رئيس التحرير
عصام كامل

تسونامى خسائر.. العالم ينتظر كارثة اقتصادية في 2019

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

توقعات بارتفاع معدلات التضخم والطلب على المواد الغذائية وإغلاق البنوك و«تسريح العمال»

الإنفاق على الحروب وزيادة المدفوعات العسكرية أبرز الأسباب.. والبداية بـ«اقتصاد واشنطن»


تباطؤ الاقتصاد الأمريكي أبرز مؤشرات الأزمة الاقتصادية المنتظرة.. والأسواق الناشئة الأكثر معاناة

نتائج الضربة الاقتصادية الجديدة أقل من أزمة 2008.. وتوقعات بالعودة لنظام «المقايضة»



أيام قليلة تفصل العالم عن عام جديد، يأمل البعض أن يكون 2019 أفضل من سابقه، لكنهم لا يدرون ما ينتظرهم فيه من كارثة اقتصادية كبرى تنهار على إثرها ماليات كبرى الدول، وتدفعها للانهيار من جديد بعد ما يقرب من 10 سنوات من الأزمة الطاحنة التي ضربت اقتصاديات غالبية الدول في العام 2008.

الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 بدأت بانهيار الاقتصاد الأمريكي، وهي الرواية ذاتها التي يرجح خبراء الاقتصاد أن تتكرر خلال العام الجديد، حيث يشهد اقتصاد واشنطن حالة من التمزق في الوقت الحالي، وفق «يورج أنجيلي»، الخبير الاقتصادي في بنك «رايفايزن» الدولي بالنمسا.

بحلول منتصف عام 2019 من المحتمل أن يشهد الاقتصاد الأمريكي حالة من التباطؤ الحاد، ربما تصل إلى الركود، حيث ينمو الاقتصاد بمعدل نقطتين إلى ثلاث نقاط مئوية، مما ينتج عنه فجوة في الإنتاج، وهو ما يجعل الاقتصاد يبدو وكأنه محموم مثلما حدث في عام 2000 الذي شهد بداية أزمة الاقتصاد العالمي.

تعقب بداية ظهور الأزمة لجوء البنك الفيدرالي الأمريكي، لرفع أسعار الفائدة لتهدئة الاقتصاد، كما يرتفع التضخم إلى معدل سنوي يبلغ 2.5٪، ثم إغلاق البنوك وزيادة الطلب عن المعروض من المواد الغذائية وغيرها من الضروريات، وبعد تأثير الانهيار على الحكومات المحلية والمرافق العامة، فلن تكون المياه والكهرباء متاحة، ويعود الاقتصاد إلى مربع «التقليدي»، الذي يتضمن طرقا بدائية للحفاظ على الحياة مثل المقايضة. 

انهيار اقتصادي أمريكا من شأنه أن يخلق حالة من الذعر العالمي، حيث تنخفض الطلبات على الدولار وسندات الخزانة الأمريكية، وترتفع أسعار الفائدة مما يدفع المستثمرين إلى استخدام عملات أخرى، مثل اليوان واليورو أو حتى الذهب، وهو ما ينتج عنه تضخم مفرط نظرا لانخفاض سعر الدولار.

ومن المتوقع أن تنخفض الأسهم الأمريكية بنسبة 20 في المائة، كما تشهد الأسواق الناشئة في بعض الدول، مثل البرازيل وروسيا والهند والصين، انخفاضا أكبر في أسعار الطاقة وقيمة المعادن الأساسية والأسهم.

ووفق المحللين فإن عدوى الكساد والانهيار تنتقل بسرعة شديدة بين المؤسسات المالية الكبرى والأنظمة الاقتصادية في أمريكا وأوروبا، حيث تتوقف البنوك عن إقراض الأموال لبعضها البعض، بعد أن ترتفع تكاليف الاقتراض، بعد انخفاض قروض الأعمال التجارية وجفاف التمويلات التجارية.

وبناء على التوقعات الأولية فإن الأزمة الاقتصادية القادمة ستكون أقل في حدتها من أزمة عام 2008، ولكن عدم تعافي الدول بشكل كامل من الأزمة السابقة هو ما سيجعل آثارها كارثية، كما أن حدة الأزمة المالية العالمية المرتقبة ستتوقف على المدة التي تستغرقها فكلما زاد أمد المشكلة أصبحت الصعوبة أكبر في تجاوزها.

بدأت ملامح ومؤشرات التباطؤ في الاقتصاد العالمي في الظهور على مدار الأشهر الأخيرة، وهي تتزايد شيئا فشيئا مع مرور الوقت، مع توجيه أصابع الاتهام إلى الأسواق الناشئة باعتبارها مصدر قلق وتهديد كبير لرفع مؤشرات الانهيار.

الأسباب التي ستؤدى لانهيار الاقتصاد في تلك المرة ترتبط بطبيعة النظام المالي السائد في العالم، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وهو النظام الرأسمالي، الذي يعطي حرية كاملة في التعاملات الاقتصادية والمالية دون تدخل الدولة، ويسمح بمضاربات غير منضبطة للأسهم، ما أدى إلى رفع أسعارها السوقية بشكل كبير وغير منطقي.

إضافة للرأسمالية، فإن أسبابا عديدة أخرى تدفع الاقتصاد العالمي للانهيار، أبرزها المضاربات غير المسئولة في أسعار النفط، وعدم وضع قواعد معينة ومحددة للبنوك لتنظيم عمليات الائتمان والإقراض التي باتت تتضمن جانبا كبيرا من المخاطرة، بالإضافة للإنفاق الكبير على الحروب، وزيادة الإنفاق العسكري، ما أدي إلى قلة الإنفاق في مجال التنمية.

فضلا عن ذلك.. فإن زيادة الخسائر الناجمة عن المشكلات والكوارث الطبيعية والبيئية بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، وتوظيف الاقتصاد في خدمة الأهداف السياسية والعسكرية، بدلا من التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والفساد الإداري والمالي وظهور الكثير من عمليات النصب والاحتيال حول العالم، أحد أبرز الأسباب التي ستدفع بالاقتصاد العالمي عاجلا للانهيار من جديد.

ربما تتسبب حادثة اقتصادية في أمريكا، أو إيطاليا، أو الصين، في إشعال فتيل الأزمة، حيث تثير الحادثة ذعرا بالمصارف الدولية، وهو ما يدفعها إلى تقليص القروض المجانية التي تقدمها إلى البنوك، كما تضطر بعض الشركات والحكومات إلى اتباع سياسة تقشف قاسية، الأمر الذي ينتج عنه ارتفاع نسب البطالة، وتدنى القيمة الشرائية، وإرساء تشريعات مالية على المستوى الدولي، تعتبر متأخرة عن موعدها لتوقيف انتشار الانهيار مثل السرطان.

وحينما يتجه الاقتصاد العالمي نحو الركود والكساد، فإن ذلك يؤدي بدوره إلى عجز الحكومات عن تنفيذ سياساتها التنموية، كما يمنع المؤسسات المالية والبنوك من الاستمرار في عمليات التمويل والإقراض، وبالتالي تراجع الطلب على الكثير من المواد والمنتجات المختلفة ما يؤدي بدوره إلى تراجع مستويات الدخل القومي وانخفاض معدل دخل الفرد حول العالم، وما يعقبه من تقليل مستويات الرفاهية والقدرة على الإنفاق وبالتالي انخفاض القوة الشرائية، مما ينعكس بدوره على وحدات الإنتاج ويدفعها للاستغناء عن الكثير من العمال.
الجريدة الرسمية