رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

نحن من يصنع الفنكوش


الفنكوش هو صناعة الوهم وتضخيمة والمتاجرة بكل ماهو جديد أو مثير لتحقيق ثروة أو شهرة، لكنه أخطر وسائل إلهاء الرأى العام وإغراقة في مستنقع الجهل، وهو دليل على ضعف العقول ونضوب صناعة الأفكار، وهذه ظاهرة من سلسلة الظواهر التي ظهرت وترعرعت بعد موجات الثورات التي مرت بها مصر في السنوات الأخيرة. 


وهنا نريد تشريح ظاهرة اجتماعية للوصول إلى إجابة واضحة، لأن النسيج المجتمعي وتعالى منظومة القيم والأخلاق جزء أصيل من منظومة الأمن القومي المصري، وأهم مكون استراتيجى لصناعة التنمية والتقدم التي دائما يناشد بها الرئيس السيسي، من أجل مستقبل حقيقي لشعب مصر العظيم، ودعونا نرصد عدة مشاهد لصناعة الفنكوش، الذي يحاول تغييب العقل وتجهيل المجتمع، وشيوع حالة من السيولة في منظومة العادات والقيم والأخلاق.

ظاهرة "حمو بيكا" و"مجدي شطة" وغيرهم من مطربي المهرجانات، وهنا لا نتساءل عن مفهوم أغاني المهرجانات ولا عن هذه النوعية من الأغاني البعيدة عن رقابة نقابة الموسيقيين، فلا هم مطربون معتمدون، ولا توجد رقابة على مضمون تلك الأغاني، ولا على إقامة مثل هؤلاء لحفلات، ولكن ما يهمنا هو إننا بقصد أو غير قصد من نصنع هؤلاء. 

فلم يسمع بهم أحد إلا بعد نشر خبر صغير عن مثل هؤلاء، وفجأة نجد طوفان من الأخبار والتصريحات بين "حمو بيكا" وأمثاله وفضائيات تستضيفهم، وكأن بعض وسائل الإعلام لا يهمها سوى النشر ورفع نسب المشاهدة، وهنا بداية الكارثة، فسنجد فضائيات وصحف تستضيفهم وتتطور الأزمة لمنتج سينمائي مثل السبكي، وغيره ممن ينتجون أفلام لهؤلاء لاستثمار هذه الظاهرة، لمزيد من المكاسب على حساب إفساد الذوق العام ومنظومة القيم.

وفجأة نجد هذه الظواهر ما بين مؤيد ومعارض، ومع الأيام نجد هؤلاء نجوم مجتمع وقدوة لبعض الشباب، فتخيلوا تأثير هؤلاء على شباب مصر، فهل أدركتم أننا من نصنع الفنكوش.

إعلام ما بعد 25 يناير، أفرز لنا ظاهرة غريبة ومثيرة للجدل، فكل من يظهر على الفضائيات أصبح خبيرا استراتيجيا وأمنيا واقتصاديا، وغيره من قائمة الخبراء ومستشاري المنظمات وخبراء التحكيم الدولي وشيوخ الفضائيات، فشاهدنا وجوه لا أحد يعلم عنها شيئا بلا تاريخ سياسي أو معلوماتي، فقط كل مؤهلاتهم علاقاتهم بوسائل الإعلام.

أصبحوا مثل الفقرة الدائمة، نفس الوجوه تتنقل بين الفضائيات والصحف تقول نفس الكلام المثير للأزمات، أكثر منه مشاركة في صناعة المعرفة والوعي والدفع للبلد نحو الاستقرار والتنمية، شاهدنا صراعات وأيدلوجيات مختلفة لهؤلاء وبعضهم كان أدوات لنشر أفكار معينة، ساهمت في حالة ضبابية أربكت المواطن المصري وجعلت كثيرين الآن يعزفون عن متابعة الإعلام.

الصورة أهم من القيمة، والشهرة أقوى من المعلومة، والخبرة وهي قمة صناعة الفنكوش التي ظهرت وتغلغلت في وجدان كثيرون في مصر، فنجد كثيرين الآن يسعون بكل قوة للظهور في المناسبات العامة، ومكاتب المسئولين لالتقاط الصور معهم، ونشرها في محاولة لصناعة شهرة زائفة، ونفوذ وهمي وترويج أنهم من أهل الثقة، ومشاركين في بناء مصر الجديدة، وهؤلاء يتاجرون بذلك بحثا عن طموح سياسي أو شعبي.

ولكن ماذا قدموا؟، ما هو تاريخهم في العمل العام؟!

لا شيء، فنكوش يتحرك على الأرض، عبر بدل فخمة وشعارات رنانة بلا مضمون، جوفاء كالصحراء القاحلة، وللأسف مثل هؤلاء أصبحوا ظاهرة قادرة على طرد العملة الجيدة وأصحاب الأفكار والعقول المبدعة.

أؤكد أن بعضنا من يصنع الفنكوش، ويساهم في ترويجه والمتاجرة به من منطلق الاستسهال، والبحث عن شهرة أو ثروة، ولكن ذلك على حساب مستقبل شعب يسعى للاستقرار والتنمية، لذا لابد من وقفة حاسمة ضد كل هذا العبث من كافة الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني، لأننا جميعا في حاجة ماسة لتعظيم دور منظومة القيم والأخلاق، فالبقاء للعقول صانعة الأفكار والتنوير.
dreemstars@gmail.com

Advertisements
الجريدة الرسمية