رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ «محمد عبده» وقضية التجديد


من المعروف أن حياة الشيخ "محمد عبده" في غاية الثراء الفكري والثقافي بل والنشاط الاجتماعي، وذلك واضح من تاريخ حياته ودراسته بفرنسا، ومن خلال السنوات التي عاشها بين فرنسا ومصر، نجد تجليات فكره في الكتب والرسائل التي تركها ومن بينها مقالاته في "العروة الوثقى" و"رسالة في التوحيد" وحديثه الفلسفي مع الفيلسوف الإنجليزي "هربرت سبنسر" وكثير من الكتابات التي تحمل في طياتها اتجاهًا..


التي جعلت كثيرًا من المفكرين والمؤلفين سواء كانوا عرب أو أوروبيين يتناولون بالكتابة عنه وعن أفكاره سواء بالسلب أو الإيجاب.
ومن بين الذين كتبوا عنه "رشيد رضا" و"مصطفى عبد الرازق" و"أحمد لطفي السيد" و"عباس العقاد" و"حافظ إبراهيم" و"أحمد أمين" و"ماكس هورتن" و"شارل ادمز" وغيرهم.

تناولوا هؤلاء الكتابة عن أفكاره، وعن قضية التجديد، وكيف خاض كثيرًا من المعارك الفكرية من خفافيش الظلام الذين يؤثرون العيش فيه ولا تقوى عيونهم عن مواجهة النور، فقد انتقل الشيخ "محمد عبده" من بلد إلى بلد أي بين البلاد الأوروبية والعربية وربما يكون هناك اختلاف على بعض آرائه لكن هذا من طبيعة المنهج الفلسفي الذي يتحدث عن الإيجابيات والسلبيات.

فقد ولد "محمد عبده" بمصر في عام 1849 وذاع صيته بتأويل النص الديني، بل كان يدعو إلى الفهم الصحيح وتجديد الخطاب الديني، وربط مبادئ الدين بقضايا العصر والحضارة، فقد كان مجددا، وكان صاحب نزعة تنويرية في ذلك الوقت.

فقد عرفت فكر ذلك الرجل بداية من دراستي الأولى بالجامعة في قسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة القاهرة بمرحلة الليسانس، حيث يدرس فكره في إطار الدراسات الفلسفية، ثم تعرفت عليه أكثر بقراءة كتاباته ومن كتبوا عنه بعد ذلك بصورة متعمقة، فوجدت أنه يتميز بالحس النقدي، ولم يكن مجرد معارض لأفكار من سبقوه في مجال الدين، فقد كان يلجأ إلى التحليل والمقارنة والموازنة تعبيرًا عن إيمانه بالنقد الخلاق في صياغة وتشكيل العقل والوجدان..

دعا إلى تجديد الفكر الديني ووجد المعارضين بكل شدة من أصحاب العقول المغلقة.. فهل يتم النظر إلى مشروع هذا الرجل التجديدي فقد كان قاضيا للمحاكم الشرعية، ومستشارا في محكمة الاستئناف، ومفتيا للديار المصرية عام 1889، وعضوا بمجلس شورى القوانين عام 1889، وأيضا فقد اشتغل بالتدريس والوعظ والإفتاء بصورة مجددة تجمع بين التأصيل والتجديد..

لكنه وجد معارضة شرسة.

ما سبق سطور عن مصري أراد تجديد الخطاب الديني منذ قرن من الزمان...
الجريدة الرسمية