رئيس التحرير
عصام كامل

اللغط حول المستشفيات الجامعية


هذا ما وصلنا إليه!.. أستاذ جامعي فاضل ينقل ما وصل إليه من معلومات كاذبة ومضللة ليس لها علاقة بالواقع، ويكتب طالبا من رئيس الجمهورية إلغاء قانون صدر ونشر بالجريدة الرسمية منذ ٧ أشهر.. هل وصلت ثقافة الأساتذة إلى هذا الحد!


للأسف نجح بعض الزملاء من تيارات معينة في ترويج رسائل وصلتني شخصيا، كما وصلت لكثير من الزملاء منذ أسابيع بنفس النص في محاولة يائسة لمنع الإصلاح الجاري في القطاع الصحي.. هم نفس التيار الذي يرفض عمل امتحان الترخيص وتجديد ترخيص الممارسة بل وتوحيد برامج التدريب، وسبق أن رفض قانون التأمين الصحي.. ومن ذلك منع أي محاولة للإصلاح في المستشفيات الجامعية.

لم تتطرق الرسائل إلى أي ذكر للوضع الحالي الكارثي في المستشفيات من قلة التمويل وتناقص العامل البشري خاصة في التمريض والفنيين والعمال وقلة المستهلكات وتقادم الأجهزة والأدوات ومشكلات الإدارة وعدم وجود علاقة حقيقية بين عضو هيئة التدريس والمستشفى فمنا من يعمل خمسة أيام أسبوعيا، ومنا من لا يحضر نهائيا، ومعظمنا ومع تضخم الأعداد لم يعد يستطيع أن يعمل الحد الأدنى المطلوب سنويا للحفاظ على مهاراته وعدم وجود علاقة واضحة بين الدرجات المختلفة..

الخلاصة أوضاع كارثية نعلمها جميعا.

نقاشات استمرت عشر سنوات ومسودات كتبت تعدت العشرة في العدد، واختلف بعضها عن بعض اختلافا كليا ثم تم تشكيل لجنة العام الماضي لتوحيدها وكتابة المتوافق عليه وبعد نقاشات مستفيضة في البرلمان حضرت بعضها وحضرها وفد رسمي عن نقابة الأطباء صدر القانون ونشر في الجريدة الرسمية منذ ٧ شهور.

القانون فعلا جيد جدا يعمل على مشكلات المستشفيات وأعضاء هيئة التدريس ويبشر بإصلاحات حقيقية.

ثم اقرأ كلاما غريبا هنا وهناك ليس له علاقة بالقانون للأسف ينساق وراءه زملاء معظمهم لم يقرأ القانون، ويصدقونه ويتحولون إلى أدوات لذلك التيار الرافض لكل شيء حتى إنهم يرددون الأكاذيب دون استحياء ثم يتكلمون عن الحق والباطل.

شككت في نفسي وقد قرأت القانون عشرات وربما مئات المرات فيما يذكره هؤلاء.. أين المواد التي يدعونها عن إنشاء مستشفيات جامعية خارج كليات الطب؟ كذب صريح...

أين الكلام الفارغ عن إلغاء المجانية والمستشفيات الجامعية كلنا يعلم أنها تعمل بتعاقدات مع نفقة الدولة والتأمين الصحي التي تغطي كل من يدخلها بما فيهم مرضى الطوارئ وأنه لا يوجد ما يسمى بالمجانية الكاذبة التي يتشدقون بها!

هل حصول أعضاء هيئة التدريس على أجور عن عملهم بالمستشفيات وتحديد أوقات عملهم مع السماح لهم جميعا باختيار أوقات عملهم التي سيلتزمون بها يضرهم؟ أم يضر ويكشف من لا يحضرون نهائيا ولا يلتزمون بأي عمل ويرفضون الالتزام حتى لو أوقعوا الضرر بزملائهم؟!

