رئيس التحرير
عصام كامل

يوم رئاسي مكثف بشرم الشيخ.. السيسي يفتتح منتدى أفريقيا 2018.. يشارك في جلسة «القيادة الجريئة والالتزام الجماعي لدفع الاستثمارات».. ويصدر 7 قرارات لمستقبل القارة السمراء

فيتو

شهد منتدى أفريقيا 2018 نشاطا رئاسيا مكثفا، حيث افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي المنتدى وألقى كلمة جاء نصها: «اسمحوا لي أن أرحب بكم في مدينة شرم الشيخ، في منتدى أفريقيا الذي يعقد للعام الثالث على التوالي، لنستكمل ما بدأناه من مباحثات ترسم ملامح المستقبل، وتفتح آفاقا جديدة للنمو والازدهار، وللاستفادة من الطاقات الشابة بالقارة ومواردها الطبيعية، بما يسهم في تحقيق تقدم ملموس في اقتصادات الدول الأفريقية، استثمارًا ونموًا وتشغيلًا، من أجل تحقيق آمال وتطلعات شعوب قارتنا العظيمة نحو التنمية والرخاء.


إن لقاءنا هذا العام يأتي في وقت نتطلع فيه جميعا لتحقيق مزيد من التكامل الإقليمي وتيسير حركة التجارة البينية، لا سيما بعد أن أطلق الاتحاد الأفريقي منطقة التجارة الحرة القارية، خلال القمة التي عقدت في نواكشوط في مارس ٢٠١٨، كما نتطلع إلى زيادة الاستثمارات بين دول القارة الأفريقية، وذلك من خلال تنفيذ مشروعات مشتركة وعابرة للحدود، خاصة في مجالات البنية الأساسية، والطاقة الجديدة والمتجددة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

إننا نطمح لتحقيق هذه الأهداف، من خلال العمل المشترك تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، الذي تشرف مصر برئاسته العام المقبل، التي سنسعى خلالها، بكل جهد مخلص، للبناء على ما تحقق طيلة السنوات الماضية، وكذلك استكمال أجندة قارتنا للتنمية، وهو ما يدفعنا نحو المزيد من التشاور والعمل الجماعي، لتفعيل المشروعات التي تحقق التنمية الشاملة والمستدامة في القارة، لتحتل المكانة التي تستحقها على خريطة الاقتصاد العالمي.

لقد قطعت مصر شوطا طويلا على طريق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وإجراء إصلاحات هيكلية في مختلف القطاعات، والعمل على تهيئة مناخ أكثر جاذبية للاستثمار المحلي والأجنبي، وقد أسهمت هذه الإصلاحات، في تحسن المؤشرات الاقتصادية والتصنيف الائتماني لمصر، بشهادة العديد من المؤسسات الدولية.

ويتزامن هذا مع ما تنفذه العديد من الدول الأفريقية، من برامج إصلاحية لتحسين أداء اقتصاداتها، وفي هذا الإطار، اسمحوا لي أن نستعرض سويًا ما تحتاجه دول القارة فيما يتعلق ببرامجها الإصلاحية، إذ من الضروري أن تتناسب تلك الإصلاحات، مع متطلبات العصر واحتياجات المواطنين ودفع عملية التنمية، لتشمل تطوير الطرق والمطارات والموانئ والمدن، وشبكات الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي، كما يجب أن تواكب عملية الإصلاح متطلبات ثورة المعلومات والتكنولوجيا المتطورة، والصناعات والخدمات الجديدة المرتبطة بالاقتصاد الرقمي، وأن تتوافق أيضًا مع الجهود المبذولة على الصعيد الدولي، للتصدي لتغيرات المناخ وخفض الانبعاثات الضارة بالبيئة للمحافظة على كوكبنا.

ومما لا شك فيه، أن مختلف تلك المجالات بحاجة لتوفير استثمارات ضخمة، تسمح بتنفيذ عملية الإصلاح بشكل فعال، وهو ما يدفعنا إلى دعوة المستثمرين من داخل القارة وخارجها، لاستغلال الفرص الواعدة في أفريقيا، بما يسهم في دفع التنمية وترسيخ الاستقرار، لتصبح أفريقيا شريكًا فاعلًا ومؤثرًا على المستوى العالمي.

