رئيس التحرير
عصام كامل

تمويل أجنبي سري!


قامت الدنيا ولم تقعد داخل مصر وخارجها عندما تصدت وزيرة التعاون الدولي "فايزة أبو النجا" للتمويل الأجنبي السري الذي تدفق على مصر بغزارة بعد يناير ٢٠١١.. فهناك من رأوا في ذلك هجوما يستهدف المجتمع المدنى المصرى، ويسعى لتحجيم دوره وإضعافه في وقت يزدهر دوره في العالم كله.. وهناك من اعتبروا ذلك انتكاسة ديمقراطية بالنيل من الجمعيات الحقوقية تحديدا..


وهناك أيضا من مارسوا ضغوطا هائلة وضخمة لاستمرار تدفق التمويل الأجنبي السرى على مصر من وراء ظهر الدولة ومؤسساتها المختلفة، ومنعها من محاسبة من تلقوا هذا التمويل الأجنبي السرى، ومعرفة كيف وأين أنفقوا هذه الأموال.. وما زال البعض داخل وخارج مصر يمارس هذه الضغوط حتى الآن!

حدث ذلك رغم أنه لا توجد دولة في العالم بما فيها الدول التي تقدم هذا التمويل السرى لمنظمات وشخصيات مصرية، تسمح بأن يحدث ذلك داخلها.. أي تسمح بحصول منظمات المجتمع المدنى لديها أو أي مواطن لها على تمويل أجنبي سرى.. بل كل دولار أو يورو أو جنبه إسترليني يأتى عبر الحدود يتم مراقبته ومتابعة كيف وفيما أنفق وحساب كل من يحصل على تمويل أجنبي سرى أو لا ينفق التمويل الأجنبي العلنى في الغرض المحدد والذي وافقت عليه السلطات المسئولة في هذه الدول.

وهذا الأسبوع خرجت وزيرة فرنسية تتهم من تورطوا في أعمال التخريب ممن ينتمون لجماعة السترات الصفراء بالحصول على تمويل أجنبي سرى، وطالبت بالكشف عن هذا التمويل وحجمه ومن يقدمونه ومن يحصلون عليه.. ومع ذلك لم يحدث ما حدث عندنا.. لم تقم الدنيا ولم تقعد.. ولم تتعرض فرنسا لأية ضغوط.. ولم تتعرض الوزيرة الفرنسية نفسها للهجوم الذي طال وزيرتنا الشجاعة "فايزة أبو النجا"، أو تلقت تهديدات بالقتل مثلها..

وهذه هي ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الغرب طوال الوقت.. فهم يطالبوننا بما لا يلزمون أنفسهم به.. يطالبون باستباحة بلادنا والسكوت على تدخلهم في شئونها الداخلية وفرض من يروق لهم من الحكام.. تبا لذلك وسحقا لهم!
الجريدة الرسمية