رئيس التحرير
عصام كامل

قلب موجوع!


أنتمى لجيل تعرض لعواصف عديدة عاتية، سياسية واقتصادية واجتماعية.. جيل فتح أبناؤه عيونهم على كارثة ضياع فلسطين، وبدأ يكتسب الوعي وبلاده تحت الاحتلال.. لكنه عندما بدأ يلج مرحلة الصبا والشباب كانت أحلامه قد وصلت إلى عنان السماء.. لكن صدمة هزيمة يونيو ٦٧ كانت مروعة له وقاسية عليه تركت بصماتها غائرة وعميقة في نفوس أبنائه..


وإذا كان نصر أكتوبر قد أعاد إليهم التوازن النفسي، إلا أن ما تلاها من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية كانت بمثابة صدمة أخرى لأبناء هذا الجيل، خاصة أنها جلبت معها تدهورا متعدد الجوانب في حياته وحياة كل أهل البلاد، وانصياعا لإرادات خارجية، إقليمية وعالمية، وفسادا استشرى، وصعودا للفكر المتطرف الذي أفرخ لنا إرهابا وعنفا وتعصبا، وأثمر لنا في نهاية المطاف حكما فاشيا مستبدا تخلصنا منه بمعجزة.

وكنت أتساءل دوما عن تأثير ذلك على القلب الذي واجه كل ذلك، هذا فضلا عن المشكلات والأزمات الخاصة والشخصية، التي تمثلت بالنسبة لي في الفصل من العمل والاعتقال والمطاردة لأكثر من ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، مع فقد الأحباب.. نعم لقد ظل القلب يقاوم ويمنح القدرة للجسد على الصمود والتصدي لتجاوز المحن الخاصة والعامة، الشخصية والوطنية، لكن المعارك لا تخلو من الإصابات..

الجيوش عندما تخوض الحروب تفقد عددا من المقاتلين ويصاب لها أعداد أخرى.. فما بالنا بقلوب خاضت وما زالت تخوض معارك مستمرة لا تتوقف.. لا بد أن تتعرض هي الأخرى للإصابة، حتى إن ظلت تقاوم.. هذا هو قدرها.. المهم أن تظل قادرة على أن تحب وتهدي أصحابها إلى طريق الخير والحق والجمال والعدل.. وكل القيم الجميلة التي نتمنى نشرها في مجتمعنا، وأن تسود بلادنا، ما دامت هذه القلوب قادرة على أن تنبض.
الجريدة الرسمية