إننا اليوم في أمس الحاجة لمضاعفة جهودنا المشتركة على جميع المستويات، لتعميق التعاون والتكامل الاقتصادي، وتحقيق التنمية والتقدم، ومن هذا المنطلق، فقد حرصت مصر على زيادة استثماراتها في أفريقيا، حيث ارتفعت تلك الاستثمارات خلال عام ٢٠١٨ بمقدار 1.2 مليار دولار ليصل إجماليها إلى 10.2 مليارات دولار، وهو التوجه الذي يهدف إلى تحقيق المصالح المشتركة لمصر وللدول الأفريقية، إلى جانب زيادة التعاون ونقل الخبرات المصرية إلى دول القارة، في المجالات وثيقة الِصلة بالتنمية، كما ندعو المستثمرين من كل دول القارة، لبحث الفرص المتاحة على خريطة مصر الاستثمارية.

إن العالم ينظر إلى قارتكم باعتبارها أرض الفرص الواعدة، وعلى أنها مؤهلة لتحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي المستدام، في ظل ما تمتلكه من موارد بشرية وثروات هائلة ومتنوعة، وهو ما يضعنا أمام تحد كبير، لتحقيق مستويات معيشة كريمة لجميع مواطني القارة، ولا يفوتني في هذا الصدد أن أؤكد أهمية استغلال طاقات الشباب الأفريقي الكامنة، ودعم أفكارهم، وذلك من خلال إتاحة التمويل للمشروعات المنتجة، التي توفر لهم فرص العمل، وتدعم اقتصادات دولهم، فضلًا عن إتاحة المزيد من التمكين الاقتصادي للمرأة الأفريقية، والقضاء على كل أشكال العنف والتمييز ضدها، حيث أنها تمثل ركيزة أساسية للتنمية وأحد مكوناتها الفاعلة.

وختاما، اسمحوا لي أن أرحب بكم مرة أخرى على أرض مصر، وأن أتمنى لكم كل التوفيق في أعمال المنتدى، الذي أثق أنه سيسهم في دعم العمل الأفريقي المشترك، وتعزيز قدراتنا التنافسية، وتحقيق آمالنا في مستقبل أفضل.

كما أؤكد لكم، أن مصر، ستظل دوما على عهدها، فخورة بانتمائها لأفريقيا، حريصة على مصالحها، أمينة على مطالبها، وداعمة بكل ما تملك من قوة وعزم لمسيرة قارتنا العزيزة، نحو المستقبل الأفضل الذي تتطلع إليه وتستحقه شعوبنا».

جلسة القيادة الجريئة
كما شارك الرئيس السيسي في جلسة "القيادة الجريئة والالتزام الجماعي لدفع الاستثمارات داخل أفريقيا"، في إطار فعاليات منتدى أفريقيا 2018 بشرم الشيخ وأطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي بعض الرسائل أبرزها:

1. أهم التحديات التي تواجه جهود التنمية في القارة الأفريقية هو عدم القدرة على الإسراع في وتيرة هذه المسيرة لتلبية احتياجات شعوبها واللحاق بركب العالم المتقدم.

2. انعدام الأمن والاستقرار بالعديد من أركان القارة، والمعايير غير المرنة التي تفرضها بعض المؤسسات المالية الدولية لإقراض الدول النامية من العوامل.

3. ضعف البنية التحتية الأساسية والفقر في مصادر الطاقة اللازمة لخدمة المشروعات التنموية.

4. غياب الرؤية الوطنية الشاملة لوضع خطة متكاملة للمشروعات التنموية ذات القيمة المضافة.

5. نقص الخبرات والكوادر الفنية، وعدم الاستغلال الأمثل للنمو الديموغرافي المطرد في القارة.

6. مصر تؤكد أن تغيير وجه القارة الأفريقية، في إطار جهود تحقيق الاندماج الأفريقي وأهداف أجندة التنمية في أفريقيا 2063، يستدعي إعداد دراسة مركزية لإقامة مشروعات بنية أساسية متكاملة على مستوى القارة.

7. نعرب عن استعدادنا مستقبلًا لنقل فائض الطاقة اللازمة للتصنيع والنمو إلى الدول الأفريقية من خلال استغلال تلك البنية التحتية الأساسية.

جلسة الختام
وقال الرئيس السيسي في فعاليات ختام منتدى أفريقيا 2018: أتحدث إليكم اليوم، فخورًا بهذا الجمع المتنوع الثري، المشارك في هذا الحدث، الذي أصبح ملتقيً لجميع المعنيين بالأعمال والاستثمار والتجارة في القارة الأفريقية، واغتنم هذه الفرصة، لأتوجه لجميع القائمين على تنظيم هذه الفعالية، بالشكر على ما بذلوه من جهد لإنجاحها.