هل تحمل المستشفيات مسئوليتها القانونية والجنائية في حالات المسئولية الطبية أفضل أم ما يحدث الآن من رفع كلية الطب دعوى تخاصم على أي عضو هيئة تدريس وإعلانها أنها غير مسئولة عن ممارسته المهنة في المستشفى الجامعي واستعدادها لخصم راتبه في حالة توقيع أي غرامة عليه؟!

هل وجود الأساتذة بشكل دائم وتفرغ بعضهم كليا في المستشفيات الجامعية يقضي على التعليم الطبي أم يوفر تعليما طبيا حقيقيا على مستوى وتدريبا نفتقده حاليا حتى وصل الحال في كثير من الأقسام إلى إعطاء شهادات دون تدريب حقيقي؟

هل تحديد واجبات الأطباء في عملهم الإكلينيكي وتوصيفهم وعلاقة الدرجات بعضها ببعض أم الفوضى الحالية التي سمعت فيها متدرب لم ينه تدريبه لكنه أنهى الدكتوراه يقول لأستاذ أكبر منه بخمسة عشر عاما لا فرق بيننا ولن أعمل ليلا إلا بالقدر الذي ستعمل به؟.. وقد رأينا في جامعات العالم المتقدم كيف يكون التدريب والدرجات والمزايا الإكلينيكية لكل درجة وكيفية استحقاقها والأخطاء أو التقصير الذي قد يؤدي إلى فقدها.

هل أصبح نقل النظام الموجود في كل الجامعات الكبرى من التفرغ والحقوق والواجبات هو الذي يمنع التدريب وحضور الطلاب الأجانب أم أن الفوضى وانعدام المسئوليات وانعدام التدريب هو الذي تسبب فعليا في ذلك؟!

ثم نأتي لنكتة البحث العلمي والادعاء أن استمرار الفوضى هو الذي سيدعم البحث العلمي وأن التفرغ للعمل والبحث ينهيه وأن زيادة الأجور تقتله.. أعلم أننا لن نستطيع أن ندفع مئات الآلاف أو الملايين لمن يحصلون على ذلك حاليا من العمل الخاص لكن القانون لا يحرمهم من العمل الخاص واللائحة تركت لهم اختيار وتحديد ساعات عملهم لكن مع الالتزام بها.. فلماذا لا يتقون الله في زملاء لهم يحتاجون فعلا للتفرغ للحصول على أجر يكفيهم ؟!

ثم نأتي لرأي نقابة الأطباء، والمقصود به رأي غالبية مجلس النقابة الحالي، الذي لا أتذكر أنه وافق أو تعاون مع أي جهد إصلاحي فرفض كل مشروع قانون وكل فكرة وكل نظام حاولنا نقله من الدول المرجعية لإصلاح النظام الطبي المتردي، سواء في التعليم الطبي أو التراخيص أو توحيد برامج التدريب أو التأمين الصحي، فسقطت عنه ورقة التوت ووضح للجميع النهج الذي يسير عليه...

نقابة الأطباء في أي بلد في العالم تكون مسئولة عن حقوق الأطباء ودعم محاولاتهم لاستعادتها وليس لعرقلة ذلك وتسويق الفكر الشعبوي ومنع الإصلاح في النظام الصحي والتعليم الطبي.

ثم نأتي للزج باستقلال الجامعات في الموضوع الذي أضحكني كثيرا ذكره وأدعي أني منخرط منذ سنوات في هذا الملف وأن من كتبوا هذا الكلام لا يعلمون معنى استقلال الجامعات ولم يهتموا به يوما لكنه لزوم تجميل الفكرة..

استقلال الجامعات هو الاستقلال السياسي والمالي والإداري وعدم تدخل السلطة التنفيذية في شئونها، وكما نرى فالقانون يدعم هذا الاستقلال فالمجالس كلها جامعية وتعمل على توفير الموارد عن طريق التعاقدات العادلة لتحقيق الاستقلال المالي والإداري للجامعات، وتساعد الجامعات على حل أكبر مشاكلها وهي خسائر المستشفيات الجامعية والخلل الرهيب في هياكل كليات الطب وانعدام العلاقة القانونية بين الأطباء والمستشفيات.
الجريدة الرسمية