يعني أن العدو قد فشل طوال هذه السنوات من اكتشافها وجاء الآن ليقوم بهذه العملية لهدمها في محاولة من رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو، لكسب تأييد المستوطنين الصهاينة قبل الانتخابات القادمة.

لذلك كانت إطلالة سيد المقاومة خلال هذا الأسبوع وعبر شاشة الميادين في حوار العام وتحت عنوان "نصر الله يكسر الصمت" ولمدة تزيد على الثلاث ساعات، قدم خلالها تحليلا سياسيا عميقا للوضع في المنطقة، وكشف عن بعض أسرار الحرب في سورية، هذا إلى جانب بعض رسائل التهديد والوعيد للعدو الصهيوني ورئيس وزرائه نتنياهو، وهو ما يهم الشعب العربي. 

ففي ظل حالة الانكسار أمام العدو الصهيوني من غالبية الحكام العرب وهرولتهم للتطبيع سرا وعلانية، يظهر سماحة السيد ليوجه كلماته الصريحة بأنه إذا كان العدوان الصهيوني المتكرر على سورية العربية بهدف إعاقة وتعطيل حصول حزب الله على صواريخ أبعد مدى من الجليل وأكثر دقة، فإن هذه المحاولات فاشلة والمقاومة قد حصلت بالفعل على هذه الصواريخ بعيدة المدى والأكثر دقة وهى الصواريخ التي يمكنها أن تدك تل أبيب بل وبإمكانها الوصول إلى أبعد نقطة داخل الأراضى الفلسطينية المحتلة.. 

وحذر سيد المقاومة نتنياهو من أي محاولة لعدوان جديد على لبنان لأنه سيرد بشكل حاسم، فغير مقبول أن يستبيح العدو الأراضي اللبنانية.

وفى قراءته للمشهد السوري أكد السيد حسن نصر الله أن الوضع في سورية اليوم أفضل حالا من 2011 لكن لا يمكن الحديث عن إنجاز شامل، وأن هناك مأزقا كرديا تركيا أمريكيا فيما يتعلق بشرق الفرات. والجيش العربي السوري وحلفاؤه قادرون على حسم المعركة في الشمال السوري، وإعلان أردوغان عن اتفاق أظنه يشير إلى أنه يجب التسليم بأن الحل الوحيد هو انتشار الجيش العربي السوري، وأكد أنه عند الانتهاء من داعش في شرق الفرات فإن الجيش السوري وحلفاؤه سيرتاحون، وأشار إلى أن خطوط التفاوض بين الجيش السوري والقوات الكردية مفتوحة.

وأكد أنه تم استكمال التعزيزات لتحرير إدلب لكن تركيا منعت ذلك بحجة أسباب إنسانية، ورغم ذلك فالخيارات مفتوحة بالنسبة لإدلب لكن الأولوية للحل السياسي، وسيطرة جبهة النصرة على إدلب يحرج تركيا لأنها مصنفة عالميا بأنها إرهابية وهو ما يصعب الحل السياسي، لذلك فعلى تركيا إيجاد حل لإدلب وإما ترك الأمر للقيادة السورية التي لن تترك أرضها للإرهابيين.. 

وأشار إلى أن الأمريكان أبلغوا الروس أنهم مستعدون للخروج بالكامل من سورية مقابل خروج الإيرانيين، والإيرانيون رفضوا الطلب الأمريكي لأنهم موجودون في سورية بناء على طلب دمشق، والرئيس الأسد رفض كذلك الطلب الأمريكي الذي نقله الروس بخروج الإيرانيين، وقرار سحب القوات الأمريكية من سورية هو بحد ذاته فشل وهزيمة، ونتنياهو الذي يقدم نفسه أنه منتصر في مجالات عدة فشل مشروعه في سورية وخسر كل رهاناته، وسورية تعود الآن أقوى ولن تتخلى عن مسئوليتها القومية العربية.

وفيما يتعلق بالشأن اللبنانى الداخلى فقد قدم سيد المقاومة درسا في الانتماء الوطنى، والالتزام بالتوافق بين كل المكونات السياسية على أرضية اتفاقية الطائف التي تحتاج إلى تعديلات ممكنة عبر الحوار، وأنه لا يمكن اتخاذ أي قرار منفردا أو على أساس المغالبة، وأنه رغم الصعوبات الحالية بشأن تشكيل الحكومة إلا أنها مرحلة وسوف تنتهي.. 

وأكد أن القمة الاقتصادية ببيروت كانت مقبولة ومعقولة ولاسيما في الجانب السياسي حيث كان الكلام السياسي حول القدس ممتازا، وأشاد بكلام الرئيس اللبنانى ووزير الخارجية حول إعادة سورية إلى الجامعة العربية ووصفه بالمهم جدا، والموقف اللبنانى بشأن اللاجئين والنازحين السوريين كان إنجازا أيضا. 

لقد جاءت إطلالة سيد المقاومة في موعدها حقا وبالفعل قامت بكسر الصمت، ووجهت رسائل واضحة للعدو الصهيونى أهمها أن هناك احتمال اتخاذ قرار بتعاط مختلف مع الاعتداءات الصهيونية، لأن ما حصل أخيرا خطير جدا، وعلى نتنياهو أن ينتبه إلى التغيرات الأخيرة وإلى تحسن الدفاع الجوى السوري، وعليه أن يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات في المنطقة، وأن يكون حذرا في التمادى فيما يقوم به في سورية، وعليه ألا يخطئ التقدير لأن محور المقاومة وفى مقدمته دمشق سيرد، هذا هو الخطاب الذي يليق بالمقاومة التي وصفها الزعيم جمال عبد الناصر بأنها ولدت لتبقى، وعلى كل مواطن عربي شريف أن يدعم هذه المقاومة التي تحافظ على كرامتنا في مواجهة العدو الصهيوني، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

الجريدة الرسمية