وأضاف الرئيس السيسي: لقد كانت فعاليات هذا المنتدى فرصة لتأكيد اهتمام مصر بدعم مصالح القارة الأفريقية، وتعزيز مسيرتها التنموية، وفرصة متميزة كذلك لتبادل الرؤى والأفكار حول سبل دفع التنمية الشاملة في قارتنا، بهدف إيجاد أفضل الوسائل لتحسين أوضاع حاضرنا، وبناء مستقبلنا كما نتمناه ونتطلع إليه.

وتابع: «مثل هذا المنتدى منبرًا مواتيًا، لتأكيد أهمية تعزيز أطر التعاون الأفريقي متعدد الأطراف، والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية، وتوفير مزيد من فرص العمل لأبناء القارة، وكذا بحث سبل تطوير البنية التحتية وتوسيع قاعدة النشاط الاقتصادي، وهي العناصر التي تأتي جميعًا ضمن أولويات رئاسة مصر المقبلة للاتحاد الأفريقي عام 2019».

وأوضح أن تحقيق الأمن والاستقرار، والتنمية والتحديث، هي أهم سبل مجابهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في قارتنا، وهو ما ظهر جليًا في المناقشات التي دارت أثناء المنتدى، والتي ارتكزت على مناقشة استراتيجيات جذب الاستثمارات إلى القارة، لتسريع نمو الشركات الناشئة، وتوفير بيئة أعمال جيدة لرواد الأعمال على مستوى القارة، وتدعيم علاقات التعاون الاقتصادي عبر الحدود.

ولفت إلى أن قضية تمكين المرأة كانت من الموضوعات التي تم تناولها بصورة مستفيضة، خاصة فيما يتعلق بأهم التحديات التي تواجه هذا الأمر في قارتنا، والسياسات التي تزيد من فرص تمكينها وحمايتها داخل بيئتها المحيطة، وكذا تسليط الضوء على أفضل الممارسات المتعلقة بتأهيلها للقيادة، وضمان أفضل الطرق لزيادة دورها للمشاركة في رسم السياسات على جميع الأصعدة، وفي هذا الصدد أؤكد أهمية وضع إستراتيجية واضحة تزيد من مشاركة المرأة الأفريقية على مستوى الحكومات ومجتمعات الأعمال ككل.

واستطرد: «ستظل مصر دوما داعمة لجهود تعزيز التعاون الأفريقي بشكل خاص والتعاون الدولي عمومًا، وهو ما يتضح في السياسات المنفتحة والجريئة التي تنتهجها مصر، لتعظيم الاستفادة من تلك الجهود في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، بما في ذلك تعزيز دور القطاع الخاص في التنمية والاستثمار على مستوى البلدان الأفريقية جميعًا».

وقال الرئيس: وإيمانًا مني بضرورة بذل أقصى الجهد من أجل مستقبل أفريقيا، واستكمالًا لدور مصر الفعال في العمل على نهضة القارة، فقد قررت ما يلي:

1. إنشاء صندوق ضمان مخاطر الاستثمار في أفريقيا، وذلك لتشجيع المستثمرين المصريين لتوجيه استثماراتهم لأفريقيا، والمشاركة في تنمية القارة والاستفادة من الفرص الهائلة المتوفرة في قارتنا.

2. التفاوض مع المؤسسات الدولية - شركائنا في التنمية - لدعم البنية الأساسية ركيزة التنمية الحقيقية، ومن ذلك الإسراع في الانتهاء من طريق القاهرة – كيب تاون، وذلك لدمج أقطار القارة وتوسيع حركة التجارة بين بلداننا.

3. تحفيز وتيسير عمل الشركات الأفريقية في مصر، لتحفيز الاستثمارات المشتركة والاستفادة من التطور المستمر في الاقتصاد المصري.

4. زيادة التعاون الفني مع دول القارة في مجالات الاستثمار في رأس المال البشري، والتحول الرقمي، وإدارة التمويلات الدولية، والحوكمة ونظم المتابعة والتقييم.

5. إنشاء صندوق للاستثمار في البنية التحتية المعلوماتية، بهدف دعم التطور التكنولوجي والتحول الرقمي في القارة، وذلك لبناء اقتصاديات حديثة قائمة على أحدث النظم التكنولوجية.

6. التعاون المشترك بين مصر وأشقائها من دول القارة، في مجالات الحوكمة ومحاربة الفساد، من خلال تبادل الخبرات والتدريب والتأهيل للأجهزة المعنية في القارة، لنشر ثقافة الحوكمة والقضاء على الفساد.

7. إطلاق المرحلة الثانية من الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2019-2022 في إطار الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد، وتفعيل نشاط الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، مع تقديم 250 منحة تدريبية للكوادر الأفريقية، العاملة في مجال الوقاية من الفساد.
الجريدة الرسمية