رئيس التحرير
عصام كامل

تجارة السترات الصفراء!


استمرار احتجاجات أصحاب السترات الصفراء للأسبوع العاشر في فرنسا إذا كان يمثل صداعا للرئيس الفرنسي "ماكرون" لا يفيد في علاجه النقاش الكبير الذي بدأه مؤخرا مع قيادات البلديات، فإنه يمثل لبعض الفرنسيين فرصة للاستفادة وتحقيق الأرباح!


وأنا هنا لا أقصد الخصوم السياسيين للرئيس "ماكرون"، وهم كثر من اليمين واليسار، على مختلف درجاته وألوانه المتعددة الذين يرونها فرصة للنيل منه، والتبكير بإجراء انتخابات جديدة برلمانية ورئاسية قد يحرزون فيها أصواتا أكبر هذه المرة.. وإنما أنا أقصد أصحاب المتاجر والأكشاك التي تبيع الهدايا التذكارية، فقد اهتمت الآن ببيع السترات الصفراء، والسترة الواحدة بأكثر من مائة يورو، أي بأكثر من تلك الزيادة التي قررتها حكومة "ماكرون" في الحد الأدنى للأجور في إطار امتصاص غضب المحتجين ووقف الاحتجاجات..

ولعل هذا يذكرنا بما فعله البعض في مصر منذ يناير ٢٠١١، عندما سعوا إلى استيراد شحنات من الأعلام المصرية من الصين لبيعها للمتظاهرين.

وهكذا حركة "السترات الصفراء" لا تمثل الشىء ذاته للجميع في فرنسا.. فهى تمثل للمحتجين فرصة لتحسين الأحوال، والتخلص من ضغوط معيشية لا يقدرون على تحملها.. لكنها في ذات الوقت تمثل لآخرين فرصة لاستثمارها سياسيا للوصول إلى السلطة.. وتمثل لفريق ثالث فرصة لتحقيق مكاسب مالية أيضا.. فهذه الاحتجاجات، مثل كل احتجاجات في العالم كله لا يتعامل معها الجميع بمنظور واحد أو حتى متشابه..

وإنما تتعدد الرؤى لها والمواقف منها حسب المصلحة.. ولعل هذا يفسر لنا لماذا خرج صحفيون وإعلاميون في فرنسا يحتجون على محتوى أصحاب السترات الصفراء، بعد مهاجمتهم الصحافة الفرنسية بعدم الموضوعية والانحياز في تناول احتجاجاتهم باقترانها بأعمال عنف لم تؤرق فقط السلطات الفرنسية، وإنما أزعجت قطاعات من المجتمع الفرنسي أيضا.
الجريدة الرسمية