رئيس التحرير
عصام كامل

«جحيم أردوغان».. تفاصيل سجون تركيا السرية لتعذيب المعارضين

فيتو

كشف موقع «يورو أوبزرفر» التابع للاتحاد الأوروبي فضيحة جديدة للنظام الحاكم في تركيا، والذي يمتلك غرفا سرية للتعذيب يرسل إليها المتهمين بالتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة، أو من يحرضون ضد النظام الحاكم.


روى الموقع قصة معتقل داخل سجون أردوغان السرية يدعى "جعفر توبكايا"، وهو تركي خدم لما يزيد عن 15 عاما من حياته في البحرية التركية، قبل أن ينتقل إلى العاصمة البلجيكية بروكسل للعمل في حلف شمال الأطلسي "الناتو" بين عامي 2015 و2016، حيث كان هناك عندما وقعت محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، وفي العاشر من أكتوبر من العام نفسه، تلقى تعليمات من القيادة بتركيا بضرورة العودة لحضور "اجتماع طارئ".

سافر توبكايا إلى أنقرة، وتوجه لحضور اجتماع الطارئ في المقر الرئيسي للأركان العامة في الجيش التركي، ولكنه فوجئ بإلقاء القبض عليه بتهمة اعتباره أحد أنصار رجل الدين المعارض فتح الله كولن، وتم نقله إلى صالة تدريبات رياضية قريبة من القصر الرئاسي كانت قد تم تحويلها مسبقا إلى مقر اعتقال.

اعتقال مهين

يعاني كل من يدخل لهذا المكان ظروف اعتقال مهينة وعمليات تعذيب وحشية تمارستها السلطات التركية بحق المعتقلين، الذين يقبع معظمهم هناك دون أدلة، أو محاكمة، أو اتصال مع العالم الخارجي، حيث كانت السلطات التركية تستطيع أن تعتقل أي شخص دون محاكمة، وتبقيه في السجن لمدة لا تزيد عن 4 أيام، لكن حالة الطوارئ التي تم فرضها عقب الانقلاب، زادت المدة لتصل إلى شهر كامل.

وقال توبكايا إن نحو 100 شخص كانوا موجودين داخل الصالة الرياضية التي لا تتسع لمثل هذا العدد، لافتا إلى أن ظروف الاعتقال كانت سيئة للغاية، حيث يحصل المحتجزون على وجبتين فقط في اليوم، الأولى هي الفطور وتتضمن قطعتين من الخبز، والثانية هي العشاء وتتضمن قطعتين من الخبز ومقدار ملعقتين من الأرز، وملعقتين من الخضراوات.

وحرص القائمون على المعتقل برفع التدفئة خلال أيام النهار الحارة، وخفض درجة الحرارة خلال الليالي الباردة، كما أنهم لم يسمحوا للمعتقلين بارتداء أحذية أو تغيير ملابسهم أو الجلوس على كراسي، إذ كانوا جميعا يجلسون على الأرض، وينامون على قطع إسفنجية رقيقة قذرة، كما تشاركوا جميعا 3 حمامات فقط.

تعذيب وحشي

وذكر توبكايا تفاصيل تعذيب وحشية تعرض لها المعتقلون داخل السجن، حيث يجبرون على النوم على الأرض ووضع مسدس في فمهم، قبل أن يهددهم الحراس ويدفعوا للاعتقاد بأنهم سيرمونهم من النافذة، ثم يطلبوا منهم بعد خروجهم من غرفة التحقيق أن يركضوا في الممر ليطلقوا النار عليهم من الخلف، ويقولوا إنهم حاولوا الهرب.

محاكمة صورية

وبعد 13 يوما أمضاها توبكايا في المعتقل، بدأت محاكمته التي تم اتهامه فيها بالانضمام لجماعة كولن، ونشر تغريدات مهينة للرئيس وخلال المحاكمة، طلب توبكايا رؤية حساب تويتر المتعلق بالاتهامات، ليشير إليهم بأن بعض التغريدات نشرت خلال وجوده في المعتقل، وأخرى نشرت خلال وقت المحاكمة، إلا أن المحكمة أمرت بوضعه في سجن سنجان لحين صدور الحكم النهائي.

سجن جديد

بعد نقله إلى سنجان، تم وضع توبكايا في زنزانة مع 4 سجناء آخرين، رغم أنها تكفي 3 أشخاص فقط، ولم يتم منحه "إسفنجة" لينام عليها إلا عندما جاءت لجنة من الأمم المتحدة معنية بالتعذيب، لتفحص السجن الذي يواجه المحتجزون داخله ظروفا قاسية، إذ تم منحهم كميات قليلة جدا من الطعام، وحرموا من التدفئة، بالرغم من أن درجة الحرارة كانت أقل من 15 درجة مئوية.

وروى المعتقل تفاصيل تعذيب السجناء وصعقهم بالكهرباء لـمدة تزيد عن 3 أيام، مما يدفعهم لتقديم اعترافات كاذبة للنجاة من التعذيب، بعدها تأمر المحكمة بسجنهم مدى الحياة، كما دفعت عمليات التعذيب الوحشية بعض السجناء للإصابة بالجنون، حيث يشاهدون يتحدثون إلى أشخاص خياليين ويتحدثون إلى أنفسهم، ويبكون ويضحكون بشكل هستيري دون سبب.

الهروب

أمضى توباكايا 11 شهرا داخل سجن سنجان، قبل أن يتم منحه الحق في الاطلاع على ملفه، بعدها فشل الادعاء بتقديم أدلة في المحاكمة لإدانة توبكايا، خاصة بعد أن قام بالتراجع عن اتهامات تويتر الأخيرة، وتقديم أخرى جديدة متعلقة بتويتر أيضا، وفي فبراير 2018 فشل أيضا الادعاء في تقديم أدلة، مما دفع المحكمة للأمر بإطلاق سراح مشروط بعد أن ظل معتقلا 16 شهرا، لكنها أمرته أيضا بالحضور إلى مركز شرطة كل يوم سبت.

لاحقا وصلت معلومات إلى توبكايا بأن أمرا جديدا بالاعتقال سيصدر بحقه مما دفعه إلى الهرب عبر اليونان، ومنها إلى بروكسل، لافتا إلى أنها رحلة كانت محفوفة بالمخاطر، خاصة وأن الناتو لم يقدم أي مساعدة له.
الجريدة الرسمية