رئيس التحرير
عصام كامل

زعماء تحت الأضواء


منذ مقتل يوليوس قيصر وموت هارون الرشيد تغيرت خريطة العالم عدة مرات، وظهر زعماء على الساحة واختفى غيرهم.. وصولًا إلى منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي، حينما جمعت هواية التمثيل بين جمال عبد الناصر وأنور السادات، فقام الأول بتمثيل دور "يوليوس قيصر" في مسرحية عُرضت بحضور وزير المعارف العمومية، وبعدها بسنوات قليلة قامت ثورة "يوليو" وأصبح ناصر هو "قيصر" مصر الجديد الذي صنع نهضتها الحديثة قبل اغتيال مشروعه.


بينما حاول الثاني بعد أربعة شهور فقط من عرض مسرحية "يوليوس قيصر" أن يقنع الفنانة "عزيزة أمير" بموهبته في التمثيل، لكنه فشل في الحصول على دور سينمائي، وبدلًا من الوقوف أمام كاميرات السينما جلس بضع سنوات، خلف قضبان السجن، حيث مثل بداخله دور "هارون الرشيد" في رواية تمثيلية بحضور عدد من السجناء.. أما مبارك فقد تبادل معه الأدوار، حيث شارك أولًا بالتمثيل أمام الكاميرات في مشهد من فيلم "وداع في الفجر" قبل أكثر من نصف قرن من توديعه للسلطة وجلوسه خلف القضبان.

حملت عقود الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات مسرحية في المدرسة، ورواية تمثيلية في السجن، وفيلمًا في السينما بمشاركة ثلاثة رؤساء حكموا مصر لستة عقود.. ليقف هؤلاء الزعماء تحت أضواء الفن قبل أن يعيشوا سنوات طويلة من أضواء السياسة..

لكن رغم موهبتهم السابقة في التمثيل لا يمكن القطع أنهم أجادوا تمثيل مصر في كل الأوقات والظروف مثلما لا يمكن المبالغة في النقد بالقول إنهم "مثلوا" بمصر، يكفي أنهم أنجزوا ما يُحسب لهم وأخفقوا في أمور تُحسب عليهم.

توضيح
صدر مؤخرًا كتابي (أجنحة الفراشة) عن مؤسسة دار الهلال، ويضم الكتاب 60 مقالًا تم نشرهم خلال سنوات سابقة، في عدد من الجرائد والمجلات على رأسهم الغالية "فيتو".. وقد تمت تسمية الكتاب استنادًا إلى أحد مقالاتي السابقة التي حملت الاسم نفسه، وفي إشارة إلى نظرية تأثير الفراشة، وإيمانًا أن التأثيرات الصغيرة يمكن أن تتراكم وتصنع الفارق.

وبعد صدور الكتاب تلقيت تعليقًا من أحد الأصدقاء بوجود رواية للكاتب الكبير محمد سلماوي تحمل العنوان نفسه، وقد صدرت منذ سنوات ماضية، وهو الأمر الذي لم أنتبه له مسبقًا، كما لم أحصل على تعقيب من دار النشر عند اختياري عنوان الكتاب.. واحترامًا للحق الأدبي للكاتب الكبير محمد سلماوي فقد وجدت أن أخصص هذه المساحة العلنية من مقال هذا الأسبوع، لإبداء الاحترام والتأكيد على قيامي بتغيير عنوان كتابي عند إصدار طبعته الثانية، التي أعتقد أنها ستكون قريبة نظرًا للمبيعات الكبيرة للكتاب التي أشعرتني أن أجنحة الفراشة يمكن أن تُحدث الفارق الذي حلمت به.
الجريدة الرسمية